صفحة الكاتب : الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

لغة الحيوانات هل هي خطابات ذات قواعد ؟! أم شفرات تواصل فقط ؟
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   إن لمفهوم اللغة حجم و حيز و مجال أكبر مما يمكن أن نحصرها فيه من خلال حصرنا اللغة بالإنسان فقط ، فأين يمكن لنا أن نضع لغة الحيوانات مثلاً ، أو لغة الملائكة ، و الجن ، و الشياطين ، و هل هي لغة أم لا ؟ و أين يمكننا تصنيفها ؟
إن القرآن الكريم قد تحدَّث عن كلام الكثير من الحيوانات ، و عن كلام العفاريت ، و الشياطين ، و في أكثر من آية قرآنية ، بل نجد أنَّ هناك سور قرآنية باسم بعض ما ذكرنا كـ( سورة البقرة ) و ( سورة الأنعام ) و ( سورة النمل ) و ( سورة النحل ) و ( سورة الجن ) و ( سورة العنكبوت ) و ( سورة الفيل ) .
فالقرآن الكريم يخبرنا عن قصة الهدهد مع نبي الله سليمان ( عليه السلام ) في موقف في منتهى الروعة لأسلوب المحاضرة .
قال تعالى : (( وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ * لأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ * فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ )) سورة النمل ، الآيات ( 20 ) ـ (22) .
و كذلك نجد أسلوباً آخر لا يقل عنه بالروعة و البلاغة ألا و هو كلام النملة إلى بني جنسها لما مر بهم نبي الله سليمان ( عليه السلام ) و جنوده .
و قال تعالى : (( وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ )) سورة النمل الآيات ( 17 ) ـ ( 19 ) .
ثم هناك كلام العفريت الذي خاطب نبي الله سليمان ( عليه السلام ) في محاورة حول ملكة سبأ .
و قال تعالى : (( قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ )) سورة النمل ، الآية (39) .
إذن فللكل لغته الخاصة ، و التي قد تكون غير مفهومة لنا .
قال تعالى : (( وَإِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً )) سورة الإسراء ، الآية (44) .
بل إنَّ القدرة على الكلام و النطق هي من عند الله تعالى .
قال تعالى : (( وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )) سورة فصلت ، الآية (21) .
فلغة الحيوانات : هي فن من فنون الخالق تعالى ، إذ جعل لكل كائنٍ لغته الخاصة به ، و ليس بالضرورة أن تكون بالشكل المعتاد للبشر ، أو مما يفهمه البشر .
من الملاحظ أن غالبية الحيوانات لا غنى لها عن الصوت ، فهو يكاد يكون قاسماً مشتركاً بينها جميعاً ، و تختلف درجة هذا الصوت في الحيوان ـ قوةً و ضعفاً ، و شدةً و رخاوة ـ تبعاً لحالته .
كما و يتم الاتصال بين الحيوانات بطريقتين ، و تنقل المعلومات من حيوان إلى آخر بالطريقة التي يتصرف بها ، و تسمى هذه الرسائل بـ( رسائل النشاط ) أو ( رسائل التصرف ) و ( الرسائل السلبية ) و ( الرسائل اللاسلكية ) .
و في وقفة صغيرة نقول : إلى من ينادي بحقوق الإنسان تارة ، و بحقوق الحيوان تارة أخرى ، و كأنه قد جاء بجديد لم يسبقه إليه أحد ، أن عليه أن يرجع إلى القرآن الكريم و الذي يحتوي على ( 114 ) سورة قرآنية ليشاهد أن فيها سوراً بأسماء حيواناتٍ مختلفة ، و أن هناك سورة واحدة اسمها سورة ( الإنسان ) ، فأي مذهب أو قانون اسمى من كتاب الله تعالى .
قال تعالى : (( قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى )) سورة طه ، الآية (50) .
و قال تعالى : (( سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ )) سورة الصافات ، الآية (159) .






 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ ليث عبد الحسين العتابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/10/12



كتابة تعليق لموضوع : لغة الحيوانات هل هي خطابات ذات قواعد ؟! أم شفرات تواصل فقط ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net