بماذا طُعن السيد المسيح ؟ برمح أو حربة ؟ من هفوات الإنجيل .
مصطفى الهادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مصطفى الهادي

كتبت عدة بحوث حول مسألة تكذيب القرآن لعملية صلب السيد المسيح ونفيها نفيا قاطعا ، وبعض هذه الابحاث تعرّض إلى بعض الحملات من قبل بعض المسيحيين ، ولكن في كل يوم تظهر من كبار علماء المسيحية الكثير من الشكوك حول عملية الصلب وسوف اضع بعضا منها في هذا البحث المصغر الذي اثبت فيه كذب وبطلان عملية الصلب والسبب هو اختلاف الاناجيل بشكل غريب حول جزئيات عملية الاعدام ابتداء من القاء القبض على السيد المسيح ، ثم محاكمته ، ثم صلبه ، ثم قيامته ، فلم تتفق الاناجيل فيما بينها على صورة موحدة ، بل كان الاختلاف في بعض الاحيان مُريعا بشكل مذهل وقد اثرتُ كل ذلك في بحوث لا تزال على صفحتي .
اليوم اريد ان اطرح خبرين متناقضين حول موت السيد المسيح على الصليب وهذا الخلط والتناقض حصل بين إنجيلي يوحنا ومتى حيث يترك انطباعا قويا على صحة ما يذهب إليه القرآن الذي اتفق في نصوصه مع ما قاله المفسرون من عدم صلب السيد المسيح .
هل مات السيد المسيح على الصليب عندما طعنه الجندي أو لم يمت؟ وبماذا طُعن؟
يُعتبر موت يسوع من اهم المسائل في المسيحية حيث تتنبثق من هذا الحادث الكثير من العقائد والتي اهمها عقيدة الصلب والفداء، ولكن مع اهمية هذا الحدث إلا أننا نرى التلاميذ المعاصرين للحدث لا يكاد يتفقوا في جميع جزئيات هذا الحدث الكبير.
فيوحنا في إنجيله يقول : إنجيل يوحنا 19: 34 (( وأما يسوع فلما جاءوا إليه رأوه قد مات. لكن واحدا من العسكر طعن جنبه بحربة، وللوقت خرج دم وماء)).
ففي هذا النص يقول يوحنا بأن السيد المسيح كان ميتا عندما طعنهُ الجندي. أي ان الطعنة جاءت بعد موت المسيح. وأن الطعن كان (بحربة).
ولكن متى في إنجيله يقول بأن الطعنة حصلت والسيد المسيح كان حيا لم يمّت كما نرى ذلك واضحا في إنجيله 27: 49 ، 50 : ((أخذ آخر رمحا وطعن جنبه، فخرج دم وماء. فصرخ يسوع أيضا بصوت عال، وأسلم الروح)). في هذا النص فإن السيد المسيح مات بعد الطعنة. والطعن كان (برمح).
هذا التباين الكبير اوقع علماء المسيحية في مشكلة عويصة كيف يقول يوحنا بأن السيد المسيح كان ميتا عندما طعنه الجندي الروماني بالرمح . ثم يأتي متى فيقول بأن الجندي طعنه بالحربة وليس بالرمح وان السيد المسيح كان حيا، ولم يكن ميّتا؟؟؟
ولذلك نرى ما يلي:
أولا : أن مرقس حذف هذه الجملة من إنجيله فلم يورد ان الجندي طعنه وبذلك تخلّص من هذه المشكلة .
ثانيا : أن لوقا حذى حذو مرقس فحذف النص أيضا ولم يُورد لنا خبر طعنة الرمح ولا الحربة بل ان يوحنا ذكر بأن قائد الجند قد مدح السيد المسيح كما نرى ((ولما رأى قائد المئة الواقف مقابله أنه أسلم الروح، قال: حقا كان هذا الإنسان ابن الله)).
ثالثا: الاختلاف في أداة الطعن ، هل هي حربة ، أو رمح . لأن الرمح معلوم وهو نصل على خشبة طويلة والحربة سكين متوسطة توضع على جنب الجندي في غمد مثل حربة البندقية .
الرابع وهو الاهم : ان جميع الطبعات الموجودة بين يدينا لإنجيل متى حذفت هذه الجملة (أخذ آخر رمحا وطعن جنبه فخرج دم وماء). في حين ان المتابع لجميع المخطوطات القديمة لإنجيل متى فإنه توجد فيه هذه الجملة ، فمن الذي قام بحذف هذه الجملة وماذا يقول علماء الكتاب المقدس عن ذلك ؟
اعتمد المفسرون في تبرير ذلك على انجيل ترجمة العالم الجديد الذي وضعه (وستكوت ، وهورت). (1) وهي المعتمد الاساس لترجمة العالم الجديد حيث ذكر هذان العالمان الحقيقة حيث يضعون الجملة بين قوسين ثم كتبوا تحتها : (يغلب الظن أن النُساخ هم من اضافوا هذه الجملة).
انطلاقا من ذلك فإن من حق المسلمين ان يعتمدوا نص القرآن الكريم الذي يقول وبكل وضوح : (وما صلبوه ... وما قتلوه يقينا). منزها ساحة السيد المسيح من هذه العملية المذلة التي يصفها الانجيل بان السيد المسيح اشبعوه اهانات وبصاقا وكفخا وجلدا. يضاف إلى ذلك أن كبار علماء المسيحية يعترفون بأن النُسّاخ تلاعبوا بالكتاب المقدس.
اليس من الانصاف اتّباع كتاب ينُزه ساحة الانبياء ويصفهم بما يُليق بهم.
المصادر:
1- بروك فوس وستكوت Brooke Foss Westcott رجل كنيسة وثيولوجي إنكليزي، كان أسقف درم في إنكلترا من 1890 حتى وفاته سنة 1901.عمل وستكوت باستمرار في النقد النصي خلال تحضيره لنسخة من العهد الجديد وفي الوقت نفسه تحضير نسخة بالتعاون مع فنتن هورت. ظهر سنة 1881 نص وستكوت وهورت الشهير للعهد الجديد، والذي كلف تقريبا ثلاثين سنة من العمل المستمروالذي عُرف فيما بعد ترجمة العالم الجديد.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat