صفحة الكاتب : علي علي

ثغرات الإفلات وفقرات الإثبات
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  أذكر واقعة حدثت عام 1971 تحديدا، أرى أن نضعها وأمثالها من الوقائع نصب أعيننا، للاطلاع عليها ومراجعتها، ومقارنتها كذلك مع ما يحدث من وقائع في القرن الواحد والعشرين. فقد حدث في ذلك العام أن تعاقد العراق والاتحاد السوفيتي على بيع العراق 800 ألف سيارة نوع لادا من اللون الأبيض حصرا بمبلغ 780 دولارا للسيارة الواحدة. وحين وصلت الوجبة الأولى الى ميناء المعقل في البصرة تبين أن السيارات غير مطابقة للمواصفات، وذلك وجود جهاز راديو من دون مسجل!!. فذهب الوفد المتعاقد برئاسة المهندس حميد السامرائي وهو مهندس ميكانيك وعميد في جهاز أمني آنذاك الى الاتحاد السوفيتي. استطاع الوفد ان يخفض مبلغ 25 دولارا لكل سيارة بأحتساب مبلغ المسجل ثمانية دنانير عراقية أي مايعادل 25 دولارا حينها. عاد الوفد الى العراق فرحا، لكن الحكومة العراقية لم تقتنع بمبلغ الخصم، فشكلت لجنة لتقييم سعر المسجل، فكان قرار اللجنة ان سعر المسجل يتراوح بين 10 - 12 دينارا عراقيا، لذلك رفض العقد. وبما أن الاتحاد السوفيتي بلد حريص على سمعته التجارية، فقد تم ترضية العراق بـ 300 سيارة موسكوفيج مجانا لتجربتها، فتم الأتفاق على العقد. أما اللجنة الأولى التي أبرمت العقد مع الاتحاد السوفيتي فقد أحيل أعضاؤها على التقاعد، مع فرض غرامة 130 دينارا لكل فرد منهم، مع إلزامهم بدفع مصاريف السفر مضاعفة، لكون السفر كان من غير نتائج مرضية للعراق!!.
  ويبدو أن تقليب سطور الماضي من الأحداث وما كان يتصرف به السابقون، قد يكون نافعا ومفيدا فيما لو اتخذه اللاحقون درسا يستنبطون منه المواعظ والتجارب، لاسيما وأن أحداث الأمس تنم عن وجود قانون جدي، كان يحكم الخارجين عنه بالمساءلة الصارمة، لا كمساءلة القرن الواحد والعشرين، وتحديدا مساءلة مابعد عام 2003، فهي أقرب للمغازلة منها الى المساءلة، وعلى مابدا أيضا أن من كان يوجه سؤال؛ "من أين لك هذا؟" لم يكن يبرح المسؤول حتى يجيبه عليه بكل صراحة وشفافية، لا كما يحدث اليوم حيث المماطلة والتسويف في هذا السؤال، من دون الالتفات الى ضرورة الإجابة الصادقة والسريعة عليه. ومن المضحك المبكي حين الحصول على الإجابة، أن شيئا لن يحدث وحسابا لن يجري، وعقابا لن يكون، فعلام السؤال؟! وفي حقيقة الأمر أن سؤال "من أين لك هذا؟" معلوم جوابه وواضح وضوح الشمس في كبد السماء، وأرى أن وصف هذه الحال قد أجاد به الشاعر الملا عبود الكرخي في قصيدته؛ "قيم الرگاع من ديرة عفچ"، قبل أكثر من سبعين عاما حيث قال فيها:

اتشوف واحدهم امعگل بالوقار
وبالأصل تاريخه اسود كله عار
ابظرف ثلث اسنين مليونير صار
ايريد عالوادم ايعبرله چلچ
قيم الرگاع من ديرة عفچ

 أرى أن هذا السؤال بات أقدم من سؤال البيضة والدجاجة، كما أرى أن توجيهه الى سارق من السراق لن يخيفه، فهو يعلم جيدا أن الساحة خالية من قانون يحاسب فيه المسيء، لاسيما وهو يرى السارقين قبله متنعمين متحصنين بدروع كثيرة، لها من المراكز المتسلطة في البلد خير سند، كما أن ثغرات الإفلات من العقاب أكثر من فقرات الإثبات، والسارقون صاروا كبارا وصغارا، ولكل حصته من المال المسروق، وإن كان الخلاف باديا عليهم والعراك ناشبا بينهم، فهم متفقون على إفراغ الخزينة عن بكرة أبيها، اليوم وغدا وبعد غد، ورحم الله شاعرنا الكرخي:

يا حكومتنه الرشيده ام الوقار
الفساد المالي عنوان الچ صار
ندري جابوكم ابدبابه وقطار
ليش ظليتوا سمچ ياكل سمچ
قيم الرگاع من ديرة عفچ
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/12/05



كتابة تعليق لموضوع : ثغرات الإفلات وفقرات الإثبات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net