صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

" يا ذيب ليش اتعوي"!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
" يا ذيب ليش اتْعوي  , حالك مثل حالي , لقمان ما طيّبه , جرح البْدلالي"
أيام كنا نعرف الأمان والوئام والتفاعل الإنساني الإسلامي السامي النبيل , وفي أيام الصيف ننام في مدينتنا فوق السطوح , وبيوتنا متجاورة أو متلاصقة , وكان جارنا رجل متقدم في العمر ويبدو أنه لا يستطيع النوم بسهولة , فيمضي معظم الليل بالعتابة , ومما أذكره عنه أنه كان يردد كثيرا " يا ذيب ليش اتْعوي..." وغيرها من العتابات المعروفة في الفلكلور العراقي.
وقبل يومين هاتفني زميل وقد تورط في عمله وما استطاع التحرر من قبضته والأيام عيد , 
فسألني : هل أنت في إحتفالية العيد؟ 
فقلت : ياليتني , لكنني وجدت نفسي خافرا!!
فقال ممازحا : سأقول لنفسي : " يا ذيب ليش اتعوي..."
فأعادني إلى زمن بعيد , وذكريات رقراقة ذات نفحة جمالية وأخلاقية وقيمة تربوية , عندما كنا نتفاعل في مدينتنا , وتأتيك الثقافة التراثية من جميع الجهات , فما أكثر الأمثال والحكايات والأقاصيص , والأشعار العامية , والعتابات والأبوذيات , وخصوصا أيام الأعياد , حيث تصدح الحناجر الشجية الأصوات على أنغام " المطبك".
قلت لزميلي : مو بس إنت لازم تكولها , صارت جميع البلدان العربية ترددها وهي تدري أو لا تدري!!
فهل رأيتم بلدا واحدا من حولكم , قد نجا من لعبة الإفتراس , والإمتلاك الإختياري المهندسة بنظريات وبرامج عجيبة , والتي تُنفذ ببراعة ومهارة فائقة , تستحضر ما توصلت إليه علوم السلوك وتقنيات الإستحواذ على العقول والنفوس والثروات وتمزيق الشعوب بما فيها من القدرات؟!!
فالعالم من حولنا يتمتع بالبهجة والسرور ويتنعم بمعطيات المدنية المعاصرة , ويسعى إلى التمازج الإنساني الثري المنطلقات والواسع الآفاق , ودولنا لا تعرف سوى ترديد " يا ذيب ليش اتْعوي..." , وتؤمن بأن جراحها وويلاتها لا تعرف الحلول والمخارج , وإنما إرتضت التوحل في السلبيات والضلالات والبهتان , والإمعان في توليد التداعيات والتمسك بما لا يصلح الأحوال.
" لقمان ما طيبه جرح البدلالي" , إيه يا عرب  , فما عادت هناك نجوم أو بدور في بلاد العرب أوطاني , ولياليها دامسة الظلام ,  وما عاد يصح حتى قول " عرب وين طنبورة وين" , بل يجب القول " طنبورة وين عرب وين" و " الدنيا وين عرب وين" , ويتساءلون كيف يهجر الشباب بلدانه , التي تتمنطق بالدين وتعمل بالمشين؟!!
وعند الكراسي المتعاوية الخبر اليقين!!
ذيب : ذئب
ليش : لماذا
اتْعَوي : من العواء 
لقمان : الحكيم لقمان
طيّبة : شافاه
البْدلالي : في قلبي , والقلب يشير للعقل أحيانا
مو : ليس 
بس : فقط , وتأتي بمعنى كفى
لازم : يجب
تكولها : تقولها
طنبورة : إسم إمرأة والقصة معروفة
وين : أين , وفي المثل تدل على الإنطلاق والرحيل

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/10/12



كتابة تعليق لموضوع : " يا ذيب ليش اتعوي"!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net