صفحة الكاتب : تحسين الفردوسي

سيد الألوان يُعزي سيد الأكوان
تحسين الفردوسي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تولَدُ الأشياء بصعوبة, وَتمرّ عِبرَ مراحِل مُعَقدة, لِتكبر وتنضج وتلمع, وتتصدر لِتُخَلَّد, الحرفُ مثلاً يجوبُ رَحم الخيال الواسع, يخرجُ منهُ قَهراً, ويولَدُ ضعيفاً فقيراً, فيكبر ليصبح كلمة, بعدها يتحولُ إلى جملة, ثمّ فكرة فموضوع وقضية وخيال بمداد الحبر, وإيقاعات وإيماءات وصراع يمتدّ إلى نقطة الخاتمة.

اللون الأسود ولدَ على غير عادة الألوان, كان مكروهاً ومنبوذاً, غير مرحب بهِ, كثير ما يُستهانَ به, بِألقاب السخرية والتنكيل, أذهب أنتَ الظلام...الظلم ...الجهل.....إلخ, حتى جاء الحسين (عليه السلام) بكربلاء الخارجة عن مألوف الركود, الذي حلَّ بضمير الأمَّة, فَحبّبَ ما كان يُستَهانَ به, وّنَبذَ ما كان يُحبّب, لَم يُغير مسارَ التأريخ فحسب, بل قَلبَ حتى المعادلات العلمية, وخَرق بمنطق العقل عين الواقع, وترجمَ بسهولةٍ لغةَ الثورة المعقدة, إلى حقيقةٍ مقنعةٍ لكل المعتقدات, على مرِّ الأجيال.
طفُّ مُحيّر! كانت الدقائق تسيرُ ببطءٍ شديد! كأنها خائِفة مما سيحصل, ونبضُ القلب يُسرِعُ نحو الشهادة, ودماءٌ تغلي من شدَّة الغيرة, لا زالت حرارتها تَلسعُ بالقلوب الطاهرة, إنّهُ طَفٌ طويل, أبديُّ البقاء, قائِمٌ إلى زوال الكون, إضطربت الأرض في ذلك الطف, أخذت أكفها ترتفعُ إلى عنان السماء لِتلطم وجهها, فتَركت غُبرةً حمراء على خدِها, أعمَت بها عين الدنيا, بَكت لأجلها السماء دماً عبيطاً.
كُلّ الألوان أخذت تتزاحم في لوحة الطف الأليمة, وإرتعدت فرشاتها بِرسم مسارها, فبرزت بتنافسها, إلا ذلك اللون اليتيم, كان ينظر من بعيد ويرتقب, أغمضَ عينيهِ من شدَّة ما رأى, فبكى ليلاً في تاسوعاء الوداع؛ وصَرخَ بظلامه في عاشوراء الدماء, أحسَّ بِغربتهِ عندما رأى الحسين(عليه السلام) غريباً في كربلاء, وحاولَ بِعُتمَتهِ أن يستُر النساء, بعد حرق الخيام وهروبهنَّ من خيمةِ إلى خيمة, فحجبَ بسوادهِ نورَ القمر وضياء النجوم؛ من أن يَطَّلِعوا على أنوارهنَّ.
حينها شاهدَ ألوان الطيف تَجوبُ لوحة الطف, فانتفض ضِدَّ أقرانِهِ, وأعلنَ وحدهُ الحداد, بذلِكَ السواد, على مصيبةِ لم تشهد لها العباد, لم ينسى ما رأى من ألآم, فأخذَ يُجَدّدُ الحزن في كلّ عام, وَوشّحَ في أجمل مكان؛ وأصبحَ اسمهُ فوق كلّ عنوان؛ ولُقِّبَ بعدها بسيد الألوان.     

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


تحسين الفردوسي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/10/22



كتابة تعليق لموضوع : سيد الألوان يُعزي سيد الأكوان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net