سوق الشيوخ الهة أغريقية أتعبها الصبر
عقيل العبود
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هذا الزمن الذي عبثت به الأفاعي ونهشت بجدرانه الفئران، سيحكي للعالم إسطورة ثورته القادمة.
الحكايات المليئة بأعراف ألأزقة، زخرفة من الالوان، مازالت، مشعة بالحياة والأمل، كأنها رسومات تطرز موضوعاتها جدارية لروفائيل أومايكل إنجلو،
بيوتات مصنوعة بلون فخاري وأبواب أثرية مسمرة يقصدها وقور يجيد فن الزيارات وجلسات المقاهي.
الليل سماء تغفو رموشها عند اهداب مئذنةٍ مختصة بتسبيحات الفجر، وصلوات امرأةٍ مشغولة بقراءة ختمة قران، لابنها الذي مات قبل زمان.
ألصلبة، الإسماعيلية، متوسطة سوق الشيوخ، مشاهد تدخل في تفاصيلها اسماء وشخصيات.
الذاكرة ازقة تعيش في قبابها أروقة ألحروف.
هنالك حيث ترقد المسافات، مدينتنا الصغيرة، تنهض من نومتها، تطل علينا بأرصدة الشعر، الموزون، تمارس كبريائها، لعلها تلك الرموز تستفيق.
سوق الشيوخ وفقا لتاريخها القديم لحنا تغنى به الشعراء، قافية، ما زالت أوزانها تحتضن العالم بأسوار حواراتها التي أدمتها بكاءات رجل يخاف أن يوصدَ أبواب الروح، بحثاً عن شروط نشوته القائمة خلف حطام ولادة تسعينية، تم الاعتداء عليها لاحقا.
العكد، دربونة ما برحت تستعرض فجراً آخرا بصوت بقي ينصت خاشعاً إلى تلاوة، يتبارى خلف بركاتها المتعلمون، لذلك وفقا لمخارج الحروف وهندسة اللفظ المحلى بفصاحة الكلام، بقي البحراني حضوره عامرا بمنابر عاشوراء.
سوق الشيوخ كما عهدت احزانها، بقيت ترنيمة عزاء كتب قصتها رجل، خلََّّف حضوراً لم يمت.
ذات يوم "زائر مجيد" بفطرته المعتادة، حضر باكيا صاحبه "طالب النواس"، متمنياً الموت بعده.
ألأحبة، تم تصفحهم الواحد، تلو ألآخر، ولم يبق إلا ذاك الذي بقي يستنشق رماد ماضٍ حلَّ به العزاء.
رحل" زائر مجيد"، كما غيره، بكت المحلة، كما بكت السوق بأكملها، والناصرية، أما المكان، فقد إستعان فقط بشروط ألفته التي تم تخصيصها للحديث عن لغة الطيبين ونبلاء العصر الفائت، أولئك الذين بقت آثارهم تطرز الحياة.
الرجل الذي انجبته مدينة المضايف والدواوين بقي كعادته شامخا، مطرزا اسمه عند حقبة، لم تعد شروطها خاضعة لقوانين التدوين.
زاير مَجِيد أسوار مملكة تعيش في اسرارها سوالف وموضوعات لها بداية، مثلما لها تفاصيل؛
عادل حموده، زوج إبنته، الذي حُكِمَ عليهِ وعلى زوجتهِ بالإعدام لإتهامهما بحزب الدعوة، معمل الحاج كاظم الشاهر، وماكنة الثلج، تلك التي كان مديرهُا ومدقق حساباتها، نفسه زائر مَجِيدٌ، بصفاء عقله ونواياه، مديرا عاما لمعمل الثلج، دون حاجة منه لشهادة البكالوريوس، اوالماجستير في علم الادارة.
نفسه يقف أمامك مدافعا عن حقوق الفقراء، تسمع به محامياً عن حقوق المظلومين، دون حاجة منه ايضا إلى شهادة محاماة.
صورته لم تغب، محطة من الجنوب، تستنطق جدران ضفة اتعبتها الحروب.
لذلك به، كما بغيره من الأوفياء، ذلك القضاء، ديوان ما انفك ينشد الحان الروح، وكلمات قالها الكبار ابان عهد صرنا نتوق اليه.
عبد الحميد السنيد، صاحب السنيد، مضايف الحاج عبد الرؤوف، والهداوي، بيت الحمدي، وبيت سيد عودة، وبيت الدلي، وعلى شاكلة تلك الأفئدة، فضاءات تنمو كما، لغة الأنقياء.
لذلك أعذب القول، سوق الشيوخ دواوين بقت في عطرها، ومقاه، ترتبت ابوابها، ومحلات وأزقة ودروب، بقعة ينبض أصحابها كما أهلها بالعفة والطهارة.
سوق الشيوخ كما عرفت كراماتها، حنة البيبان، وبيوت الطيبين، مدينة الكواصر، والشط وأهل الخير، ارض البلاغة، والخطابة، والتضحيات.
سوق الشيوخ آلهة أغريقية أتعبها الحزن، والمت بها الفواجع.
........
ساندياكو
نشرت على موقع النور بتاريخ 26/9/2008
تم تنقيحها من قبلي بتاريخ 10/4/2015
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
عقيل العبود

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat