مؤلفو ( الكوبي / بيست )
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

لم تقف السرقات عند حدٍ محدود في عالم بني الإنسان ، فمن سرقة أموالٍ و ممتلكات ، إلى سرقة تحت طائل الغش و الاحتيال ، و حتى سرقة الأرواح و الأعراض قتلاً و اغتصاباً .
فإن كانت السرقة و في أشهر مصاديقها هي سرقة ( مادية ) ، إلا انه يوجد سرقات أخرى ( معنوية ) ، كسرقة الألقاب ، و اختلاس الكرامات ، رغبة في الرفعة و التباهي و التفاخر .
عالم السرقة فيه السفاحون القتلة ، و فيه من هو على شاكلة روبن هود ، إلا ان الكل ( سراق ) بلا ادنى تفاضل بينهم .
إن عالم الكتابة و التأليف لم ينج من السرقات التي هي و بحق أكبر و أكثر تأثيراً و حرفاً للوقائع و التواريخ .
إن الكلام عن السرقات في عالم التأليف طويلٌ جداً و مصاديقه كثيرة ، إلا اننا لن نتعرض لها ، بل سنكتفي بالتنويه إلى قضايا مفاهيمية عامة من باب الحفاظ على الكرامة الإنسانية فقط .
نقول :
انه و بعد دخول تكنولوجيا المعلومات حيز التنفيذ ، و بعد ان أصبح الكمبيوتر رائد المعرفة ، و بعد ان اصبح العالم قرية صغيرة ، بحيث لو كَتب شخص في شرق الكرة الأرضية سطراً ما ، ستجده قد وصل إلى غرب الكرة الأرضية خلال ثوانٍ معدودة .
نعم ، انها فائدة عظمى فيها الكثير من الايجابيات ، إلا انها لا تخلوا من السلبيات ، و بالخصوص ( سرقة ) الغير لها ممن هب و دب داخل ( الشبكة العنكبوتية ) و نسبها له .
ندخل الآن إلى عالم الدراسات العليا :
في عالم الدراسات العليا و بمجرد اكمال السنة التحضيرية ، سوف يعطى للطالب ( بحث ) ليكتب به ( رسالة الماجستير ) الخاصة به .
و هنا ، و بما ان الكل يسعى للشهادة فقط ( بما هي شهادة ) ، فإنك ستعرف سبب كون المستوى التعليمي في نزول سريع جداً .
فالجامعات و الكليات هدفها تحقيق نسبة نجاح ( عالية ) بغض النظر عن مستوى التعليم ، و ما ستؤول إليه حال البلد في المستقبل .
الطالب يريد أن ( يتوظف ) بأكبر درجة ( علمية ) يستطيع الحصول عليها ، حتى يكون ( راتبه الشهري ) كبيراً فقط ، و لا يهم كيف يكتب ( البحث ) أو من أين يأخذه ، أو من يكتبه له .
و هنا تأتي تقنية ( الكوبي / بيست ) و التي أصبحت رائجة في سرقة المعلومات من الغير و جمعها و تسطيرها في كتاب من تأليف ( فلان من الناس ) .
إن اكثر هذه البحوث ـ التي نحن بصددها ـ مجرد ( مسخ ) مصنوع من معلومات ( لقيطة ) جيء بها من هنا و هناك . و لأن المستوى العلمي للهيئات المشرفة على الشهادات العليا ( متدني ) فإنك تجد ان هذا ( المسخ العملاق ) يعبر من امامهم من دون ان يلاحظوه مطلقاً .
رسائل ماجستير ، و رسائل دكتوراه ، و كتب و مؤلفات ، و تحقيقات ؛ هي مجرد سرقات و سرقات و سرقات .
لقد أصبح عالم التأليف و الكتابة يدخله كل من هب و دب و ذلك ببركات ( الكوبي / بيست ) . إن جيلاً كبيراً يتكون الآن في جامعاتنا يعتاش على ( الكوبي / بيست ) . منوهاً و ناصحاً كل من يدرس ( الماجستير ) أو ( الدكتوراه ) بأنهما مجرد تدرج ( مسلكي ) في سلك التدريس ، و ليسا هما ( أكسير ) صناعة التأليف مطلقاً .
و السؤال هنا :
بعد سنوات قليلة اين سيكون مصير ( وطننا ) و ( شعبنا ) وسط الأمم الأخرى ، تلك الأمم التي تكتشف في كل ساعة نظريات معرفية جديدة ، بينما امتنا تعتاش على فضلات ( الكوبي / بيست ) ؟؟؟
اين سيكون مصير ( وطننا ) و ( شعبنا ) بعد أن يتسنم حملة الشهادات ( المنسوخة ) مناصب رفيعة في مؤسسات الدولة ؟؟؟
اين سيكون مصير ( اولادنا ) و ( اجيالنا ) ممن سيتعلمون على يد اساتذة اعتاشوا على موائد ( الكوبي / بيست ) ؟؟؟
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat