صفحة الكاتب : جاسم المعموري

ثورة الحسين (عليه السلام ) تسبيح الملائكة
جاسم المعموري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   لثورة الحسين (ع ) مزايا وخصائص غير متوفرة في اية ثورة اخرى عبر تاريخ البشرية برمته , وذلك لأنها ثورة الغيب والروح على المحسوس والمادة , ثورة الحق على الباطل , ثورة الشراكة والشورى على الطغيان والاستبداد , ثورة الرحمن على الشيطان .                    

وهي تسبيح الملائكة , واناشيد العاشقين , وتراتيل المتهجدين , وضمير الثائرين , وغاية المجتهدين , ودموع المحبين , وصلاة الخاشعين , لذلك لم يكن الربح او الخسارة , والنصر او الشهادة في ساحة تلك الثورة هو المقياس عند سيدها (ع) , بل كان هدفه اكبر من ذلك بكثير , فلقد كان يريد ان يصل الاسلام المحمدي النقي الى قلوب الناس جميعا , حتى اخر جيل من اجيال البشرية على الارض , اسلام الرحمة والمحبة والسلام , اسلام المساواة والعدالة والحرية , اسلام الكرامة والاباء وصون الحقوق , فهو الذي يقول (اني لم اخرج اشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما , وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله (ص) , اريد ان امر بالمعروف وانهى عن المنكر ) ويقول سمعت جدي رسول الله (ص) يقول : (من راى سلطانا جائرا , مستحلا لحرم الله , ناكثا لعهد الله , مخالفا لسنة رسول الله صلى الله عليه واله , يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان , فلم يغير عليه بفعل ولا قول , كان حقا على الله ان يدخله مدخله ) وكان (ع) يريد ان يُعبد الله وحده , فلا يشاركه في ذلك احد من اولئك الذين ثار عليهم , وهذا من اهم ما يميزها عن غيرها من الثورات عبر التاريخ , فلقد كان زعيمها من المكانة عند الله اسماها , ومن الرتبة اعلاها , ومن النفوس ازكاها , وكان عند المسلمين اماما واجب الطاعة بنصوص الهية قرانية ونبوية كانت تعيش معهم في كل لحظة من لحظات حياتهم , بل هي من ضروريات الاسلام التي يعرفها ويعلم بها الصغير والكبير, والجاهل والعالم , والصديق والعدو , والمؤمن والمنافق , بل حتى غير المسلمين من اليهود والنصارى وغيرهم , فلا ينكر امامته وعصمته الا منكر لله ورسالاته وعدو لرسله وانبيائه , وانها كانت من الوضوح ومازالت بحيث ان الذين سمعوها من جده الاطهر الاكرم الازكى صلى الله عليه واله , كانوا يرددونها على الملأ باستمرار, فحفظتها الاجيال جيلا فجيلا في قلوبها الطاهرة , وضمائرها الحية , وفي كتبها وقراطيسها , يلقنونها الاطفال اناشيدا يتغنون بها صباح مساءا , ويتبركون بها لشفاء صدورهم وذهاب عللهم , حتى اصبحت من المتواترات التي لاتقبل الاجتهاد , لذلك كان فعله عليه افضل صلاة الله وسلامه وقوله وتقريره سنة أعطت الضوء الاخضر للاخيار من ابناء هذه الامة كي يثوروا على الطغيان والظلم والاستبداد والجهل والفساد , واخذ الثوار يقضون مضاجع الظالمين , ويحرمونهم لذة الانتصار المزعوم على الاسلام , ويحيلون بينهم وبين النيل من فكره ومبادئه الاساسية , وكانوا في صميم الاحداث , وفي الخندق الاول للمواجهة , وهكذا حفظ لنا الحسين الدين ناصعا مشرقا واضحا مباركا , بفضل كمال ايمانه بالله تعالى , وعشقه له , وتعلقه به , واستعداده لخوض المنايا في سبيله وسبيل مبادئه العليا , وثباته على ذلك كله حتى اتاه اليقين , تجسيدا لقول جده (ص) : ( حسين مني وانا من حسين , احب الله من احب حسينا ) وبكلمة اخرى كأنه (ص) اراد ان يقول : انا اؤدي الامانة واوصل الرسالة , والحسين يحميها من اعداءها , ويمنعهم من تغيير مسارها ومحو تعاليمها وتبديل اهدافها , وهكذا وصل نور هذه الثورة الينا , فعرفنا معنى الصلاة ومعنى الحب ومعنى السلام والحرية والعدالة , وعرفنا معنى انسانيتنا التي لم نعرفها كما ينبغي الا بالحسين وتضحياته وصبره وايمانه وبسالته وشجاعته , لذلك يجدر بكل الشعوب في العالم  ان تطلع على تفاصيل هذه الثورة , وان تتخذ منها شعارا لسلوكها , وطريقا لحريتها , وصراطا لربها , ومنهاجا لحياتها , وسبيلا لكرامتها , وعبرة لحاضرها ومستقبلها , ودرسا لنيل حقوقها , ومعرفة لواجباتها , واعتقد ان من واجب الانسانية جمعاء ان تخلد الحسين وثورته على احسن مايكون, عسى ان تتمكن من رؤية النور في سجن ازماتها المظلم , تلك الازمات الروحية والمادية التي طالما استعصت على الحل , واثقلت كاهل الانسانية بوجع لايهدأ , وحزن لاينتهي , وظلام لاينقشع , وظلم لايزول .. فشكرا لك ياأبا الثوار وسيد الشهداء , ياسبط الرحمة وامام المحبة , وعاشق الحرية ومنشد السلام , وطالب الاصلاح ومنار العاشقين , وملاذ المستضعفين ومجير الخائفين , ومنجد الفقراء والمحتاجين , ودليل العارفين , وسبيل المؤمنين , وراية المهتدين , وسلام الله على تلك الدموع التي يذرفها العاشقون على محراب دمك , وعلى تلك القلوب التي فتحت ابوابها لحبك , وعلى تلك الارواح الزاكية التي جاهدت بين يديك , وسلام الله على تلك الايادي التي قطعت ثمنا لزيارتك , وعلى تلك الاجساد التي يفجرها الحاقدون وهي تحمل ارواحها في الطريق اليك , وعلى تلك النفوس التي آمنت بثورتك وسارت على نهجك حتى الشهادة ,  وسلام عليك يااماي وسيدي من دار غربتي ومحل محنتي وقسوة وحدتي من صميم قلبي واعماق روحي , واشكو اليك شدة وجدي وعظيم حزني واليم فراقي , وأسأل الله تعالى بمن يحب ان يجمعني بك في الدنيا والاخرة انه ارحم الراحمين .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جاسم المعموري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/11/27



كتابة تعليق لموضوع : ثورة الحسين (عليه السلام ) تسبيح الملائكة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net