صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

 ارخى الليل سدوله , وخيم الصمت , وهجعت الاصوات , وتوقفت الحركة في الخارج , خلا بعض القطط والكلاب , بينما كنت انوي الخلود الى نوم عميق , بعد نهار شاق , سمعت نباح الكلاب , قد ملئ الفضاء , فعلمت ان الذئاب قد هاجمت شويهاتي , تناولت بندقيتي وهرعت الى حضيرة الاغنام , فلاذت الكلاب بيّ , بدلا من ان تحمي الاغنام , فأطلقت النار في الهواء , وهربت الذئاب بعيدا عن المكان . 
في اليوم التالي , استدعاني المدير , فذهبت اليه , حيث وبخني بشدة , ولامني كثيرا لاني اطلقت النار في وقت متأخر من الليل , حيث افزعت النساء والاطفال , وفشرحت له الامر , وانه لابد لي من الدفاع عن اغنامي , وان لم اطلق النار , فتأكلها الذئاب , لم يقبل المدير بعذري , وحذرني اشد الحذر , ووعدني بزجي في السجن . 
لابد لي من وسيلة اخرى احمي بها اغنامي , فجائتني فكرة , جمعت عدة مكبرات صوت , ووضعتها في عدة اماكن تحيط بالحضيرة , وربطتها بجهاز يصدر اصواتا مزعجة , ستفزع الذئاب منها وتهرب . 
فعلا , هجمت الذئاب مرة اخرى , فأطلقت المكبرات , فزعت الذئاب , وذعرت ذعرا شديدا , حتى ولتّ هاربة , في اليوم التالي , استدعاني المدير , وقال لي ماذا فعلت ؟ , فأجبته اني التزمت بما طلب مني , ولم اطلق النار , بل اطلقت مكبرات الصوت بدلا من ذلك , لكنه انزعج ايضا , وطلب مني ان لا اطلق النار ولا مكبرات الصوت , والا فالسجن مأواي , لقد تجادلنا كثيرا , فكيف سأحمي اغنامي , لابد لي من وسيلة , طلبت منه ان يحل المشكلة كي لا الجأ لاطلاق النار والمكبرات , فقال لي (( اترك تربية الاغنام .. فلا فائدة منها ... وان اللحوم المجمدة ملئت السوق ... ورخيصة الثمن )) , فأخبرته انها المهنة الوحيدة التي اجيدها , فقد ورثتها من ابي , وابي ورثها من جده , وهكذا تناقلتها العائلة ابا عن جد , فماذا سأعمل ان تركتها ! . 
في الليل , عادت الذئاب الكرة , ولم يكن بأستطاعتي اطلاق النار ولا مكبرات الصوت , خشية من ان يزجني المدير في السجن , ولكن ما تناولت الذئاب النعجة الاولى , لم استطع ان ابقى متفرجا , فتناولت البندقية , واطلقت النار , فهرعت الذئاب مذعورة . 
في الصباح , وصلت مفارز الشرطة , والقوا القبض عليّ , واودعوني في السجن , لمدة خمسة ايام , مضت ببطئ , وحين عدت الى البيت , وجدت الاغنام قد اختفت , فقد هجمت عليها الذئاب , واقتنصتها واحدة تلو الاخرى , ولم يكن هناك من يحامي عنها , اما العيال فقد اخذ منهم الجوع مأخذه , فماذا افعل الان وما العمل ؟ , ذهبت الى المدير , واخبرته بما قد جرى , الذي لم يعرني أي انتباه , غير كلمة تخرج من فاه ( سوف ابحث لك عن وظيفة ) , وانتظرت الوعد طويلا , فلم يف به , الى ان جائني احد ابناء عمومتي , ليخبرني بأمر هام , ابلغني بأن المدير سوف يسافر الى بلد مجاور مع عائلته , ليقضوا الصيف هناك , و بالتاكيد انه سيصطحب معه مبلغا كبيرا , مع اشياء نفيسه , واقترح عليّ ان نكمن له , ونقطع عليه الطريق , ونجرده من امواله , ثارا لما بدر منه , استحسنت الفكرة , حتى جاء اليوم الموعود . 
فكمن احدنا قرب بيت المدير , وكمنا بدورنا على الطريق السريع , الذي سوف يسلكه , فما ان خرج هو وعائلته في ساعة متاخرة من الليل , وبدون حراسة , حتى اخبرنا بمجيئه , واخذنا اماكننا , وقطعنا الطريق بعدة صخور كبيرة , فوصلت السيارة وتوقفت مقابل الصخور , ترجل المدير ليتفحص الامر , ويحاول تحريكها , اثناء ذلك انقضضنا عليه , انقضاض الذئاب على الشاة , كتفناه , وشددنا عيناه , وطلبنا من العائلة الترجل من السيارة , واخرجنا ما فيها من اموال , وكانت كثيرة , ابن عمي لاحظ ارتداء احدى بنات المدير الصغيرات شيئا من الحلي الثمينة , فجردها من حليها , فتذكرت موقف شبيها بذلك , فعندما قتل الحسين (ع) وسلبت عياله , جردت الاطفال والبنات الصغيرات من حليهن , فأستهجنت مما قام به , وامرته بأعادة ما سلب , فنحن لسنا لصوص , بل جئنا لنسترد حقا لنا مضيعا . 
عدنا الى البيت , واقتسمنا الغنائم , فاشتريت عددا من الاغنام , لكني وجدت هذه المرة صعوبة في تربيتها , وفكرت مليا في امر قطع الطريق , التسليب اكثر ربحا , فجمعت عصابتي وشرعنا بغزو السيارات ليلا , فجنينا مالا كثيرا , لم نكن لنحلم به .
ذات مرة , بينما كنا مشغولين في تسليب باص كبير , فيه الكثير من الناس , رجالا ونساءا , اطفالا وشيوخا , لاحظت مدى الرعب والفزع الذي انتابهم , فنظرت في مرآة كانت في الباص , فلم ارى نفسي , بل رايت ذئبا ببندقية ,  فتذكرت فزع اغنامي من هجمات الذئاب !! . 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/05/29



كتابة تعليق لموضوع : الذئاب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net