صفحة الكاتب : عباس طريم

اللهم ارحم الكفرة برحمتك يا ارحم الراحمين
عباس طريم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حل شهر رمضان الكريم. شهر العبادة والصوم والتوجه الى الله سبحانه وتعالى!. الشهر الذي كرمه الله ! وجعله من افضل الشهور الايمانية. شهر العطاء والبركة والتقرب الى رب العزة. الشهر الذي يجلس الغني والفقير على مائدة واحدة، تتوجه القلوب فيه الى الرحمن، وتتطلع  السرائر الى حيث التوبة والمغفرة. وعندما نذكر شهر رمضان، فاننا نذكر شهرا متميزا عن باقي الشهور من حيث فضله واجره وحرمته.
 ومن حيث ما يرتبط به من معاني واحداث. شهر فرض الله ! فيه الصيام، ويداوم فيه المؤمن على القيام، وعبادة الديان في الليل والنهار. انه شهر الخير والصوم وشهر القران والمعاني السامية , التي تفيض على قلوب من عرفها حقيقة , وسمت ارواحهم الى مرتبة الفهم الحقيقي لجوهر ديننا الحنيف . وكجالية عراقية في المهجر، نعيش تلك الايام الكريمة..
 كاننا بين اهلنا في العراق، تعمر المساجد [السنة والشيعة] بالعوائل العراقية، تشترك في تحضير طعامها وفي قراءة القران الكريم، ويقوم الخطيب بدور الوعظ والارشاد، وابداء النصائح التي يأمر بها ديننا الحنيف، كي يتحصن الصائم، ولا يقع في المحظور.. وانا في طريقي الى الجامع، استرعاني النظر الى "يافطة كبيرة" مكتوب عليها باللغتين الانكليزية والعربية وبخط كبير وواضح.[نهنيء الجالية المسلمة في ولاية اريزونا، ونبارك لهم حلول شهر رمضان المبارك. ونعلن عن تنزيلات هائلة في جميع المواد الغذائية والمنزلية. اكراما لهذا الشهر الفضيل ].
 دفعني الفضول للتوجه صوب ذالك المكان , ركنت سيارتي ودخلت في  [المحل المكسيكي الكبير]. تجولت فيه حتى وصلت الى القسم الخاص بالمسلمين. فوجدت المواد غاية في الرخص، والاسعار مناسبة جدا لجميع الاسر المسلمة، حتى وصلت الى قسم اللحوم. فوجدت صورة لعربي وهاتفه، وجملة مكتوبة في اللغتين العربية والانكليزية [ اللحوم حلال وبامكانكم التاكد والاتصال بذالك العربي المسلم الموجود اسمه وهاتفه].. وتعجبت من هول التنزيلات الحقيقية التي وصلت الى 4 دولارات،
 و3 دولارات للباون الواحد. وهي اسعار فعلا مشجعة تتناسب واحترام ذالك الشهر الفضيل. ودفعتني الرغبة , الى مقابلة صاحب المحل والتحدث اليه. فسألت عنه ودلني احد العاملين عليه.. فحييته وسألته عن الاسباب الموجبة لتلك التنزيلات التي يقدرها كل المسلمين.؟ فاجاب : انا رجل [صاحب بزنز] واعرف كل الديانات والملل والايام الكريمة التي تعتز بها كل فئة ومذهب وديانة. وان شهر رمضان، من اعظم الشهور عند المسلمين وعلينا ان نشاركهم فرحتهم بذالك الشهر الفضيل. لذالك قررنا الاعلان عن تلك التخفيضات الهائلة.. كي يشعر المسلم اننا نشاركه تلك الايام الكريمة ونسهل له اتمام صيامه باسعار جدا مناسبة، فنحن نعيش في بلد واحد ومجتمع واحد وعلينا ان نساعد بعضنا بعضا. شكرته !
واثنيت عليه وخرجت لاتابع طريقي . وقد انعقد لساني وهالني ما ارى من طيب وكرم ممن لا ينتمون الى الاسلام ,شردت بخيالي وتذكرت اهلنا في العراق , وكيف ينتظر التجار ذالك الشهر الفضيل ليرفعوا الاسعار , ليزيدوا الام الشعب العراقي وجراحاته  وفكرت ان اكتب عن[ الكفرة ] قصيدة "عصماء" وانشرها . تقديرا لموقفهم المشرف من الاسلام والمسلمين , لكني ترددت .  لمعرفتي بمجتمعنا الذي سيخوض في حديثي , وسيقسم بالله العظيم ! بان من دفعني لكتابة القصيدة , هي : الامبريالية العالمية  الامريكية الصهيونية الشوفينية  الرجعية الانتهازية العالمية  الميكافيليكية الانطوائية الفلشفية . وسيطالبوا براسي . تحدثت مع اصدقائي بذالك الامر الذي نقدره ونثمنه،
 رغم انه جاء من رجل ليس له دين ولا يعترف بالدين اصلا، الا انه يحمل وسط جنبيه رحمة تفوق ما يصرح بها بعض المسلمين بالف مرة. ومن المفارقة العجيبة، ان محلات اللحوم في ولايتنا رفعوا الاسعار حتى وصل باون اللحم الواحد الى 8 دولارات على بعض اللحوم المطلوبة من قبل المستهلكين المسلمين، وكذالك رفعوا المواد الغذائية الاخرى بشكل ملفت للنظر . دفعني الفضول ايضا، ان اسأل احدهم.. قلت له : يا ابو احمد، لماذا اسعاركم غالية ونحن في شهر رمضان المبارك والمفروض تكون الاسعار معتدلة كي تساهموا بمساعدة الصائم على الافطار كما هو معروف في بلدنا ؟.. فابتسم الرجل وقال: [ لحمنه حلال وجديد ومو غالي والاسعار رخيصه .
عمي الاسعار هيه غالية وهاي فرصتنه اورمضان يجي مره وحده بالسنة. شنهي بوية اتريد تكطع رزقنه لوجاي اتحقق ويانه] اجبته بلطف: بعد ان وجدته قد تغيرت سحنته وانقلب الى شخص اخر تتوقع منه اسوء الاحتمالات. وقلت: [انا اتلاطف وياك يا بو احمد ارجوك لا تزعل علي ، وفعلا هاي فرصتكم] وخرجت من المحل وانا اقارن بين الكافر والمسلم. الكافر الذي يقدر الشهر المبارك ويقبل بالقليل من اجل ان يقدم شيئا للمسلمين في هذا الشهر الفضيل. وبين المسلم الذي لا يقبل بالربح الطبيعي الذي اقره هو، قبل شهر رمضان، ورفع الاسعار كي يستغل الجالية المسلمة ابشع استغلال، ويجني اكبر قدر من الارباح على حساب المحتاجين واصحاب الدخل المحدود الذين لا يستطيعون الشراء،
نتيجة للاسعار الغالية. واخذتني الافكار تطوف بي وتردني الى ما جبل عليه اهلنا، من مكارم الاخلاق، والعزة والتعاون في كل شيء، وما الت اليه احوالنا اليوم. حيث تمدد الجشع، واخذ مكانه من الكرم، ودفع بالصفات التي امر بها الله سبحانه وتعالى ! ونبينا الكريم ص. وشريعتنا السمحاء، واعرافنا التي ما تخلفنا عنها يوما. وايقنت اننا ذاهبون الى الهاوية، لان الرحمة ! هي الاصل في روح التاخي والتقارب في كل مجتمع على وجه الارض . واذا فقدناها فعلى الدنيا السلام . وانا اقولها اليوم بصوت عال [اللهم وفق الكفرة وارحمهم برحمتك الواسعة!، لانهم ارحم من قومنا بكثير]

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عباس طريم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/07/12



كتابة تعليق لموضوع : اللهم ارحم الكفرة برحمتك يا ارحم الراحمين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net