كتاب ( على نهج محمد )للكاتب الامريكي كارل إيرنست مؤاخذات و تعليقات الحلقة الخامسة
امجد المعمار
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
5ـ أراد المؤلف أن يكون المحامي و المدافع عن المرأة المسلمة , و إنها تعاني الظلم و الجور و الاضطهاد , و إن الإسلام و المسلمين يظلمون المرأة ليأتي الغرب ليدافع عنها و يحررها .
فيقول : ( إن بروز النساء في المجتمع الإسلامي المبكر يقف على عكس الصورة التي تحظى بها النساء المسلمات اليوم ... فالصورة النمطية للمرأة المسلمة تظهر إنساناً مضطهداً من قبل الرجال , و مقيد بلزوم البيت , و محتجب في الخارج ... ) .
يقول الكاتب و المفكر الفرنسي ( روجيه غارودي ) : ( في فرنسا لا يرتقي إلا أقل من 4% من النساء العاملات إلى مراكز الكوادر العليا , كما أن نسبتهن بين رؤساء المنشآت لا تتجاوز 7% , إن النساء يشكلن 70% من مستخدمي المكاتب و 80% من الخدم , و يتقاضين أجوراً أقل بـ30% من أجور الرجال ... ) .
و في انكلترا , الإمبراطورية التي لم تكن الشمس تغرب عنها , حرم الملك ( هنري الثامن ) على المرأة قراءة الكتاب المقدس , و قد بقيت النساء حتى عام ( 1850 ميلادي ) غير معدودات من المواطنين , و بقين حتى عام ( 1882 ميلادي ) دون حقوق شخصية , و لا حق لهن في التملك الخالص . بل لحد الآن في انكلترا فإن النساء العاملات يأخذن نصف رواتب الرجال , إن لم يكن أقل .
6ـ المنهج و الفكر الأقصائي للشيعة , حتى إنه وصفهم بالطائفية , و إنهم فرقة خارجة عن الإسلام , و دخيلة عليه , و ليست منه , و إنها من الفرق التي أسسها غير العرب ( الفرس ) كيداً و حقداً للعرب الذين أطاحوا بإمبراطورية الفرس .
يقول كارل إيرنست واصفاً الشيعة بالطائفية بلا دليل و لا برهان إذ يقول : ( و لا يقل الوضع صعوبة بالنسبة للتعريفات التي يعرف الإسلام من خلالها , فلابد لها من التصادم مع كل من الحركات الطائفية مثل الفرق الشيعية المتعددة ... ) .
فقد قرر و حدد كارل إيرنست أن الشيعة طائفيون , لكنه و في صفحة أخرى يقول : ( أنه من السخافة أن يحاول شخص ليس له أي صلة بالموضوع لا من قريب و لا من بعيد تحديد التأويل الأجدر بالشرعية ) .
فكيف حدد كارل إيرنست أن الشيعة طائفيون , أليس ذلك من السخافة ؟؟ .
و في الواقع فإن رأي كارل إيرنست حول الشيعة لم يأتِ من فراغ , بل هو نتاج أفكار , و حصيلة تراكمات الكتابات الغربية حول الشيعة و التشيع . و بالتالي يبين نظرة الغرب للشيعة . فمثلاً يقول الكاتب الفرنسي ( فرانسوا تويال ) عن الشيعة : ( إن الحزام الشيعي في الخليج ما أنفك يقلق القيادات السياسية و العسكرية و يبلبل مخططات الدوائر السياسية و أسس تفكيرها ) .
أما البناء الفكري عن الشيعة و التشيع بالنسبة للغرب فلقد بنته أفكار المستشرقين المتأثرة بالسياسة و أفكار العصور الوسطى و الحروب الصليبية , و الروايات الموضوعة من قبل وعاظ السلاطين و أعداء الشيعة .
يقول الدكتور عبد الجبار ناجي : ( إن الكثير من المستشرقين عند الكتابة في ميادين من التاريخ الإسلامي و لاسيما بالنسبة إلى الجيل الأول منهم يصرون ـ بسبب سيادة الرواية الأموية و العباسية ـ على إقصاء عقيدة التشيع , أو إقصاء الحركات الشيعية من أحداث التاريخ الإسلامي ... و لهذا تصور لا بل تيقن عدد من المستشرقين القدامى أن حركة التشيع ما هي إلا حركة منعزلة و ذات تأثير ضئيل في التاريخ الإسلامي ... ) .
و ليكن بمعلومنا أنه ليس هنالك أي دراسة ممنهجة و حيادية عن الشيعة لدى الغرب , و لم يترجم أي كتاب شيعي حقيقي و منصف للغات الغربية , و هذا ما صرح به أكثر من كاتب غربي . فلقد صرح المستشرق البريطاني ( أدورد براون ) عام ( 1924 ميلادي ) في كتابه ( الأدب الفارسي في العصور الحديثة ) ( بأن المستشرقين عامة تنقصهم دراسة أو دراسات موثقة و علمية عن الشيعة و العقيدة الشيعية بلغات أوربية ) .
و ما الحرب الدائرة اليوم ضد الشيعة من قبل الغرب إلا تلك الحرب القديمة التي قام بها و شنها أعداء الشيعة بالأمس , فنراها اليوم تتكرر بعنوان جديد , و على يد عدو جديد , و في الحقيقة ما هي إلا حرب يمارسها الغرب بدفعٍ من أعداء الأمس , و بنفس الأموال , و بنفس العقليات الأقصائية و الجمودية .
يقول الدكتور عبد الجبار ناجي بهذا الصدد : ( أن دولاً عربية و إسلامية في المظهر كانت و ما زالت تدفع الغرب و الدول الإسلامية بشكل سافر و علني ضد الإسلام الشيعي الذي بات يهدد بل يكشف زيفهم و تلاعبهم بالقيم الإسلامية الصادقة التي يؤمن بها الإسلام الشيعي ... لكن أمريكا مدت يدها إلى هؤلاء بتحركها الاستعماري لكبح النهضة الجديدة للإسلام الشيعي المتطلع لمستقبل حر فعلاً ... )) . و يقول الأستاذان ( بول لفت ) و ( كولن تيرنر ) محققا كتاب ( الشيعة ) و هما يشرحان في مقدمة الكتاب أهدافهما في إخراجه فيقولان : (( إن أهم تطور في الأحداث العالمية بعد انهيار الإتحاد السوفيتي هو العلاقة بين الغرب و العالم الإسلامي , و أن أناساً في بعض الدوائر في العالم الإسلامي قد ساعدوا على تحديد هوية الإسلام و كأنه بعبع آخر بالنسبة للغرب , ذلك الذي عرف في أمريكا بالحرب على الإرهاب , فإن المواجهة بين الغرب و الإسلام هو في حقيقته المواجهة مع الإسلام الشيعي ) .
أما السبب الحقيقي وراء عداء الغرب للشيعة لأن ( الشيعة صارت أفقاً يصعب تخطيه , ليس إلى المهتمين بالشؤون الإسلامية أو إلى مؤرخي الأديان وحدهم , بل أيضاً بالنسبة إلى العاملين في مجال الجغرافيا السياسية ) .
و إنه ( في الشرقيين الأدنى و الأوسط يبدو من الآن و صاعداً , أنه لا يمكن تقرير أي أمر , سواء على الصعيد السياسة الداخلية أو على صعيد العلاقات الخارجية , من دون أن تؤخذ الوقائع الشيعية في الاعتبار ) .
لذا يقول وزير الدفاع و الداخلية الفرنسي السابق ( جان بيار شوفينمان ) عن الشيعة : ( ... إن الاهتزازات المتولدة من أرادة توسع نفوذ الشيعة و من مقاومة هذا التوسع تنتشر إلى أبعد من حدود العالم الإسلامي لتهز مجمل نظام العلاقات الدولية ) .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
امجد المعمار

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat