أسباب الأنتعاش و الإزدهار الاقتصادي في المنظور القرآني
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

القرآن الكريم يوضح جملة من الأسباب التي لها مدخلية كبرى في الإزدهار الأقتصادي و التي منها :
1ـ الأحلاف و المعاهدات ، و الرحلات التجارية ، و التي تختلف و تتغير بحسب الموسم ، و المحصول ، و غيره من الأسباب الآخرى .
قال تعالى : (( لإِيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ * )) سورة قريش .
2ـ الطبيعة الملائمة ، و وفرة الخيرات ، و أسباب العيش الرغيد من مناخ مناسب ، و تضاريس ملائمة ، و خضرة ، و ماء ، و أيدي عاملة .
قال تعالى:(( لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ )) سبأ (15) .
3ـ الخزن الصحيح للأطعمة و غيرها بسبب تغير المواسم ، أو بسبب الجدب و القحط ، و غيره .
قال تعالى:(( قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ )) يوسف (47) .
4ـ الأرث سبب من أسباب الأنتعاش الأقتصادي .
قال تعالى:(( لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً )) سورة النساء (7) .
5ـ الإنفاق و إعطاء الحقوق الشرعية و توزيعها لمستحقيها سبب من أسباب الإنتعاش الاقتصادي .
قال تعالى : (( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَنْفالِ قُلِ الأَنْفالُ للهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ )) الأنفال (1) .
و الأنفال : جمع ( نفل ) و تعني : الزيادة بالمفهوم العام للكلمة . لكنها جاءت هنا في الآية الكريمة بمعنى الأموال و الثروات الفائضة عن حاجة الناس .
و هذه الآية الكريمة نزلت على الرسول الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) بعد معركة بدر . و يستفاد من ظاهر الآية أنه بعد انتصار المسلمين على الكفار في معركة بدر و الاستيلاء على غنائم الكفار ظهرت خلافات في وجهات نظر المسلمين إزاء تلك الغنائم حيث كانوا يتساءلون عن الجهة التي يحق لها التصرف بتلك الغنائم . هنا حدد الله سبحانه و تعالى في هذه الآية نوع ملكية الانفال حيث يؤكد ان الانفال لله و الرسول و على المسلمين أن يطيعوا أمر الله تعالى و رسوله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) .
قال تعالى : (( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ )) سورة الأنفال ( 41 ) .
و قال تعالى : (( وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ )) السجدة (16) .
و قال تعالى : (( قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ )) التوبة (53) .
و قال تعالى : (( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )) التوبة (60) .
و قال تعالى : (( وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ )) الرعد (22) .
و قال تعالى : ((وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * )) المعارج ( 24 ــ 25 ) .
عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : (( أنفق بالخلف ، و اعلم أنه من لم ينفق في طاعة الله ابتلي بأن ينفق في معصية الله ، و اعلم أن من لم يمشِ في حاجة ولي الله ابتلي بأن يمشي في حاجة عدو الله )) .
6ـ الأعتدال :
قال تعالى : (( وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً )) الفرقان (67) .
7ـ الزواج :
قال تعالى : (( وَأَنْكِحُوا الأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ )) النور (32) .
ان الزواج في نظر الرسول الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) هو من مفاتيح الرزق ، فقد قال : (( إتخذوا الأهل فإنه أرزق لكم )) .
و قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : (( الرزق مع النساء ، و العيال )) .
8ـ الإستغفار :
قال تعالى : (( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً )) نوح ( 10 ) ـ (12) .
و قال تعالى : (( وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ )) هود (52) .
قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : (( من أكثر الإستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً و من كل ضيقٍ مخرجاً )) .
و قال ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : (( من أنعم الله عليه نعمة فليحمد الله تعالى و من استبطأ الرزق فليستغفر الله ، و من احزنه أمر فليقل : لا حول و لا قوة إلا بالله )) .
و قال الامام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : (( و قد جعل الله سبحانه الإستغفار سبباً على الرزق و رحمة الخلق ... )) .
8ـ العمل و إتخاذ المهنة و الحرفة الملائمة للمعيشة و الكسب الصالح :
قال تعالى : (( لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَ فَلا يَشْكُرُونَ )) يس (35) .
المصادر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 : من لا يحضره الفقيه ، الصدوق ، ج4 ، ص 412 .
2 : وسائل الشيعة ، الحر العاملي ، باب 1 ، من مقدمات النكاح ، حديث 1 .
3 : تفسير نور الثقلين ، ج5 ، ص 357 .
4 : نهج البلاغة ، الخطبة 143 .
5 : نهج البلاغة ، الخطبة 143 .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat