خط المواجهة ....سرايا السلام وحجم التحديات
ظاهر صالح الخرسان
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ظاهر صالح الخرسان

من حق أي مواطن عراقي أن تكون ركيزته وطنية وإجتماعية، ومن خلالها ينطلق نحو بناء نفسه وقناعاته الفكرية والسياسية، ولكن ليس من خلال التلقين ولا يجوز استيراد أفكار وقناعات مُسلفنة أو على شكل قوالب من الخارج، ومهما كانت العلاقة الروحية والعاطفية والفكرية مع هذا الطرف أوذاك ، فلابد أن تكون أرض الأفكار والإستنباط هي الحيز الوطني والإجتماعي في العراق والقائد الناجح هو الذي ينطلق من الحيز العراقي سواء كان حيزا سياسيا أو فكريا أو حزبيا، لكي يقدم للشعب زادا عراقيا لمصلحة البلد ، فالجهات الخارجية ومهما كان نوعها ليست جمعيات خيرية تعطي بالمجان بل هي تفتش عن مصالحها داخل العراق وخارجه .
سرايا السلام الفصيل الاكثر جدلا ...في الساحة العراقية واخذ حيزا من الاهتمام السلبي والايجابي على المستوى الاقليمي والداخلي ولم يكن تشكيل هذا الفصيل حدث مفاجئ للمتابع اللبيب وانما هو من رحم الخط العقائدي الممتدة جذوره في اعماق الوطنية والوطن وبصبغة عراقية خالصة ..
فسياسة الصدر القائد التي اتخذها منذ اعلانه هذا التشكيل المقاوم كانت سياسة وسطية معتدلة حذرة بعيدة عن الشحن الطائفي وبعيدا عن زعقات الاعلام الموجه فأن "سرايا السلام" هو التشكيل العسكري الأكثر إلتصاقاً بمفهوم تأسيس الدولة العراقية، كون أحد الأسباب الرئيسية التي دعت لتشكيله، هو تقوية الجيش والشرطة وبقيّة القوات الأمنية. وهذا ثابت من ثوابت المشروع الكبير الذي يتبنّاه "التيّار الصدري".
وأيضاً من ميّزات "سرايا السلام" المهمّة جداً، هو عراقيّة قراراتها في مختلف المواقف والمراحل، ولم ترتبط يوماً بالمحيط الإقليمي وما يشهده الوضع الراهن دولياً من مزايدات ومساومات؛ إنعكست سلباً على الوضع الميداني على الأرض العراقية وعلى مستقبل العراق الذي أخذ ينحدر الى الهاوية ...
أمريكا لم تنسى يوما كيف تعامل معها الصدر حتى اختارته اخطر رجل في العراق حسب تقاريرها ومراكز دراساتها الاستراتيجية .. واعترفت انه يتمتع بدعم شعبي كبير في المجتمع الشيعي. في الفترة اللاحقة لـ2003، في الأعوام القليلة الماضية وشاهدت كيف يسعى ليتجاوز المصالح الطائفية المتفرقة، ويعتبر العراق أولًا، ويساعد حقيقة في رأب الصدوع العراقية...و ما زال لديه القدرة على حشد ملايين الأنصار من الشيعة....
مع العلم ان امريكا تسعى بصورة مستمرة على الوجود الدبلوماسى والأمنى الأمريكى الكبيرفي العراق لعدة سنوات قادمة،لكنها تستدرك سياستها ونظرتها للواقع العراقي إذا أصبح الصدر شخصية سياسية كبيرة -وهذا مرجح- فإن هذا سيقلل احتمال أن تتمكن الولايات المتحدة من ممارسة تأثيرها من موقع قوة.
وعلى هذا المنوال سيبقى الصدريون في دائرة المؤامرة والدسائس، وكلما تشبثوا بخطهم العراقي رافضين التبعية والأنقياد والإملاءات من الآخرين ...
كل هذه التصورات غير خافية على القوى الداخلية والخارجية المتآمرة فمن الطبيعي في خط المواجهة ان تواجه السرايا في مشروعها الوطني لتحديات صعبة تريد ايقاف امتداد هذا المشروع الرافض لأي تواجد ولأي تدخل ولأي املاءات ومشاريع تدميرية لأنهاء الوجود العراقي
أهمّ التحدّيات التي تواجه "سرايا السلام":
أولا: التحدّي الأكبر الذي تواجهه "سرايا السلام" هو تواجد القوات الأميركية بريّاً، وهذا الأمر مُعَدّ سلفاً، لإجبار السرايا على الإنسحاب وترك المعارك؛ وهذا ما سينعكس سلباً على سير المعارك عموماً....
أولاً: قلّة الإمكانات المالية، كونها تعتمد كليّاً على الدعم الذاتي، وهنا سجّلت الحكومة العراقية مع "هيأة الحشد الشعبي" موقفاً غريباً، أقل ما يوصف بأنه سلبي بالمطلق.
فالجميع يعلم أن "سرايا السلام" هو التشكيل الأكثر عدداً، والأكثر خبرةً في خوض المعارك؛ فضلاً عن حسمها.
ثانياَ: التشويش الامريكي المتعمد على سرايا السلام في الوقت الذي يستمر الصدر رفض أي شكل لـ التعاون العسكري مع قوات الاحتلال الأمريكي، تحاول أطراف إعلامية اتهام سرايا أو كما تسمّيها "ميليشيا الصدر" بفتح ذراعيها لـ عدو لدود من أجل مساعدتها في القضاء على داعش بشرط عدم تخطي حدود الضربات الجوية.في حين ان الصدر ابدى معارضته مرارا وتكرارا للتواجد الامريكي بأي شكل من الاشكال ..
ثالثا : الثوابت الإسلامية والوطنية التي تنطلق منها "سرايا السلام" في موضوع الوحدة الإسلامية والإخوة في الله؛ تمنعها من الإندفاع مذهبياً في المعارك ودخول المدن. لاسيّما وأن خيار الحرب الأهلية ما زال قائماً، فضلاً عن خيار التقسيم بالإضافة إلى طول أمد الحرب؛ وهذا ما قام بإستشرافه منذ البداية الصدر القائد .
رابعا : محاولة الاطراف الخارجية الداعمة لفصائل أخرى جر السرايا والضغط عليها الى ذات المعادلة الموحدة التي تنسجم مع سياسات اقليمية متغيرة حسب المصالح والوضع السياسي او اجهاضها كمشروع ممانعة لهذا التدخل بأعتبارها فصيل منسجم مع فتوى المرجعية وزخم الشارع باتجاه القضاء على داعش
خامسا: إنسحاب شبه كُلّي لأغلب الفصائل حسب اجندتها الخارجية وحسب الاوامر التي يتبعونها من المصدر المموّل لهم مما إضطر "سرايا السلام" أن تُدير معارك قاطع سامراء بالكامل وهو قاطع يمتدُّ لأكثر من مئة كيلو متر، ومن الإستحالة أن يديره فصيلاً واحداً، إلا أن "سرايا السلام" نجحت في إدارته وتحقيق تقدّماً كبيراً على مستوى التطهير ومسك الأرض وصولاً لحدود الانبار وكركوك وخط اللاين وسط معارك يومية ويقدمون عدد من الشهداء نظرا لأستراتيجية المحاور واهميتها لداعش ومسك حدود كربلاء الانبار بواقع 110 كم وسمي المحور(بسور كربلاء المقدسة )
سادسا: التقليل او اخفاء منجز السرايا ودورها وبتعمد واضح وصريح من مجمل وسائل الاعلام والمنابر الرسمية وغير الرسمية يضعها في مواجهة اثبات الذات وتمرير رؤية قائدها عن الوضع العراقي مما اضطر الخط الصدري الى اغلاق بث فضائيته (الأضواء )ليحولوا أموالها لدعم المقاتلين بالسلاح والمساعدات الغذائيةللعدد الهائل المشترك في ساحات القتال وامتداد المساحة الواسعة التي تقع ضمن مسؤوليتهم
سابعا : عدم وجود دعم حكومي لوجستي ومع ذلك اثبتت خلافا للفصائل الاخرى قدرتها على مسك الارض وتحرير مواقع كانت حلما حتى بالنسبة للتحالف الدولي فضلا عن الحكومة وتحرير مناطق لم يدخل اليها عنصر امني منذ عام 2003
كل هذه التحديات وغيرها الكثير هي ثمن الوطن وفاتورة مشروع تقوية القوات الامنية من اجل ان تكون استراتيجية الحماية مبنية على اسس وطنية تحت رعاية الحكومة وبيد القوات الامنية واسنادها ودعمها ..واليوم تسطر سرايا السلام على المستوى الداخلي اروع الامثلة في دعم وتمويل نفسها من اجل ادامة الانتصارات والحفاظ على المشروع الوطني وتخليصه من انياب الضباع وتجار السياسة ...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat