صفحة الكاتب : كاظم الحسيني الذبحاوي

ولاية (القومي) وولاية ( العاهل) وولاية ( الفقيه)! ... ردا على مقال حول نظرية ولاية الفقيه
كاظم الحسيني الذبحاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

نحن نعلم أنّ  الوضع الاجتماعي في العراق يختلف عن الوضع الاجتماعي في إيران ، ذلك  أن التركيبة الاجتماعية العراقية هي تركيبة عشائرية وقفت حائلاً حقيقياً أمام قيام  أجهزة دولة في البلاد على صعيد التشريع والتنفيذ ،فالمشرع العراقي يتأثر بدرجة عالية بالضغوطات التي تمارسها قيادات التجمعات القبلية والعشائرية ؛بل أنّ الترشيح  والاختيار للوظائف في هذا المجال لا يبتعد كثيراً عن هذه التأثيرات . لكن هذا لا  يعني أنّ نظرية ولاية الفقيه نظرية غير قرآنية وغير مشروعة من الأساس ، لا سيما أن القرآن يقدم للبشرية فكرة الأسوة الحسنة التي أظهرتها سورتي الأحزاب والممتحنة ،على هذا فولاية الفقيه ليست بدعاً من القول ،وهو ما ذكره صاحب المقال أيضاً . نعم تبقى نظرية ولاية الفقيه تناقش في العراق على صعيد نظري صرف تبعاً للتركيبة الاجتماعية التي استثمرها الحكام لصالحهم فقط ،فغرق العراق بأنهار من الدماء والفقر والتمزق والنفايات ، لم يكن آخرها الحرب العراقية الإيرانية . وبعد النظر إلى التجارب التي  توصف بأنها ديموقراطية ،والكل ينادي بها حتى صدام في سنوات حكمه الأخيرة كان يدعو لها ولكن داخل منظمة البعث فقط ،لكن نداءه كان تسويقاً لتجريد نظري فقط .وبحسب نظري لا يصح أن تتقابل الديموقراطية مع ولاية الفقيه التي توصف بالثيوقراطية ،ذلك أن فكرة القائد الواحد لا يصح الطعن بها دوماً خصوصاً بعدما نفهم أن القيادة هبة إلهية يهبها لبعض الناس ، وقد عرفنا كيف أن البرلمان البريطاني كان مخطئاً بتقريره الدخول في الحرب العالمية الثانية حيال رأي رجل واحد وهو تشرشل صاحب الموهبة القيادية والنظرة الثاقبة .
 إنّ الحديث عن فصل الدين عن السياسة شيءٌ ،والحديث عن ولاية الفقيه شيء آخر مختلف ،ذلك أن أساس فكرة ولاية القائد متسعة اتساعاً تأريخياً في مختلف العصور وفي مختلف الأماكن أيضاً ،وإن كانت تحت مسميات أخرى يتم من خلالها التلاعب بمشاعر الجماهير ، فالأحزاب القومية التي وصلت للسلطة في مصر والعراق وسوريا تؤمن بولاية يمكن أن أسميها هما [ ولاية القومي] أي ولاية القائد القومي ،ونجد هناك من يصفق لها ويعتبرها قيادة منقذة محررة للأراضي السليبة !ونفس الشيء يقال لولاية [ العاهل] كما في السعودية والأردن والإمارات والمغرب والكويت وقطر وعمان ،ثم أن هذه النماذج لا ديموقراطية فيها  كما في إيران التي تنهض السلطة التنفيذية بمهامها بعيداً عن إملاءات الولي الفقيه وتسير بخطى ناجحة جداً أرست دعائم دولة عصرية، على خلاف ما جرى في بلدان مجاورة أخفقت في رفع المعانات عن الجمهور خلافاً لخطابها السياسي بالمشاركة والتصالح وما إلى ذلك .
والفرق الذي نجده واقع بين هذه النماذج وبين نموذج ولاية الفقيه يمكن أن يكون فرقاً كمياً حسب ،بمعنى أن الفكرة أصلها واحد ،فإذا كنا نقر ولاية العاهل وولاية القائد القومي على ما في أولئك القادة من فساد متنوع ومعروف ،فلماذا لا نقر ولاية مَن لا مغمز في أدائه  ونجاحه على الرغم من وجود بعض السلبيات التي تعترض سير الإنسان بشكل طبيعي؟ ثم أن ولاية الفقيه لم تكن بديلاً عن ولاية المعصوم ، فولاية المعصوم ولاية عامة وشاملة ،بينما الولي الفقيه ليس كذلك . وربما تأثر الكاتب بمقولات تتفيأ بالضلال الثقيلة التي ألقتها على البعض حقبة الحرب الصدامية على الجمهورية الإسلامية .إنّ العجب الذي يتملكنا هو شن الحملات الشعواء على التجربة التي لها مشروعية بدرجة ما من القرآن ومن السنة أيضاً ،ثم من سيرة الحكام المسلمين لغاية حكام آل عثمان الأتراك . وبدلاً من ذكر التجارب والنماذج المماثلة بالطريقة التي تذكر فيه تجربة
 الإمام الخميني رضوان الله عليه وما يلحق بها من ذم ، فإنّ النموذج المقابل لها هو لنموذج الديموقراطي الذي لم يثبت نجاحه ،فإذا كانت المؤاخذات التي يذكرها البعض على ولاية الفقيه يجعلها نظرية مرفوضة ،فإنه وبالمقابل نجد مؤاخذات حقيقية تسجل على النموذج الديموقراطي أيضاً .
وإذا كان من ينطق باسم العراقيين يرفض نظرية ولاية الفقيه تقرباً منه لبعض القوى ،فهذا من غير الزمان وشقائه !

  *************************************************************
حول نظرية ولاية الفقيه


المرجعية وولاية الفقيه عند الشيعة
أصبح تعبير (حكم ولاية الفقيه) شائعاً في أوساط العامة لأول مرة بعد انتصار الثورة
الإسلامية في إيران بقيادة الإمام روح الله الخميني عام 1979، ونشر كتابه الموسوم
(الحكومة الإسلامية). وهذا لا يعني أن الخميني هو صاحب نظرية "ولاية الفقيه"، إذ
ظهرت هذه النظرية للوجود قبل ما يقارب مائتي عام، وسنأتي على ذلك لاحقاً، ولكن
الخميني هو أول من وضعها في حيز التطبيق في إيران. 

 
تنقسم الشيعة الإمامية (الإثنا عشرية)، وهم غالبية الشيعة في العالم الإسلامي إلى
فريقين: أصول وأخبار. الأصوليون هم الغالبية ويعتقدون بالاجتهاد وتقليد المجتهد، أي
من حق الفقيه إذا بلغ مرحلة عالية من العلم أن يجتهد ويصدر الفتوى، وعلى كل شيعي
ملتزم بالمذهب أن يقلِّد مرجع ديني، أي إمام مجتهد عادل متفقه في الدين إلى درجة
آية الله العظمى (حسب التراتبية الشيعية لرجال الدين)، وأن يكون هذا المجتهد حياً
يرزق، إذ لا يجوز  تقليد فقيه ميِّت، يراجعه الشيعي في أموره الخاصة والعامة،
الدينية والدنيوية. أما الأخباريون، فلا يعتقدون بالاجتهاد والتقليد، بل يقولون بأن
يتحمل المسلم مسؤولية تدبير أموره الدينية والدنيوية بنفسه، ويكتفون بدور الفقيه في
نقل الأخبار والروايات، لذلك سُمّوا بالأخباريين، ولكنهم من الأقلية في الشيعة. كما
ويعتقد الشيعة أن لا بد من وجود إمام معصوم للمسلمين في كل زمان ومكان من سلالة
الإمام علي، من زوجته فاطمة الزهراء بنت النبي محمد (ص)، أي من سلالة السبطين:
الحسن والحسين. 

 
ولكن برزت مشكلة كبيرة لدى الشيعة بعد وفاة الإمام الحادي عشر، الحسن العسكري، في
سامراء سنة 260هـ دون إعلانه عن وجود خلف له، فأحدث ذلك شكاً وحيرة بشأن مصير
الإمامة،فافترق الشيعة إلى أربع عشرة فرقة كما يقول النوبختي في "فِرَقْ الشيعة"،
واحدة منها فقط قالت بوجود خلف للإمام العسكري، وأن اسمه محمد، وقد أخفاه والده
خوفاً من السلطة فستر  أمره.(أحمد الكاتب، تطور الفكر السياسي الشيعي).(1). كما
ويقول الشيعة، ولو أن الإمام المهدي المنتظر غاب عن الأنظار، ولكنه حي يرزق، وسيظهر
في آخر الزمان "ليملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً". 

 
تنقسم غيبة المهدي إلى مرحلتين: الغيبة الصغرى والغيبة الكبرى. استمرت الأولى من
سنة 260هـ إلى سنة 329هـ،وهي الفترة التي كان يتصل فيها بالناس عبر نوابهالأربعة
على التعاقب، وكانوا يُسمَّون بالسفراء أو النواب. وكان الشيخ علي بن محمد
السمريهوخاتِم النواب، توفي سنة 329هـ. واشترطوا لإثبات النيابة أن يأتي مدَّعي
النيابة بدليل أو بمعجزة وكرامة تدل على اتصاله بالمهدي، وأورد الطوسي في كتاب
(الغيبة) أخبارهم، وينقل منه الرسائل والتواقيع إلى المؤمنين به ويأخذ إليه
الأموال.(2) (شفيق شقير، نظرية ولاية الفقيه وتداعياتها...، موقع المعرفة على
الشبكة). 

 
أما الغيبة الكبرى فقد بدأت بوفاة السمري سنة 329هـولحد الآن، حيث انقطع المهدي
بالاتصال بأي شخص حسب اعتقاد الشيعة، ولم يكن هناك نواب عنه. والجدير بالذكر أن
فقهاء الشيعة كانوا يبتعدون  عن الحكم والتدخل في السياسة عدا تقديم بعض النصائح
التوجيهية لأتباعهم، ويحمون أنفسهم من ملاحقة الحكام بالانكفاء على أنفسهم وفق مبدأ 
(التقية والانتظار)أي انتظار ظهور المهديليعلن الجهاد وإقامة دولة العدل. ولكن
الأمر تغير في عهد الإمام الخميني، قائد الثورة الإسلامية في إيران، حيث قام بتطوير
وتطبيق نظرية (ولاية الفقيه). ولم تكن هذه النظرية من صنعه، كما بينا آنفاً، إذ
كانت موجودة في السابق، ولكن في بطون كتب بعض فقهاء الشيعة، ومرت بنقاشات محتدمة
وإرهاصات شديدة خلال القرنين الأخيرين، إلا إن الإمام الخميني هو الذي أعلنها على
نطاق واسع، وبلورها  بشكل واضح، وترجمها إلى عمل، حيث طبقها في الحكم بعد نجاح
ثورته الإسلامية في إيران عام 1979.

 
ما هي نظرية ولاية الفقيه؟
"ولاية الفقيه" في الإسلام السياسي الشيعي، تشبه نظرية (الحاكمية لله) عند حزب
الأخوان المسلمين، أي الإسلام السياسي السني. وتتلخص هذه النظرية في أن الأمة
الإسلامية لا بد لها من إمام وفق ما ردَّ الإمام علي على الخوارج عندما رفع أتباع
معاوية في حرب صفين المصاحف وقالوا (لا حكم إلا لله) و طالبوا أن يحتكموا إلى
القرآن، فرد عليهم الإمام بقوله المشهور، أنه (قول حق أريد به باطل)، وبأن القرآن
لا يحكم بذاته بل من خلال البشر ولا بد  للرعية من إمام. وهذا الإمام عند الشيعة هو
من سلالة النبي محمد كما بينا أعلاه، ولكن بعد أن طالت غيبة المهدي المنتظر ولم يره
أحد، قال الخميني، أن هذه الغيبة قد تطول إلى آلاف السنين، لذا علينا عدم الانتظار،
بل الحكم وفق (نظرية ولاية الفقيه)، أي رجل الدين الأعلم الأكثر علماً وعدلاً من
أقرانه من بين رجال الدين، وينتخب من قبل مجلس الخبراء (آيات الله). وعليه يجب
استلام السلطة كلما سنحت لهم الفرصة، وحكم المسلمين من قبل الفقيه الأعلم العادل
الذي هو بمثابة نائب الإمام الغائب، ويطبق الشريعة الإسلامية. 

 
وأول من أوجد نظرية ولاية الفقيه هو المولى أحمد النراقي (ت 1245 هـ= 1829م) الذي
عمل على تعزيز دور الفقيه،ودعا إلى تبوئهمركزالسلطة بطرحه نظرية "ولاية
الفقيه"بصيغة تعد خرقاً للإجماع  الشيعي  في مسألة الولايةفي أول الأمر.
وقدأثبتالنراقيللفقيه كل ما هو للنبي والإمام "إلا ما أخرجه الدليل من إجماع أو نص
أو غيرهما". وكان يدعو إلى الولاية المطلقة.(3) 

 
ثم جاء من بعده فقيه آخر وهو الشيخ علي الكوراني الذي " ... ذكر أن نظرية ولاية
الفقيه ليست شيعيةبحتة وإنما هي سنِّية أيضاً، وأتى بأدلة من الفقه السني على
وجوبها، وعلى أساس هذه النظرية،يتصدى الفقيهالجامع للشرائط،لإقامة دولة إسلامية على
بقعة منبقاع الأرض وبذلك تكون ولايته واجبة على جميع المسلمين، يبايعونه ويأتمرون
بأمره،ويكون له جهاز  إداري كالشبكة في كل أنحاء الأرض يوصله بقاعدته، والولاية هذه
يفضلأن تكون في الأمور السياسية العامة، إضافة إلى الشخصية الفقهية الخاصة.وعندمالا
يكون هذا الفقيه هو الأعلم في الفقه ولكنه على رأس الدولة الإسلامية والأرشد
فيالسياسة، فبإمكان العامة تقليد مرجع آخر أعلم في الفقه، لكن يلتزمون في
الأمورالعامة بالولي الفقيه."(4)

 
وقد قَسَّمَ الفقهاء ولاية الفقيه إلى نوعين: مطلقة وجزئية. ولاية الفقيه المطلقة
تتدخل في شؤون الناس الدينية والدنيوية، الخاصة والعامة بشكل مطلق، وللولي الفقيه
الحق في الحكم المطلق على الناس، وهو بمستوى الإمام المعصوم، والنبي الذي يوحى إليه
من الله. وعدم طاعته هو نوع من الردة والكفر والخروج عن الطاعة وحكم الله. أما
الولاية الجزئية، فهي ولاية الفقيه لإرشاد العباد في الشؤون الدينية فقط، وليس في
السياسة وإدارة  الدولة، أي أنها تفصل السياسة عن الدين.

 
إن ولاية الفقيه الخمينية هي مطلقة وتتلخص في أن الإمام الخميني أو من يخلفه في
منصبه، كمرشد للثورة الإسلامية في إيران، هو الوليّ على كافة المسلمين في العالم،
وطاعته واجبة كطاعة الإمام المهدي المنتظر لأنه نائبه. ولا يتم تعيين الولي الفقيه
عن طريق الانتخابات من قبل الشعب، بل ينتخب من قبل نخبة من الفقهاء بدرجة آيات الله
أي الخبراء كما ذكرنا أعلاه. وقال الخمينيأن  الأدلة التي تدل على وجوب الإمامة هي
نفس الأدلة التي تدل على وجوب ولاية الفقيه،وأنها من الأمور الاعتبارية
العقلانية،وذلك كجعل القيِّم للصغار، وأن القيِّم على الأمة لا يختلف عن القيِّم
على الصغار من ناحية الوظيفة.(5) كما ويعطي الخميني صلاحيات واسعة للوليّ الفقيه،
فيرى أن حكومة ولاية الفقيه هي شعبة من ولاية رسول  الله  (ص) المطلقة، وواحدة من
الأحكام الأولية للإسلام، ومقدَّمة على جميع الأحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم
والحج..فالولي الفقيه فوق الدستور والقوانين الوضعية، وقراراته تعتبر قوانين إلهية
واجبة التنفيذ.(6) 

 
لذلك نرى في جمهورية إيران الإسلامية، ورغم وجود رئيس جمهورية، ومجلس برلمان
منتخبين من قبل الشعب، إلا إن هؤلاء ليسوا صناع القرارات السياسية المهمة
الحقيقيين، فأي قرار يتخذه رئيس الجمهورية، أو قانون يصدره البرلمان لا يمكن وضعه
موضع التنفيذ إلا بعد أن يوافق عليه الولي الفقيه ومجلس حماية الدستور الذي هو
الآخر غير منتخب من قبل الشعب، ووظيفته اختيار المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية
والنيابية، ومن صلاحياته منع أي  مرشح من الترشيح إذا شك في ولائه للولي الفقيه.
ومن هنا نعرف أن الانتخابات البرلمانية والرئاسية وغيرها ما هي إلا إجراءات شكلية
لا قيمة لها في ظل حكم ولاية الفقيه. وباختصار شديد، وعلى العكس من الديمقراطية، لا
تؤمن ولاية الفقيه بقدرة الشعب على حكم نفسه، إذ يعتبر الولي الفقيه هو وحده الذي
يمتلك ناصية الحقيقة والعقل والمعرفة والعدالة، والقيِّم على شؤون أبناء الشعب،
ومعاملة الشعب كأطفال قاصرين ليس لهم القدرة على إدارة شؤونهم بأنفسهم. وهذا يؤكد
بصورة واضحة ومن دون أي لبس عدم توافق حكم ولاية الفقيه مع الديمقراطية. 

 
معارضو ولاية الفقيه من فقهاء الشيعة
لم يكن جميع فقهاء الشيعة مؤيدين لنظرية ولاية الفقيه المطلقة، فالغالبية العظمى
منهم عارضوا الإمام الخميني في هذه النظرية في حياته ولحد الآن، ومنهم نائبه أيام
الثورة الإسلامية، آية الله حسين علي منتظري (1922- 2009)الذي كان من المقرر أن
يخلف الخميني ليكون مرشد الثورة الإسلامية في إيران بعد وفاته. وكان منتظري مؤيداً
لولاية  الفقيه الجزئية أي التي تعني في المسائل الدينية فقط، وليس في المسائل
الدنيوية والمطلقة، إذ كان يدعو إلى فصل الدين عن السياسة، مما حدا بالخميني إلى
عزله في السنة الأخيرة من حكمه، وفرض عليه إقامة إجبارية في منزله والتي استمرت لحد
يوم وفاته (وفاة منتظري)، وتم تعيين السيد علي خامينئي خليفة للخميني، رغم أن
خامينئي لم يكن قد بلغ درجة الاجتهاد (آية الله) عند وفاة الخميني عام 1989. 

 
ومن الذين عارضوا نظرية ولاية الفقيه الخمينية جميع فقهاء الشيعة في النجف الأشرف،
ومنهم من توفاهم الله مثل: السيد محسن الحكيم ونجله السيد محمد باقر الحكيم الذي
اغتيل عام 2003 بعد عودته من منفاه في إيران، والسيد أبو القاسم الخوئي، 
والشيرازي. والأحياء منهم مثل: السيد علي السيستاني، والسيد محمد سعيد الحكيم،
والشيخ إسحاق فياض، والشيخ بشير النجفي. والمعارضون من فقهاء الشيعة في لبنان من
الأموات والأحياء هم، السيد محسن الأمين، وعبدالحسين شرف الدين، والسيد موسى الصدر،
والشيخ محمد جواد مغنية، والشيخ محمد مهدي شمس  الدين.أما آية الله السيد محمد حسين
فضل الله، فقد أيد الخميني في البداية في ولاية الفقيه، ولكنه تراجع فيما بعد وقال
"بتعدد ولايات الأمر" أو "تعدّد القيادة الإسلامية في عصر الغيبة"، ولذلك حورب من
قبل حزب الله في لبنان الذي يؤمن بولاية الفقيه. 

 
أما في إيران فقد عارض (نظرية ولاية الفقيه) الشيخ مرتضى الأنصاري قبل قرنين من
الزمان، وقدحاول دحض أقوال الشيخ نراقي في ولاية الفقيه. وكذلك عارضها المجتهد
الأكبر آية الله ميرزا محمد حسينالنائيني الذي كتب دستوراً علمانياً نشر عام 1909
في كتاب عنوانه: (تنبيه الأمَّة وتنزيه المِلَّه) أكد فيه فصل الدين عن  السياسة.
ومن المعاصرين للخميني الذين عارضوا ولاية الفقيه بشدة هوآية الله شريعتمداري إلى
حد أن اتهمه الخميني بالردة عن الإسلام!! 

والمفارقة أن حفيد الإمام الخميني، السيد حسين الخميني، وهو رجل دين بدرجة آية
الله، من أشد المعارضين في إيران لنظرية ولاية الفقيه وزج الدين بالسياسة، وله قول
مشهور في هذا الخصوص: "السياسة تفسد الدين والدين يفسد السياسة". كما وإن السيد
محمد خاتمي، رئيس الجمهورية الإسلامية في إيران سابقاً معارض لولاية الفقيه، ويسعى
لقيام نظام ديمقراطي يحترم الدين. أما بالنسبة لموقف الشعب الإيراني من نظرية ولاية
الفقيه فهو رافض لها  كما ظهر ذلك بوضوح من خلال نسبة المقاطعين للانتخابات
البرلمانية في الدورة الأخيرة (2008) التي بلغت نحو 80% من الذين يحق لهم التصويت،
وكتعبير لمعارضتهم للنظام الإسلامي الثيوقراطي. كذلك انتفاضة الشعب الإيراني بعد
الإنتخابات الرئاسية عام 2009 والتي فاز بها المرشح الديمقراطي المعارض مير حسين
موسوي، فتم تزييف النتائج لصالح المتشدد الرئيس محمود أحمدي نجاد، وبمباركة من مرشد
الثورة الإسلامية (الولي الفقيه) السيد علي خامنئي.

 
الاستنتاج
نستنتج من كل ما تقدم ما يلي: 
1- إن (نظرية ولاية الفقيه) عند الشيعة الإمامية تعادل نظرية (الحاكمية لله) عند
الإسلام السياسي السني (الأخوان المسلمون). وقد تبناها حزب الله منذ تأسيسه
كأيديولوجية دينية مرشدة في عمله، كما وتبناه المجلس الإسلامي الأعلى في العراق
والذي تأسس في إيران في الثمانينات عندما كان معظم قادة المعارضة الشيعية فيها.

2- ولاية الفقيه تكرس الحكم المطلق في يد رجل واحد تسبغ عليه صفة الكمال والعصمة
قريبة من النبوة، تتوفر فيه العلوم الدينية والعدالة، ويكون نائباً للإمام الثاني
عشر الغائب (المهدي المنتظر) وهو مرشد الثورة الإسلامية في إيران في الوقت الحاضر،
وطاعته واجبة على كل مسلم ومسلمة، واعتبار الشعب كصغار قاصرين، وبذلك فالنظرية على
الضد تماماً من النظام الديمقراطي.

3- تكرس ولاية الفقيه الولاء للأجنبي وللطائفة، أي للحاكم المطلق في إيران بدلاً من
الولاء للوطن وحكومته المنتخبة من الشعب، وبذلك فهي تكرس الطائفية وتؤجج الصراع
الطائفي بين أبناء الشعب الواحد ذي المكونات الدينية والمذهبية المتعددة.

4- وبما إن الشعب العراقي متعدد الأديان والطوائف، ولا يصلح له إلا نظام ديمقراطي
يشترك فيه ممثلو جميع مكوناته في إدارة شؤون البلاد بالتوافق في نظام دولة
المواطنة، لذلك فإذا ما قيّض لأي حزب إسلامي شيعي مؤمن بولاية الفقيه أن يحكم
العراق، فلا بد من أن يفرض هذه النظرية على بقية مكونات الشعب بالقوة، ولذلك نعتقد
أن وصول هكذا حزب للسلطة وإنفراده بالحكم أمر مستحيل.

  5- وبالتأكيد سوف لن تقبل المكونات الأخرى من الشعب العراقي هذا النوع من الحكم
القسري الشمولي، لذلك فليس أمام هذه المكونات سوى مواصلة النضال من أجل حكم
ديمقراطي ينصف الجميع. 

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر: 
1- كتاب تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه لأحمد الكاتب
http://www.ansar.org/arabic/katibindex.html
>2- شفيق شقير،  المعرفة - ملفات خاصة 2001 - نظرية ولاية الفقيه وتداعياتها في
الفكر ...

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/5F56BEB2-F30B-455D-A24A-94D742A7FF94.htm
>3- شفيق شقير، نفس المصدر.
4- عفاف الجمري، المرجعية وولاية الفقيه(1-2) مجلة الوقت، العدد183- الثلاثاء 28
رجب 1427 هـ -22 أغسطس 2006.

5- الخميني، الحكومة الإسلامية, مركز بقية الله, الطبعة الثالثة ص 109
6- شفيق شقير، نفس المصدر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كاظم الحسيني الذبحاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/05/30



كتابة تعليق لموضوع : ولاية (القومي) وولاية ( العاهل) وولاية ( الفقيه)! ... ردا على مقال حول نظرية ولاية الفقيه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 3)


• (1) - كتب : كاظم الحسيني الذبحاوي من : العراق ، بعنوان : من هو الولي البديل ؟ في 2011/07/22 .

اذا كانت هذه بدعة من إيران ،ورأيك فيه محترم ، هلاّ لو قدمتَ لنا البديل الذي يتلقى ولاية الأمة مباشرة عياناً ،ولا أقصد بذلك الولاية العامة للمعصوم عليه السلام ؛وإنما أقصد الولاية السياسية التي تنشيء سلطة زمنية تقوم بمصالح المسلمين ؟ فإن قلت : إن الولاية للمعصوم عليه السلام . قلتُ : إنّ ولاية المعصوم ولاية عامة ولا تعارض بينها وبين الولاية السياسية ،ذلك أن ولاية الفقيه أحسن عند الله من ولاية الطاغوت .

• (2) - كتب : ابن النجف الاشرف من : العراق ، بعنوان : ولايه الفقيه مبدأ باطل في 2011/07/22 .

البدعة الايرانية المسماه ولايه الفقيه هي مبدا باطل لأن ولاية الفقيه في ايران هي عامة مطلقة بمعنى ان للولي الفقيه صلاحيات الامام المعصوم وهذا جحود واضح بحق الامام المهدي عليه السلام لأن الامام المهدي حي يرزق ولايجوز لأحد الادعاء بالوكالة منه او الادعاء بأمتلاك الصلاحيات حيث يعتبر الوكيل نفسه كالاصيل والا فما حاجتنا للأمام اذا وجد وكيل يمتلك الترخيص والصلاحيات العامة !!!!!!!!



• (3) - كتب : ابن العراق من : العراق ، بعنوان : وعّاظ السلاطين في 2011/06/01 .

القرضاوي يلجأ لتكتيكات حسني مبارك وسوزان ... المحكمة استدعته فصاح .. البي .. البي ... اه يا البي

May 31 2011 18:45


عرب تايمز - خاص

ردا على استدعاء المحكمة الشرعية القطرية ليوسف القرضاوي للنظر في الدعوى المقامة عليه من قبل زوجته الجزائرية التي اغتصبها في اخر ليلة ( وفي التعبير الفقهي استمتع بها ) وهو ينوي تطليقها لحرمانها من حقوقها الشرعية وكان كبير علماء الإسلام، الشيخ القرضاوي عندما قرر تطليق زوجته أسماء بن قادة، اتجه إلى بيتها وقضى معها ليلة كاملة ضاجعها فيها عدة مرات مع انها لم تكن ليلتها في ذلك اليوم، حسب أحكام التعدد، ولكنه أرادها آخر ليلة ينتزع فيها آخر جرعة استمتاع واستغلال ليختفي بعدها بيومين خارج قطر، بعد أن عبر لأسماء عن حبه وأكد لها أنه في مزرعة صديقه عبد الله سلاطين في الدوحة وسيعود في المساء! وبعد اختفائه بسبعة عشر يوما ودون أن تعرف أسماء مكانه وسبب رحيله، يبعث لها برسالة ليقول لها فيها 'أنت طالق'! حدث ذلك في إطار علاقة زوجية فعلت أسماء من أجلها كل ما يمكن به المحافظة عليها بإملاء حرفي من الشيخ، رغم الاعتراض الشديد من أسرتها على هذا الاقتران بسبب الفارق الكبير جدا في السن ولان القرضاوي اقام علاقة معها واتصل بها رغم صغر سنها دون علم والدها وكان يبعث اليها بقصائد ورسائل حب حتى اوقعها في حبائله

نقول .. ردا على استدعاء المحكمة القطرية للقرضاوي لجأ القرضاوي الى تكتيكات حسني مبارك وسوزان .. حيث اغمي عليه بمجرد استلام الاستدعاء وصاح .. قلبي .. قلبي .. اه يا قلبي .. وتخلف عن القاء خطبة الجمعة في مقره في مسجد عمر بن الخطاب ... وروج فورا عبر وسائل الاعلام انه طريح الفراش ويعاني من ازمة قلبية في محاولة للتنصل من المثول امام المحكمة للرد على اتهامات زوجته او طليقته

وكان القرضاوي قد هدد اسماء بسحب جنسيتها القطرية وطردها من قطر وقد وكلت اسماء واحدا من اشهر المحامين في قطر لمقاضاة القرضاوي واخذ حقوقها كاملة ... للمزيد من المعلومات عن القرضاوي واسماء وحكايتهما ... انقر على الروابط التالية في عرب تايمز

http://www.arabtimes.com/portal/news_display.cfm?nid=8404

http://www.arabtimes.com/portal/news_display.cfm?Action=&Preview=No&nid=7595&a=1

http://www.arabtimes.com/portal/news_display.cfm?Action=&Preview=no&nid=7129





حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net