صفحة الكاتب : بشرى الهلالي

عالم شيوخ.. شيوخ
بشرى الهلالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بصعوبة استطعت ولوج الفرع المؤدي الى موقف السيارات، فقد كان مزدحماً على غير العادة، بشتى الموديلات والاحجام من السيارات. وعند مدخل الموقف، خرج شاب ببدلة رسمية، راكضا باتجاهي مشيرا الي بالتوقف والابتعاد عن المدخل، وقبل أن أتساءل عن السبب، ظهرت من خلفه سيارة من ذوات الدفع الرباعي بزجاج مظلل، فابتعدت وأنا أكتم غيظي. تهادت السيارة لتتبعها سيارات أخر، كان يقود أحداها شاب بزي عربي، يمسك المقود بيد ويتباهى بسيكار طويل يمسكه بيده الأخرى، وكل هؤلاء اشتركوا في عدم مبالاتهم بما حولهم من البشر والأشياء.
وبعد دخولي الى المسرح الوطني لأجل عمل ما، أدركت سبب حفلة السيارات والزحام وكل ماواجهته في طريقي، حيث كان يجري عقد مؤتمر لشيوخ العشائر على قاعة المسرح. وفي بهو الاستقبال، كان ينتشر العديد من هؤلاء الشيوخ بأعمار مختلفة، ب(دشاديشهم) البيض (الترفة) وعباءاتهم التي اختلفت الوانها وغلت أثمانها، وكوفياتهم التي غلب عليها اللون الابيض بينما كانت الاخرى منقطة بالابيض والاسود والوان اخرى، حتى بدا الامر وكأنه عرض أزياء تراثي.
وعلمت انه احد المؤتمرات التي تجري لغرض المصالحة الوطنية ومناقشة مشكلات النازحين و الخ، أما حقيقة الأمر، وهو مايحصل في معظم المؤتمرات، تكون خاتمته دعوة غداء وتعارف بين الحضور من ناحية، واستعراض للوجاهة من ناحية أخرى. فكما هو الحال مع السياسيين، أصبح لبعض الشيوخ سيارات مصفحة وحمايات ببدلات لماعة وأجهزة لاسلكية وأخرى خلوية حديثة، بل وصفحات على الفيس بوك.
في زمن مضى، كنا نسمع عن شيخ العشيرة فقط، وكان عدد الشيوخ لايتجاوز عدد العشائر في العراق، وان كثر، كان للشيخ هيبة يفرضها اسمه، بل وحتى سنّه، و مضيفه والمسؤولية التي يتحملها وهو يتبنى عشيرة تمتد جذورها في وسط العراق وجنوبه بل وحتى شماله أحيانا. وبسبب سيادة القانون وهيبة الدولة، لم يكن الناس يحتاجون الى تدخل الشيخ الا في الامور العشائرية البحتة. أما الشيخ فكان يتصف بكل ماقرأناه في كتب التاريخ والتربية الوطنية وغيرها من كرم ووفاء وشجاعة وشرف الكلمة، فكلمة الشيخ لاترد ولاتستبدل ولو كان الثمن حياته.
في تقرير اخباري على احدى القنوات، تحدثت احدى النساء وهي تذرف دموع القهر وتستعرض حالها وحال اسرتها واربع اسر أخرى تسكن في غرفة بعد ان تم تهجيرهم من المحافظات التي سيطرت عليها عصابات داعش، وصرخت بحرقة: «أين شيوخنا، لم غادرونا الى عمان ودبي مع عائلاتهم وتركونا نواجه الارهاب والنزوح، ألم يتعهدوا بحمايتنا والقتال مع ابنائنا وأزواجنا الذين سقط الكثير منهم لحماية الارض والدفاع عنها؟»
يقال (ان الزيادة كالنقصان في معظم الاحيان)، ويبدو ان زيادة عدد الشيوخ بعد 2003 أثرت عكسيا على قيم (الشيخة)، فهم يتجمعون بالآلاف في المناسبات ويلقي بعضهم الخطب الحماسية وينثر الوعود وكل مايقدمونه هو أصوات انتخابية لبعض السياسيين، وبالطبع تجمعهم مصالح مشتركة.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بشرى الهلالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/05/21



كتابة تعليق لموضوع : عالم شيوخ.. شيوخ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net