صفحة الكاتب : منظر رسول حسن الربيعي

تأملات في عراق موحد وقوي ـ2
منظر رسول حسن الربيعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الموضوع الذي تم بحثه في المقال السابق والذي حمل نفس العنوان هو طرح تصور عن شكل الدولة ومؤسساتها والأليات التي تجسدها كطموح شعبي ملح , أما بحثنا الراهن يستهدف البحث في الهوية الوطنية الجامعة او بالحد الادنى  في هذه المرحلة التسيير الفكري والثقافي لمؤسسات الدولة المنشودة من خلال إيجاد مظلة فكرية للدستور يحتكم اليها عند الاختلاف في الرأي .

العلاقة بين الجيش والمشروع الوطني

 بعد ثورة العشرين وتأسيس الدولة العراقية عام 1921 كان من المؤمل ان يترجم توحيد المجتمع في احتواء كل الهويات الفئوية ضمن هوية وطنية جامعه يتضمنها(الدستور) لكن ما حصل فعلا أما الاهمال التام لهذه الهويات أو محاولة تدميرها واحلال الهوية الثقافية للقوة المتسلطة طيلة العقود الماضية .ومن الملفت للنظر كانت المؤسسة السياسية العراقية ومازالت فاشلة في أدارة التنوع الاجتماعي في البلاد وايجاد العوامل المنظمة له كالمشاركة في السلطة والمساوات والعدالة والتنمية وكل المظاهر المرتبطة بالدولة الحديثة التي تستوعب الاختلافات وتحقق الرضا الوطني.وعلى ضوء ما تقدم ولمعطيات عديدة وضرورات ملحه تدفع الى الاعتقاد بأن طبيعة الظروف والمرحلة التي يمر بها العراق تقتضي بلورة أو صياغة مشروع ميثاق للوحدة الوطنية تتجلى من خلاله قيم وثوابت الهوية الوطنية وفق منظومة توازنات ونمط انتاج اجتماعي يسمح بخيارات محدده ويمنع أخرى حتى تسود ثقافة التسامح والحوار والسلم الاهلي والاخوة بين المواطنين .ولعل الاهم في هذا المقام هو الوقوف عند الملامح العامة لفكرة الميثاق الوطني التي تتضمن أطروحات وروئ القوى والهويات المتعددة والمختلفة والتي تختزل ما اتفقت عليه هذه القوى والمكونات في سياق تعاطيها مع متطلبات المرحلة كنتاج  استقراء لعمليه سياسيه واسعه ذات مكونات وعوامل متنوعه.و يجب أن ينظر اليها بعدم امكانية تحقيقها من خلال المبادرات الفردية لكونها تولد من رحم التفاعلات الفكرية والسياسية حيث لا معنى لها مع غياب أختلاف ينتهي الى صناعتها وطرحها تتويجا لجدل أحاط بها وتقديمها كمرجعيه فكريه يحتكم لها عند الحاجة و يتم تدريسها كمنهج في المدارس لترسيخ قيم التعايش السلمي والاعتدال, ومن ثم يأتي دور المؤسسة العسكرية في تناولها واعادة تجسيدها كواقع عملي معاش يكون أحد أسباب القوة و الوحدة للمجتمع بما يجعل من العلاقة بين الجيش الوطني والمشروع الوطني علاقه تكامليه أحدهما يستمد قوته من الاخر.وفي تطور لاحق تتمكن المؤسسة العسكرية من أتخاذه كعقيدة فكرية تؤسس لعقيدة عسكريه ناجحة تتوفر بموجبها ارادة القتال,

ارادة القتال عند الجيش الوطني

ما زالت السمة السائدة التي اتسمت بها أغلب جيوش بلدان العالم الثالث عندما تؤسس تحت شعار( الله, القائد او الملك ,الوطن) وتسخر امكانياتها لحماية الانظمة الحاكمة فضلا عن دخول الكثير منها كطرف في صراعات داخلية, ومما لا شك فيه العراق أحد بلدان هذا العالم مضاف اليه خصوصية المجتمع والتنوع القومي والاثني فيه, لذلك عندما يتم البحث في بناء الجيش وفق الاسس الوطنية الصحيحة لابد ان يكون البحث في المشروع الوطني أولا و تحديد المفاهيم المتبادلة بينهما , من خلال اعتبارين الاول الجيش يستمد قوته المعنوية من المشروع الوطني الذي يستمد قوته ورسوخه من قوة الجيش أما الاعتبار الثاني ان ما يسمى بالجيش الوطني هي القوة التي تمتلك ارادة القتال والدفاع المستميت عن الشعب بواسطة تكامل عناصر قوتها الذاتية المتكونة من ثلاث أسس جوهرية هي العقيدة الفكرية والعقيدة العسكرية والسلاح المناسب .

 العقيدة الفكرية هي التي تؤسس حرفية المؤسسة العسكرية استنادا الى ما تضمنته مفردات المشروع الوطني الذي تبلور بمبادئ الميثاق الوطني المكتوب بالأجماع وبالتالي تتكون على ضوئه أدبيات الدولة السياسية. كما في تجارب الدول المختلفة مثل حالة الجيش التركي الذي اوكلت له حماية العلمانية التي وضع مبادئها مؤسس الجمهورية التركية كمال اتاتورك. وفي ايران التي تشكل فيها جيش الحرس الثوري لحماية مبادئ الجمهورية الاسلامية التي أسسها السيد الخميني (رحم). والامر نفسه في حالة الجيش الشعبي الصيني المكلف بحماية الاشتراكية الصينية التي اسسها ماو ولاحقا وضع مبادئها الجديدة دينغ هيسياوبينغ. اما في روسيا والولايات المتحدة فأن العلاقة بين العقيدة الفكرية والعقيدة العسكرية أكثر وضوحا فالنزعة القومية الروسية وحماية مصالح البلاد وتأمين الحدود ومنع حلف الناتو من الوصول الى المناطق الملاصقة لها اعتمدت سياسة الردع النووي كعقيدة عسكرية للجيش تمتلك برامج وابحاث نووية و قدرات صاروخية كبيرة تحيطها بسرية تامة. اما بالنسبة الى مصالح الولايات المتحدة الامريكية العابرة للقارات فرضت على الجيش الامريكي تبني عقيدة فكرية تستند الى مبدا ( وأد العدوان قبل وقوعه) او الذهاب الى منطقة الخطر وبالتالي اصبحت العقيدة العسكرية التواجد في كل مناطق العالم وتقسيمه الى مناطق عسكرية فضلا عن البحث في تسليح الفضاء واطلاق برامج الدرع الصاروخي. اذن العقيدة العسكرية هي عملية توظيف الاهداف بالبرامج بعد تحديد الواجب أو المعضلة كنتاج لتوجهات الدولة الفكرية التي تفرز الغاية المطلوبة من الجيش وبالتالي تتحدد صنوف وعدد واعداد القطعات العسكرية ونوعية السلاح والتجهيز المناسب.

ان المرحلة الحالية تتطلب من الجهات الرسمية و المنظمات والفعاليات الشعبية والجماهيرية الشروع بالحوار وتبادل الرؤى وصولا الى مبادئ الميثاق الوطني المنشود كمرجعية فكرية وسياسية للدولة وأداة تربوية لبناء الشخصية العسكرية سواء على مستوى الافراد او المؤسسات بشكل عام .ومن ثم تبني عقيدة عسكرية دفاعية تتلائم وطموحات المجتمع في تشكيل قوات مسلحة دفاعية تمتلك ارادة القتال قادرة على حماية الحدود والحفاظ على الوحدة الوطنية.

 

 

 

 

 

نموذج ميثاق وطني

1ـ ان الله  سبحانه وتعالى قد كرم الانسان وفضله على سائر مخلوقاته و سخر الكون لأجله تجب رعايته منذ ولادته حتى بلوغه الكبر في دولة تضمن للفرد ذكرا كان ام انثى  الحق في التعبير عن  شعائره الدينية بحرية وأخذ دوره الانساني في حركة المجتمع ككل.

2ـ العراق دولة مسلمة لا مذهبية لأن الاسلام ليس ملكا لأحد والمعرفة فيه ليست وقفا على مذهب معين دون اخر.  

3ـ الشعب العراقي يتكون من عرب واكراد وتركمان أو مسلمين (سنة وشيعة) ومسيحيين واقليات اخرى متساوون في الحقوق والواجبات.

4ـ نظام الحكم مدني والاغلبية فيه حجة مقيدة بالأصول الدستورية والشرعية واشرف التقاليد .مستندا الى ثلاث لآت .لا يحق لفرد ولا يحق لجماعة ولا يحق لفئة التحكم بمصالح الشعب الذي هو أدرى بمصالحه,

5ـ الجيش فوق الميول والاتجاهات السياسية والقومية والمذهبية وهو رمز الوحدة الوطنية وحارسها الامين يضم بين جنباته كافة اطياف الشعب العراقي.

6ـ العراق بلد يؤمن بالسلام والتعايش السلمي بين الشعوب والامم, يسعى الى بناء جيش وطني قوي ذات عقيدة دفاعية صرف.  


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


منظر رسول حسن الربيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/04



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في عراق موحد وقوي ـ2
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net