الفائدة من دراسة علم المصطلح
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تعد الدراسات المصطلحية من أهم الدراسات الحديثة , فلقد كثرت الدعوات إلى أهمية و ضرورة الأهتمام بـ( علم المصطلح ) , و تدريسه في الجامعات , و المعاهد العلمية في الوطن العربي , و ذلك للتطور في مجال العلوم , و التقدم الهائل في مجال التكنولوجيا , و الإندماج السريع بين المجتمعات و الحضارت , و كذلك لكثرة الإشكالات العلمية , و الصراعات الفكرية التي تدور حول ( مصطلحٍ ما ) في مجال العلم , و المعرفة .
و إذا رجعنا إلى التاريخ على الصعيد العربي في مجال الدعوة إلى تدريس ( علم المصطلح ) فيبدو لنا بأن أول من دعا إلى تدريس ( علم المصطلح ) في الجامعات العربية التي تدرس العلوم بغير اللغة العربية هو الأستاذ الطبيب الدكتور ( عبد الرحمن الشهبندر ) , و ذلك منذ أكثر من ستين سنة , حيث دعا إلى ذلك في مجلة المقتطف بقوله : (( ... و نحن لا نكلف المدارس التي تعلم باللغات الأجنبية أن تجعل التعليم بالعربية , لأننا طالما سمعناها تذهب إلى أن التعلم بالعربية ينتهي بجعل مثل هذه العلوم عتيقة بالنظر إلى تعذر تجديد الطبع في الكتب العربية لقلة طلابها , و إنما الذي نكلفها العمل به هو أن تضيف إلى أمتحاناتها أمتحاناً آخر تجعله أجبارياً على المتكلمين باللغة العربية من طلابها , و يتناول درس المصطلحات العربية بعد أن نتفق على أخذها من خيرة الكتب المنتشرة بين أيدينا , و جلها ـ كما تعلمون ـ من عمل الأفراد , و أن تعاقب الذين يقصرون في الدرس من تلاميذها بتخفيض درجاتهم . إن هذا العمل سهل التناول لا يحتاج إلى مؤسسات مستحدثة , و لا إلى مجامع جديدة , و لا إلى نفقات طارئة تنفق في طبع الكتب الطبية , و كل ما يتطلب هو أن نقدم هذا الأقتراح إلى تلك المعاهد , و لا أظن مصلحتها الأدبية تمنعها من قبوله )) .
لذا و بسبب تزايد الأهتمام بـ( علم المصطلح ) في السنوات الأخيرة بادرت عدة جامعات كبرى لتدريس مادة ( النظرية العامة لعلم المصطلح ) لا للطلاب المتخصصين في علم اللغة فحسب , بل لجميع طلاب العلوم و التكنولوجيا كذلك . و يتزايد عدد الجامعات التي تدرس فيها هذه النظرية في جميع أنحاء العالم , و من أوائل الجامعات التي أسست كرسي أستاذية لعلم المصطلح جامعة ( لافال ) ( Laval ) في كوبيك بكندا .
كما و أخذت الجامعات العربية تهتم بتدريس علم المصطلح , و من أوائل الجامعات العربية التي أولت ( علم المصطلح ) أهتماماً خاصاً ( جامعة محمد بن عبد الله بفاس ) التي أنشأت مركزاً للدراسات المصطلحية عام ( 1993 م ) , و كذلك ( جامعة مولاي إسماعيل بمكناس ) .
لذا فإن فكرة جعل ( علم المصطلح ) , أو مادة ( مصطلح ) مادة منهجية في مرحلة من مراحل الدراسة الدينية , أو الأكاديمية , و بالخصوص في الدراسات الإنسانية هو أمر مهم , و مفيد , و ذلك لكي يتعرف الطلبة على مفاتيح كل علم يقومون بدراسته , و لكي يقفوا على أصول توزيع المصطلحات اللغوية وفق أنظمة المفاهيم العلمية و التقنية , و على المبادئ التي تحكم وضع المصطلحات و توحيدها على أن يكون المتقدم لتدريس هذه المادة من المتخصصين بها .
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat