صفحة الكاتب : اكرم السياب

نقل الصلاحيات.. حربٌ مدنٌ جديدة!
اكرم السياب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عند سؤالك لأي قانوني، وبأي علمية يحملها عن الدستور العراقي، سيقول لك:  دستور مرعب! هو كذلك نعم، مرعب في تفصيلاته الدقيقة وخصوصا ما يتيحه لشرعنه قوانين مستندة على النصوص الأصلية منه. ويعد الدستور العراقي تقريبا، أسرع دستور كُتب وأُقر؛ بسبب ما كان يعانيه العراق من نفق وظلم، دخل فيه، وسقوطه في قعر زجاجة النار؛ من جهة. ومن أخرى ضُعف اللجنة التي كانت مكلفه به.

رغم ذلك؛ أنتج لنا الدستور كثيرا من النقاط التي تثير الشك في وضعها، ناهيك عنها، ونذهب مباشرة إلى " نقل الصلاحيات". و المادة (45) من قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم 21 لسنة 2008 المعدل. وتأسيس هيئة تسمى ( الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات ) برئاسة رئيس مجلس الوزراء ‏وعضوية الوزراء المشمولة وزاراتهم بالنقل. ويعطي هذا التفويض جملة من الصلاحيات الهامة والدقيقة للدوائر داخل المحافظة.

ما يحتاج في هذا النقل، رفع الدرجات الإدارية متوسطة الصلاحية، حتى تستوعب الصلاحيات المخولة لها، واستحداث درجات جديدة، وتوسيع نطاق المديريات العامة، وهذا يعني إنتاج وزارات جديدة داخل المدن. بعدما كانت في بغداد العاصمة فقط. وما يتيح هذا النقل أيضا، (شخصنه) القرار من قبل السلطة العليا، داخل الدوائر. وطرح نظام "المزاجيات" في التعامل مع الأمور.

وان كان نقل الصلاحيات، يمنح نظام اللامركزية؛ في العمل والخلاص من الروتين القاتل، إلا انه سيفتح باب الارتجال، خلافا لما كان عليه الموظف العادي الذي نراه يسرد قوانين وتعليمات مذهلة أثناء أداء وظيفته للمواطن. وخاصة أوقات تعكر مزاجه الشخصي.

اللامركزية في مفهومها العام نظام ناجح ومتطور ومعمول به، في كثير من الدول. لكن اللامركزية في العراق، خطورتها اكبر، ونحن نعيش دولة أحزاب متناحرة، إن الاقتتال الذي يدور تحت قبة البرلمان، وداخل أسوار المنطقة الخضراء، سينتقل إلى داخل المدن في ما بينهم. فان كانت الوزارات مقسمة بمحاصصة، فمن قال مجالس المحافظات، نزيهة؟

الكتل الكبيرة، التي تقاسمت المحافظات بمحافظيها، ورؤساء مجالس المحافظات واللجان المتعددة. ستتقاسم أيضا الصلاحيات المنقولة. وسيكون كل حزب بما لديهم " يسرقون". وسيشهد هذا الخلاف عدم تطبيق اللامركزية، واختلاق روتين " تحزبي-عنصري" ومعرقلات عديدة، نظرا لحجم الخلافات بين الأحزاب المسيطرة على دوائرها. بالإضافة إلى صلاحية الاستثمار والتوظيف والتعاقد سيكون أيضا نظام " لك ولي وإلا فلا"
هل ستنجح اللامركزية في ظل تقاسم الأحزاب؛ اكبر واصغر مناصب ومفاصل الدولة؟ فأن اشتد الخصام في محافظة ما، ستشهد أختها فوضى أيضا، تبعا لنظام الاحتكار. من قال إن المواطن سيستفيد من نقل الصلاحيات؟ إن كانت الوزارة معبئة لأنصار حزب وزيرها، فلا تنسوا إن اللجان في مجالس المحافظات أيضا مقسمة وموزعة ولكل لجنة حزب يديرها. وهنا ستشهد المدن صراعا حزبيا جديد تذهب هي ضحيتها.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اكرم السياب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/08/27



كتابة تعليق لموضوع : نقل الصلاحيات.. حربٌ مدنٌ جديدة!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net