صفحة الكاتب : محمد الحسن

الرسائل المشفّرة بين المرجعية والعبادي..!
محمد الحسن

لا شك إنّ الدولة العراقية بحاجة إلى إصلاح ممارسة، وإصلاح إداري واسع يصل لدرجة "الثورة الإدارية". غير إنّ المطالبات بتغيير نظام أو تجميد دستور، دعوات لا يمكن إخراجها من دائرة الشك والريبة، فدولة دستورية كالعراق يمكنها الفخر بإطارها الدستوري المدني العصري، مع وجود بعض الملاحظات، والممارسة في كثير من الأحيان تكون شاذة عن روح الدستور ومبادئه.
تلك الممارسة هي محور النقد السياسي للطبقة الحاكمة منذ وضوح بوادر تراجع الدولة على الصعد السياسية والأمنية والخدمية..المرجعية الدينية لم تخرج عن هذا المحور -الممارسة- وكل توجيهاتها تتلمس عمق المشكلة المُختزلة في الأداء السياسي للسلطة، وليس البعد النظري للدولة (من قوانين ودستور ومؤسسات أولها البرلمان). من هنا حدث شرخ بين الحكومة السابقة برئاسة السيد المالكي وبين المرجعية العليا، إنتهى بإزاحة المالكي عن دفة الحكم مرة ثالثة.
البديل ينتمي لنفسه المنظومة الحكومية المدافعة عن تلك الحقبة التي شهدت مواجهة بين المرجعية والحكومة، ورغم مجيئه على أثر زوال المالكي بواسطة النجف والقوى السياسية الأخرى، غير أنه ليس بأفضل حالاً من بدايات سلفه الذي بدأ مشواره ضعيفاً لا وجود له في الشارع. وربما هذا التحوّل من الضعف إلى القوة النسبية، يغري السيد العبادي ويدعوه لإستثمار الفرصة!..
قد تكون حالة الإحتجاجات في البلد، هي الفرصة، سيما إنّ المرجعية دعت رئيس السلطة التنفيذية إلى أخذ دوره كمسؤول تنفيذي لا أكثر ولا أقل. يبدو إنّ العبادي قرأ الدعوة على نحو مغاير أو ربما بلغة أخرى؛ وهذا ما يتضح من خلال طلبه الغريب بما أسماه "تفويض شعبي مليوني لحل البرلمان وإسقاط الدستور"!.
المرجعية أجابت بشكل مباشر على هذا التوجه الخطير، إذ دعت إلى تعاضد السلطات جميعها في عملية الإصلاح سيما البرلمان الذي يعد الحاضنة الأولى والرحم الأم للحكومة وتفرعات الدولة الأخرى. رسالة المرجعية هذه، تحمل إنذاراً مبكراً يمكن تحوّله إلى تحذير مباشر في حال أصر رئيس الحكومة على طلبه.
إن الإصلاح يبدأ من الخطاب السياسي، وللأسف الشديد لم يتجاوز السيد العبادي مرحلة الشكوى وخطاب التبريرات، ولعل لجوءه إلى طريقة مستحدثة (المقايضة من أجل الإصلاح)، نابعة من الشعور بضرورة مخاطبة مشاعر الناس، لكسب نقطة قوة جديدة من جهة، ولإلقاء اللوم في الأخطاء والمشاكل على الآخرين من جهة ثانية. المعنى الوحيد لهذا التوجه، هو إستعداد العبادي لخوض صراع سياسي جديد لا طائل منه سوى رفع رصيده الشخصي ورصيد الحزب مقابل القوى الأخرى. أي إننا نعود لذات المفسدة التي تأسست عليها كوارثنا!.
السؤال البارز من تلك المعطيات: هل سيدفع الشعب ثمن هذا الصراع سنوات جديدة من عمره، أم إنّ العبادي فهِم الرسالة؟!.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الحسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/09/02



كتابة تعليق لموضوع : الرسائل المشفّرة بين المرجعية والعبادي..!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net