اخطر ما يقوم به الانسان من اتخاذ باب في سير حياته هو طريق (العلم بالدين) !
صحيح ان الاسلام حث على العلم اكثر مما يحث على شيء اخر ، الا انه في نفس الوقت فيه مخاطر عميقة وكبيرة لما يحمله من تاثير على البشر وعلى نفس السالك ايضا ، لان المهندس ان اخطأ فخطأه سيقع على الارض ، وخطأ الطبيب سيدفن تحت الارض ، اما خطأ العالم فأنه يمشي على الارض ! .لذى قال المعصوم (عليه السلام) : (من افتى بغير علم اكبه الله على منخريه في نار جهنم) ..
وهذا شيء فضيع بحد ذاته يصعب التعامل معه احيانا ، ومن اخطار هذا السلوك هو (حداثة المرجعية مع العصر) ؟!
حيث كثر النداء الان من الشباب ومن المدعين للمرجعية وبث هذه الفمرة بينهم وبين الناس بشكل واسع والمطالة بالتجديد واحداث طرق جديدة في عمل الحوزة الدينية ، وهنا لابد ان نقول :
اولا :
ماذا تقصدون بالحداثة هل هو اتيان علوم غير دينية مثلا وادخالها في الحوزة العلمية ؟
وان حصل هذا فسيكون خارج عن اختصاصها فجامعات الهندسة من المستحيل ان تدخل قسم البايلوجي في اختصاصاتها ، لانها لا تنفعها اصلا ، كذلك الدين لا ينفع معه الا علومه .
ثانيا :
هل يقصد بالتجديد والحداثة في استلام الزعامة وقيادة الشيعة من قبل المرجع الاعلى ؟ وان تحدد بمدة معينة وتقنن ؟
وهذا بحد ذاته مخالف لقانون الامام نصا حيث قال ان المعيار ليست الشخصية بل التقوى ومخالفة الهوى .
ثالثا :
هل من المفروض انجرار الدين وعالم الدين وكيانه الى العصر وما يحمله الناس ام العكس ؟
اليس من المفروض ان الدين وعلومه هي التي تجر الناس وتجعلها تحت امرته لا العكس ، لان علوم الدين تمثل اوامر الله على الارض ، فنحن الذي نحتاج الى حداثة في تقبل المعلومة لا المعلومة نفسها ، فالدين واحد واستجابة الناس اليه مختلفة .
ومن الجدير بالذكر ان المرجعية الشيعية بشكل عام قد اثبتت جدارتها وعدم تاثرها ، وقوة صمودها امام كل الهجمات المتعاقبة من قبل الضالمين والطغات ، فلا توجد مؤسسة حرة مثلها حوربت بهذا الشكل وبهذه العدوانية وبقيت صامدة لكل هذه المدة ، وثباتها قد يكمن في امرين مهمين هما :
اولا :(1)
ان المرجعية العام للشيعة فيها تأييد وتسديد من قبل صاحب الامر ، ولم يتركها لحظة واحدة ، وهذا ما نراه من معضلات قد واجهة الحوزة وزعاماتها ، لكن الحل الاخير كان بفضل الله من قبل صاحب الامر ، مع الرعاية الالآهية والربانية اللامتناهية لمن دقق في بعض تفاصيل مراحلها منذ ولادتها بعد وفاة السفير الرابع الى اليوم ، والسيد السيستاني (دام ظله) كان احد النماذج التي حفظت كيان الحوزة وزعامة الشيعة من خلال التسديد الالهي وخصوصا في الفتوة الاخير من (الجهاد الكفائي) .
ثانيا :(1)
استقلالية المرجعية العامة للشيعة ، وعدم انخراطها مع الاحزاب الحاكمة او غيرها ، وعدم الانصياع لآراء الحكام الذي يريدون تطبيق الدين وشرائعه على اهوائهم ومصالحهم ، كما حصل لشريح القاضي او وعاظ السلاطين ، او كما هو حال ( ال شيخ ) من اعطائة جانبا فقهيا يجيز لهم الحرب على اليمن !؟ ،فلو كانت الحوزة وعلمائها مرتبطة بالمؤسسة الحكومية وتكون مقيدة كما هي مثيلاتها من الدوائر التي ترتبط بالحكومات لما نجحت ولا صمدت كل هذه المدة ، فأن احدى اسباب قوتها هي الاستقلالية عن الحكام لا لاجل مصلحة وانما من اجل الدين .
وان كان هناك انصاف لهذا الكيان العظيم لكان الانسان يفتخر بها بكل ساعة يعبد فيها ربه ويحمده على ما اعطاه من انتماء لشريحة همها الوحيد هو (اخراج الناس من الضلالة وحيرة الجهالة) .
_________________________
(1 _ 2) مقتبس من كلام للسيد حسين الحكيم ، حفظه الله ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat