بعد ان نال منهم التعب , شرعت الوحوش بهجومها الشامل , تقدمت الوحوش العملاقة , التي لا طاقة لهم بها , لا تؤثر فيها الرماح والسيوف , ولا حتى النبال , يعقبها الخيالة , ومن بعدهم المشاة , ذوو الهياكل الضخمة .
انسحب الثوار تدريجيا , بعد ان تشتتوا وتمزقت صفوفهم , نحو الغابات لعلها توفر لهم الملجأ الامن , فتوقفت الوحوش العملاقة ليأخذ الخيالة دورهم في ملاحقة فلول الثوار المنسحبة .. او الهاربة , توقف الخيالة على مشارف الغابات , ليفسحوا الطريق لمشاة الوحوش لتولي مهمة حرب الغابات , على حين غرة , صدرت الاوامر من الوزير خنياس بانسحاب المشاة , ما ان انسحبوا حلقت الوحوش الطيارة لترش الزيت على عموم الغابات , تلتها وحوشا طيارة تحمل حجارة ملتهبة , احترقت الغابة بمن فيها , بينما تدافع الثوار للخروج من الجهة الاخرى للغابة , كان الحرس الامبراطوري في انتظارهم , لكن الشمس قررت انهاء القتال لهذا اليوم ! .
تفقد الثوار بعضهم بعضا , وشرعوا بإسعاف من يمكنهم اسعافه , ادرك ينامي الحكيم والقائد خنكيل انهما لا يمكنهما القتال بمن تبقى من الثوار , لذا علقا آمالا كثيرة على المدد .
في اليوم الرابع , لم تكن هناك ثمة حرب , جيوش الوحوش تسيطر على الارض , ووحوشهم الطيارة تسيطر على السماء , تترصد اي حركة هنا او هناك , فتنقض عليها , بينما اختبأ الثوار في ما تبقى من الغابات , او في كهوف ومغارات الجبال , في غضون ذلك , اقترح القائد خنكيل ان ينسحبوا الى مكان قريب من مفرق ايروس , على ان يتم ذلك ليلا , هناك يعيدوا تنظيم الثوار , ثم يعاودوا الهجوم مرة اخرى , والا لا يمكن الاستمرار على هذا الحال , وافقه ينامي الحكيم و وافقه الجميع .
حالما ارخى الليل سدوله , خرج الثوار من مخابئهم في الغابات والكهوف والوديان , من بين الصخور والحفر , انطلقوا زاحفين الى مكان قريب من مفرق ايروس , حيث اعيد تنظيم صفوفهم , استمروا حتى الصباح الباكر , ثم انطلقوا بهجوم باغت جيوش الوحوش التي ظنت ان النصر والحظ قد حالفها هذه المرة , تراجعوا الى الوراء امام اندفاع الثوار السريع , لم تنجدهم الوحوش الطيارة فقد كانت في فترة الراحة , ولا يمكنها الطيران لليوم الثالث على التوالي , ولم تنفعهم قاذفات اللهب ايضا , لأن الثوار اما خارج مرماها او ان اختلاط الوحوش بالثوار يحول دون ذلك .
استمرت المعارك الطاحنة حتى المغيب , سقط الكثير من الفريقين , الا ان ذلك لم يؤثر على جيوش الوحوش لكثرتها , واستمرار تدفق المدد عليها , اما على الثوار فكان التأثير سلبيا , حيث كل من يسقط منهم لا يوجد من يعوضه :
- لدينا عدة فرق تركناها قبالة الدولة الكنكورية ... سنأمر باحضارهم الى هنا ! .
- كلا سيدي ... اتركهم ... بقائهم هناك ضروري جدا ... الكنكوريون حلفاء مخلصون للوحوش ... لا يؤمن جانبهم ابدا ! .
- اذا نرسل في طلب المزيد من المتطوعين ! .
- هذا لا ينفع ايضا ... غالبا ما يكون المتطوعين عديمي او قليلي الخبرة في الحرب ... حضورهم سيكون انتحارا ... اترك المتطوعين لحماية مدنهم من هجمات الوحوش ! .
- عزيزي خنكيل ... ماذا نفعل اذا ... وانت ترى ان اعدادنا تتناقص واعدادهم تتكاثر ! .
- سأرسل المزيد من رسلي الى مدن الامبراطورية واطلب منهم ان يلتحقوا بي ! .
- لقد سبق وان ارسلت ... جاء قليل منهم فقط ! .
- وضعت الكثير من العراقيل بطريقهم لذا وصل القليل القليل ... سوف ارسل بطلب المزيد والتعجيل بحضورهم ! .
تكلم القائد خنكيل مع بعض من يثق بهم , اوصاهم بجملة من الوصايا وطلب منهم الاسراع في اداء مهامهم , أدوا التحية جميعا وانصرفوا مسرعين , كلا انطلق في جهة .
بزغت الشمس لتعلن فجر يوم جديد , ولتبدأ معه مجازر اخرى , لا تقل عنها الما ورعبا , حيث اعدّ الوحوش العدة , اعدادا كثيرة تدفق كالسيل , ومن ثم يلتحموا بالثوار , شاهد ينامي الحكيم وصول مددا من المتطوعين , فألتفت نحو القائد خنكيل وكأنه يعرض عليه الامر للمشورة , الذي رمق جيش الوحوش المتدفق بنظرة مريبة وقال :
- فليكونوا على الميمنة ! .
انطلقوا الى هناك بعد اشارة ينامي الحكيم , والتحموا بجيوش الوحوش هناك , حيث كانت تنوي الالتفاف على الثوار من الخلف , عادت قاذفات اللهب للعمل مجددا , بعد ان تمكّن الثوار من اصلاحها , فكانت خير معين لصد هجوم الوحوش الطيارة , وكذلك لدك مشاة جيوش الوحوش , الى الميسرة البعيد , لاحظ القائد حنكيل هبوط الوحوش الطائرة , محملة بالحرس الامبراطوري , فأدرك انهم سيشنون هجوما مباغتا من ذلك المكان , امر الضابط سيزون ان يأخذ فرقتين من وحوش الخناكل ويتصدى لهم قبل ان يصلوا الى ميدان القتال .
أبلت وحوش الخناكل بلاءا حسنا بالتصدي للحرس الامبراطوري , خصوصا عندما تمكن الضابط سيزون من قتل قائدهم جيسيس , تفرق بعضهم , بينما اختار كثيرا منهم التوقف عن القتال والالتحاق بالقائد خنكيل , هكذا قرر ضابطهم ديدال , البديل للقائد جيسيس , فتعانق مع الضابط سيزون , وشنوا هجوما شرسا على جيوش الوحوش , التي تأثرت كثيرا بذلك , حيث ان بعضهم اثبطت معنوياته , وتشجع اخرون لإعلان التمرد على ضباطهم وقادتهم والالتحاق بالقائد خنكيل , حطموا رايات الامبراطورية التي كانوا يحملونها , وانضموا بكل عددهم وعدتهم للقتال بجانب الثوار , لكن .. من الجهة التي يقودها القائد خنكيل , الذي ابتسم لهم مرحبا , ثم رمق ينامي الحكيم ببسمة دلت على نجاح خطته في ارسال مبعوثيه , فبادله نفس الابتسامة امرا الثوار بالصمود , مبشرا اياهم بالتحاق المزيد .
منعت الشمس نورها عن الارض , كي تقف حائلا دون استمرار القتال , انسحب كلا الفريقين الى معسكراتهم , تجمع قادة وضباط الوحوش حول القائد خنكيل مؤدين التحية له بالإمبراطور , رحب بهم كثيرا , بينما هم كذلك , جاء احد الخناكل مسرعا مبشرا القائد خنكيل بوصول المزيد من الوحوش عبر الوادي الضيق , فهرع الجميع لاستقبالهم , كانوا من كافة صنوف الجيش الامبراطوري , أعاد القائد خنكيل وينامي الحكيم ترتيب صفوفهم وطلبا منهم الخلود للراحة .
هذه المرة , لم ينتظر الوحوش بزوع اشعة الشمس , شنوا هجومهم قبل ذلك , لا يزال اغلب الثوار نائمين , فأخذوا على حين غرة , دقت الصافرات وقرعت الطبول لإيقاظهم واستنفارهم , هرعوا الى سلاحهم وتصدوا بشكل عشوائي , مع ذاك كان بإمكانهم ايقاف الجيش الزاحف نحوهم .
خلف جيوش الوحوش كانت هناك سرايا تابعة لوحوش الخناكل تسعى الى الالتحاق بالقائد خنكيل , لكن الفرصة لم تسنح لهم بعد , اقترح ضباطهم ان يكونوا في المقدمة , فان وصلوا للمقدمة انشقوا عنهم والتحقوا بقائدهم القديم , انتظروا الاذن طويلا , احتج احد القادة انهم سيقررون في الليل , فكان لزاما عليهم ان ينتظروا حتى يجتمع القادة في الليلة المقبلة .
غابت الشمس ليتوقف القتال , حالما هدأت الاصوات , بدأ عدد من الوحوش الالتحاق بمعسكر الثوار , لكن وحوش الخناكل لم تتمكن لبعد مواقعهم عن الميدان .
صبيحة اليوم التالي , لم يتقدم جيش الوحوش , بل نصبوا قبالة جيشهم الكثير من الاعمدة , كانوا ينوون اعدام من القوا القبض عليه ممن كان ينوي الالتحاق بالقائد خنكيل , فقدموهم امام الجيش , ليكونوا عبرة للجميع , اكثر من الف وحش , حدق القائد خنكيل فيهم , وظن ان عليه ان ينقذهم من محنتهم , لكن كيف سيكون ذلك ! .
لاحظ ان سرايا وحوش الخناكل التي لا تزال تقاتل في صف جيوش الامبراطورية متقدمة , يبدو ان القادة سمحوا لهم ان يكونوا في مقدمة الجيش , فأسرع نحو قاذفات اللهب , طلب منهم ان يوجهوا حمم قذائفهم في مكان معين بمجرد ان يستلموا الاشارة منه , التفت نحو الضابط زناكاف سائلا :
- من يتولى قيادة وحوش الخناكل هناك ؟ .
مشيرا بيده صوبهم , تأمل الضابط زناكاف قليلا ثم اجاب :
- لابد وانه ( كيعين ) سيدي ! .
- حسنا ... اطلق الاشارة له ! .
اطلق الضابط زناكاف شعلة نارية في اتجاهين , احدها كان نحو المقيدين الذين سيتم اعدامهم والاخرى نحو قاذفات اللهب , في الجهة المقابلة , فهم الضابط كيعين الاشارة , واستعد للإشارة التالية .
************ يتبع
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat