استراتيجيا الاعلام الاسود في المنطقة العربية خفايا واسرار
قصي شفيق
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قصي شفيق

خفايا واسرار
أولاً: ماهية الاعلام الاسود
بالنظر لأهمية الموضوع واتساع انتشار الاسود اذ نود تحليل ماهية الاعلام ولماذا جاء والى اي جه يعمل؟ ولماذا اخفاء الحقائق واعطاء التضليل بدلاً عن الحقائق؟. ولماذا التلون والغش والخداع؟ فقد نجد الاجابات كثيرة نستطيع معالجتها بوسائل اخرى توعوية مهنية وموضوعية تكشف لنا ماهية الاسود لان دور الاعلام الحر يجب ان يتحلى بالدور الوظيفي في نقل الاخبار والاحداث بصدق لساحة التلقي حتى يتعرف بنفسه على احداثيات واسرار الاعلام المضلل دون الوقوف كثيرا على الازمات وترويجها او نكون ادوات للأعلام المضلل حتى نساهم معهم بالنعرات الطائفية والتقسيم الطبقي والعرقي فتفعيل الحقد والكراهية والحروب النفسية جاءت من مشاركة فاعلة للجمهور وهنا الازمة التي نحاول كشفها للشارع العربي فمسارات الاسود تعطي للأخر صور مشوه قبيحة تحاول زرعها فينا وللأسف هناك من يذهب بعواطفه وميولات للاندفاع دون الرجوع الى الاصل او المصدر الحقيقي لذلك نقول ان ماهية الاعلام الاسود تتركز على تزيف الحقائق واستبدالها بقضايا يرغبها من يريد الانجرار وراء تاريخ وعناوين ساذجة يحاول ايعاد انتاجها من جديد للتذكير دون تجاوزها والعمل على الافضل.
فراح الاعلام الاسود يتصدر المشاهدة الاولى بين محطات الاعلام الصادق فالغرض الكيدي لنوع الاعلام اصبح يشكل تهديدا حقيقا لأمن وسلام المجتمعات حتى اصبح يهدد امن واستقرار المنطقة وخصوصا البلدان التي تشهد اليوم ساحة حرب للقضاء الى المواطنة والتأصيل العربي فضلا عن كون الاعلام يتغلل في صميم الجذر العربي, حتى اصبحنا بلا هوية بلا عرب لا تماسك لا وحدة عربية لا رحمة بينننا كأمة تتحدث لغة واحدة.
وفي بعض الاحيان يتشغل هذا الاعلام بالاحتراف العالي فهو لا يعطيك المجال لتكذيب الخبر او الحدث او الموضوعات المقدمة فقد يقدم ما يستوعبه عقلك المادي للأشياء فهي خدعة للهيمنة على سلطة العقل فهدفها الكيدي تحقيق مارب اخرى لشخصية اخرى.
ولان المجتمع يحمل جملة من الاكاذيب ما ادخل الوعي الجمعي للمجتمع حتى صار قابل للاختراق فلأعلام توسع وتعاطى مع الارضية الهشة فعصر التصديق للأكاذيب وجد صلاحيته بسبب تواصل وتفاعل المجتمع ( بث_ نقل _ تصديق _ اقناع_ سلوكيات عدوانية).
فمنذ قرابة العشرون عام الماضي تباين وجهاً اخر للأعلام المهني وجه محاط بالخداع توغل تدريجياً في ساحة التلقي فلم يكن يحدد مساره واهدافه وابعاده الايدلوجية التي جاءت وراءها مخططات صناعة الاعلام الاسود مع تطور الحداثة جاء المستهلك العربي ليتصدر قائمة الاستهلاك للفكر المضلل كونها البيئة التي تحتضن الآراء بمخالفها لكن دون ترجمتها والتعرف على ابعادها المخفية فقد افاد العربي من التطور التقني من اخبار وبرامج سياسية ومسلسلات افلام حتى اصبح الشارع العربي هو نقطة التحول للأحداث والنزاعات والصرعات التي جاءت بالبرامج التلفزيونية والاذاعية كنقطة انطلاق للأعلام الاسود من حيث اجندات وميولات سياسية تحريضية تحاول شحن الشعوب على بعضها من حروب واراء دينية وسياسية الغرض والهدف الاعلى التحريف والتضليل لذلك تعاطى الشارع العربي من ابرز المحطات فقد ضاع العربي بين مكذب ومصدق للأخبار ( غياب الحقيقة ضياع المصداقية).
فالأعلام الاسود هو اداة لطعن الشعوب بمفاهيم مغلوطه فلكل شيء يدخل نفق التسويف والظلامية لتبديل الاعلام الصادق حتى بات الاعلام الاسود اليوم هو المحرك للبيئة العربية التي ضاعت في حدودية الحرية المقنعة.
مما سلف سابقاً يمكن للباحث ان يحدد جملة من التعاريف التي توصف مفهوم الاعلام الاسود كشفها وخفايا اسرارها بشكل ادناه.
1. الاعلام الاسود: الدعاية السوداء وهي تتناول الجوانب التشاؤم من الحدث ويعتمد تقديم المضمون الدعائي بدون اي مصادر حقيقة.
2. الاعلام الاسود: يسعى دائماً لنشر معلومات سوداء مضلله اكاذيب للتأثير على الجمهور بمستويات مختلفة.
3. الاعلام الاسود: تغير الجذور من خلال الوعي الجمعي اذ تدريب الاذن على التأشيرات التي تقبلها من جه بمعزل عن الاخرى.
4. الاعلان الاسود: حالة من الحرب النفسية تمارس من طرف سياسي ضد طرف اخر تفتقد للموضوعية والمهنية والحيادية.
5. الدعاية السوداء: الدعاية السوداء تعتمد العنصر الاساءة للراسخ والمقدس من الكذب والتزوير تضليل بالحيل والدسائس.
6. الدعاية الاسلامية السوداء: جزء من الاسلام الاسود من الواقع فهو يدعو ان يكون صادق يقدم شكل انتقائي لا اسلامي.
7. الاعلام الاسود : يعتمد مفهوم التضليل والخداع والكذب فهو لا ينتمي الى حقيقة فعلية وانما المراد تحريض الجماهير على حسب المادة المروج دعائياً.
ثانياً: التخطط والاليات المستقبلية للانتشار الاعلام الاسود
يشكل هذا التيار خطرا على شعوب المنطقة العربية فضلا عن صناعة لأعلام مزيف ليشكل واقعا يومياُ فكل ما ورد هو جزء من خطة الإعلام الأسود، وصناعة الكذب والتلاعب بالعقول بقدر ما تعبر عن «إعلام أسود» يبث الأكاذيب وينشر الحقد. إذ يتراكم التضليل ليتحول إلى تحريض سياسي يفسد مدركات الناس بإشغالهم بمسائل ثانوية غير مهمة أو أقل أهمية. وما بين حملات تشويه منظمة من طرف ضد آخر، واستغلال السلطة وقدراتها الإعلامية الكبيرة في تضليل الرأي العام وتعبئته ضد الاتجاهات الاخر.
الإعلام الأسود أو صناعة التضليل هو من أخطر الوسائل أو الحروب التي تستهدف عقول البشر، وكانت صناعة الكذب تمارَس عبر الصحف المطبوعة والراديو والتلفزيون الحكومي، والاعلانات ولكنها سرعان ما توسعت عقب انتشار وسائل الإعلام الحديثة وتكنولوجيا الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، مما اعطى للأعلام الاسود مساحة تصدره بها خطاباً موسعه مفاده التحريف واثارة البلبلة.
ثالثاً: وسائل الإعلام المنحرف عن الحقائق.
تتراوح وسائل الإعلام الأسود بين الكذب الصريح وبين تحريف المعلومة والتضخيم والتهويل والإثارة والبلبلة واثارة الفتن والكراهية والحقد ، والمقصود به توصيل المعلومة محرفة أو خارج سياقها المنطقي فالهدف القائم بينهم تغيب المتلقي عن الحق واعطاءه الباطل باطار فني مضلل.
لعل التحريف يتخذ وسائل ومن ابرزها على الشكل الاتي:
1. تزيف الآراء: تحريف الراي وتضليله لصالح اتجاه معين ما مع تشويه صور الشخصيات.
2. الصمت الاعلامي: ويقد هنا السكوت عن قضايا تخص الراي العام وعدم كشفها او تشخيصها او حتى توضيحها لذلك يتخذ الصمت.
3. غياب المصادر الحية: تجاهل كل معلومة من مصادر حية معتمدة موثوقة والاعتماد على مصادر سرية او وهمية او مجهولة وبهذا يعطي الاعلام الاسود المجال للفتن والشائعات ونشر الأكاذيب للراي العام.
4. التعبئة الاعلامية المشحونة: الفعل هنا تضخيم وتكبير ومبالغة عن الحدث او الواقعة للوصول الى التعبئة الإعلامية بحجم الكارثة فالصورة غير مقنعة للمتلقي مفادها التضخيم واشعال الحروب النفسية.
5. بث الرعب والخوف: بإثارة الرعب والخوف لدى المشاهدين أو القرّاء من شخص أو اتجاه بعينه عن طريق الإلحاح على فكرة الخطر البالغ والكارثة التي سوف تحل وراءها لذلك يحاول بث الرعب والتوتر على مدار 24 ساعة.
6. قلب الحقائق والصور: اعطاء صورة مشابه للحقيقة او تضليلها فكل خبر حقيقي يكذب وتقلب صورته الواقعية على وفق تعاطي المحطة ومصلحها.
7. الفوضى اعلامية: يقصد به اثارة الفوضى والقلق المتواصل في مساحة الراي العام عدم الثبات والاستقرار جراء ما يحصل.
رابعاً: مساحة الاعلام الاسود في العراق.
الحكم العراقي السياسي اليوم تم تأسيسه واعداده على ما جاءت به السياسية الامريكية التي دفعت الاحزاب السياسية وتمويلها واعطاءها الغطاء والتعبير بقناع الديمقراطية المغلف بالحقد والكراهية حتى راح السياسي العراقي يملك محطات وقنوات تصرف عليها مليون دولار او اكثر سنوياً وبعضها عملت على بث الحقد والكراهية والتقسيم والتفرقة واعطاء غلاف بمعزل عن غلاف اخر حتى بات المسؤول ورجال الاعمال يملكون معظم المحطات الفضائية العراقية.
فالكل يعي ويعرف جيدا ان العراق الان هو مسرحاً متكامل العناصر يتم فيه توظيف كل الطاقات والاموال لجميع المحطات والفنوات التي تدار بفضل الاحزاب السياسية التي افادة واغنت المحاصصة الطائفية والتقسيم المذهبي والمناطقي وهم ابطال المسرحية السوداء وشخوصها التي تصدر الفكر المضلل فهم يدعون انتسابهم للعرق والقومية ويحثون على تفجير البيت الواحد فتم على ايديهم تضليل الواقع العراقي بسبب ممارسات عدوانية قدموها عبر الاعلام لغاية وقد نجحت بشكل كبير غاياتهم من تكذيب وتضليل وتحريف وتكفير لذلك اصبح المتلقي العراقي منقسماً متفرقاً واقفاً متفرجا على مسرحية هو سبب نجاحها على مدار ثلاث عشرة سنة.
اذ نستطيع القول ان مساحة الاسود في العراق اكبر واوسع انتشار لأسباب عديدة.
1. غياب الرقابة ودورها في صد الاعلام المغرض.
2. امتلاك الاحزاب السياسية المحطات والقنوات وزرع كل ما يحلُه لهم فيها.
3. غياب الدور الرقابي الرئيس لنقابة الصحفيين العراقيين
4. عدم وجود هيئة تعنى في متابعة الوسائل السوداء.
5. اعطاء الرخص لأي وسيلة اعلامية على شرط دفع المبالغ للسلطة المتصدر للحكم.
خامساً: ما هي الاسباب وراء انبلاج ثقافات عدوانية.
يعود هذا الحوار جهة من الامور التي سادت من تحدد ثقافات العنف وعلى راسها الاعلام المغرض الذي جاء بالأفكار وسعى الى انتشارها حتى اصبحت عادات خاطئة تمارس من ثم تحولت الى ثقافة عدوانية من حيث التحريض والعنف والقتل حتى عملت في تقسيم البيت الواحد فكريا ونفسياً فثقافة الكراهية والحقد وجدها الاعلام الاسود وسعى الى ايصالها بشكل واسع بين البيوت العراقية فضلاً من العنف الجسدي والنفسي الذي حصل لبعض الطوائف العراقية جراء بث السموم للنفوس الضعيفة التي تأثرت بالأعلام ونقلت عدوانية السلوك بين الجماعات وهذا ان دل على شيء يدل على الجهل السائد مسبقاً
حتى وصل الامر تبنى الاعلام الاسود عداوة وفكرة التقبل والنفور من الاخر وانتقاد العادات والتوجهات والميولات حتى الانسانية فأصبح الشارع العراقي يتثقف بجدوى مصطلحات سوقت له عنوتاً اعاد الاسود ترويجها وبثها حتى تتأصل بالجذور اليومية وتمارس هذه المصطلحات نقلاً بخراب البيوتات الاكثر اماناً وشملت الشارع والمدرسة والجامعة والمؤسسات الرسمية والغير رسمية على سبيل المثال ( الاسلامي, اللبرالي, العلماني, شيعي , سني, مسيحي,......الخ) وهناك اسباب كثيرة وراء ثقافات متطرفة لعها اخذت من الحرب والفراغ والجهل سمة اساسية لها.
ومازالت هذه الثقافات تدخل عن طريق الاعلام قسراً من خلال المطالعة او المشاهدة والاستماع والمشاركات لمقاطع وصور عبر السوشيال ميديا.
فقد اصبح المدى كبيرة لتأثير الخطاب الاسود عند المتلقي العراقي.
فلكل ظاهرة او اتجاه اسود مغالط وشاذ عن الاساس والقاعدة نرى فيه مدى واسع من التأثير السلبي واكثر تطبيقاً وترويجاً اليوم كون المجتمع العراقي يسعى دائما الى المغاير والغير مألوف ويطمح على ممارسة الجديد سلوكاً وتصرفا فالخطاب اليومي في الساحة العراقية تصدر المشهد في تحويل مسارات التلقي الى التصديق بالغير صادق والايمان به والدفاع عنه مما يقال ويثار دون النظر والتأكد من صحة المعلومات والبيانات المطروحة لذلك نحتاج على الدوام صوت وخطاب حر يسعى دائما لمحاربة التطرف الفكري بالخطاب الذي اصبح يهدد امن واستقرار الشارع العراقي.
لعل ما يأتي به الاسود من خطاب تحريضي المراد استهداف اكثر عدد من المجتمع كون المجتمع يحمل الكثير من الجهل والتخلف فهو يسعى لأقناع هؤلاء واللعب على مشاعرهم .
يمكن تلخيص ما جاء في هذه الدراسة على الشكل الاتي:
1. ان ماهية الاعلام الاسود تعمل على ضرب المجتمعات الاكثر امن لتفريغها فكرياً ونفسياً.
2. هدف الاعلام الاسود تضليل الحقائق وتزيف المفاهيم العامة لعامة الناس.
3. وراء الاعلام المغرض اجندات خارجية وداخلية هدفها الوحيد صناعة الموت الفكري للمتلقي.
4. سياسة الاسود الاكثر انتشار في المجتمعات العربية والاكثر تطبيقاً في العراق
5. تثار الشارع العراقي تأثير كبير بفعل تمدد المحطات ودعمها من قبل الاحزاب السياسية.
6. عمدت القنوات ذات الطابع الاسود على اسهام المتلقي العراقي في الغراب والاساءة للمقدس والرموز فقد جاءت في اغلب تلك الوسائل السعي في تحقيق اهداف وخافيا نفسية.
7. حرية التعبير والراي الحر جاء غلاف لمشاريع اخذ منها الاعلام بحجة حرية الصحافة بما تنشر وتقول.
8. اضافة تلك التوجهات وثقافات عدوانية تأثر بها المتلقي حتى اخذت من مصطلحات العداوة منطلقاً لها.
9. يتحمل المثقف والاكاديمي المسؤولية لحماية المتلقي العراقي من اساليب وتوجهات الاعلام الاسود.
10. على الرقابة المتمثلة بهيئة الاتصالات والاعلام حجب جميع المحطات التي تنطوي تحت الاعلام الاسود.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat