قيادة حزب الدعوّة الإسلامية تتجه لعزل أمينها العام
اياد السماوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اياد السماوي

قد يعتقد البعض أنّ ما جرى من تجاهل متعمّد ومقصود للأمين العام للحزب نوري المالكي في الاحتفال التأبيني الذي أقامه حزب الدعوّة الإسلامية بمناسبة ذكرى استشهاد محمد باقر الصدر , وخروج الأمين العام غاضبا وتركه الاحتفال من دون أن يلقي كلمته , هو تصرّف فردي من قبل رئيس لجنة الاحتفال الدكتور وليد الحلي , لكنّ مصادر موثوقة من داخل الحزب تؤكد أن هذا التصرّف لم يكن تصرّفا فرديا , بل أن هذا التصرّف قد تمّ إعداده والاتفاق عليه مسبّقا بين رئيس الوزراء حيدر العبادي وصقور قيادة الحزب , لإعطاء رسالة للراي العام العراقي والأحزاب والقوى السياسية في العراق , أنّ نوري المالكي لم يعد قائدا للحزب , ولم يعد له اي دور في رسم سياسات الحزب العامة وعلاقته بالأحزاب والقوى السياسية التي تشّكل الخارطة السياسية الحالية , وأنّ بقائه أمينا عاما للحزب هي مسألة وقت لحين انعقاد مؤتمر الحزب العام .
والحقيقة أن هذا السيناريو كان متوّقعا بعد الانقلاب الذي قاده العبادي والزهيري والحلي والعلاق ولآخرون على زعيمهم والتآمر عليه بالاتفاق مع القوى السياسية الأخرى التي كانت تطالب بعزله , وبمباركة محمد رضا السيستاني الذي لعب دورا مهما في هذا الانقلاب , وبالرغم من كل الجهود التي بذلت من أجل إزالة آثار هذا التآمر وعودة المياه إلى مجاريها , إلا أنّ كلّ هذه المحاولات قد بائت بالفشل , وأصبح وجود نوري المالكي في أمانة الحزب يشّكل عبئا حقيقيا على منهج وسياسة الحزب التي اصبح العبادي هو من يمثلها بحكم موقعه كرئيس للوزراء , ولعلّ التطورات السياسية والأمنية اللاحقة وبروز ظاهرة الفصائل الإسلامية المجاهدة على الساحة العراقية , والمكانة المرموقة التي أعطيت للمالكي من قبل قيادات هذه الفصائل , هي القشّة التي قصمت ظهر البعير والتي أصبحت ترعب قيادة حزب الدعوّة , , وقيادة الدعوّة تدرك تماما أنّ قيادة نوري المالكي لهذه الفصائل المجاهدة , سيحدث تغييرات جوهرية على الخارطة السياسية في البلد بشكل عام والخارطة السياسية الشيعية بشكل خاص , فكل المؤشرات والدلائل تشير إلى تعاظم دور هذه الفصائل المجاهدة على الساحة السياسية وتحوّل قادتها إلى أبطال حقيقيين بنظر أبناء شيعة العراق .
ولعلّ من المصلحة لنوري المالكي ولمستقبله السياسي الخروج من قيادة حزب الدعوّة الإسلامية , بعد أن خرجت هذه القيادة عن منهجها السياسي والجهادي الذي أعطت من أجله آلاف الشهداء , ومن جانب آخر فأنّ دعم هذه القيادة لسياسات الحكومة التي يراسها حيدر العبادي , هي بحد ذاتها أصبحت تشّكل إحراجا للأمين العام نوري المالكي الذي رفض طيلة فترة حكمه أن يقدّم اي تنازل للآخرين على حساب الدستور ومصلحة الشعب , ولو كان المالكي قد قبل بتقديم هذه التنازلات المهينة التي تقدّمها حكومة رئيس الوزراء الحالية حيدر العبادي , لما حاربه الجميع ووقف ضدّه , وهنالك أمر مهم لا يمكن لنوري المالكي أن يتجاهله , وهو موقف مناصريه ومناصري الفصائل الإسلامية المجاهدة الرافض للذّل والخضوع والابتزاز , فهؤلاء المناصرون أصبحوا اليوم يشّكلون ثقلا سياسيا وقوة جماهيرية متعاظمة , خصوصا بعد الانتصارات الساحقة التي حققتها هذه الفصائل والتي أبرهت الأعداء قبل الأصدقاء .
ويقول أحد الكوادر المتقدّمة في حزب الدعوّة الإسلامية , إنّ تأخير انعقاد مؤتمر الحزب وتأجيله هو بسبب وقوف الغالبية العظمى من قواعد الحزب مع الأمين العام نوري المالكي , وهذا التأجيل هو من أجل كسب الوقت لشراء ذمم أكبر عدد ممكن من كوادر الحزب وإغرائها بالمال والمناصب والنفوذ , ونوري المالكي نفسه لم يعد مهيئا نفسيا ولا سياسيا لأن يتماشى مع سياسات هذه القيادة الجديدة , فهو بين احتمالين لا ثالث لهما , فأمّا أن تخرج هذه القيادة من الحزب ويبقى هو , أو يخرج هو من قيادة الحزب ويتابع مسيرته السياسية مع فصائل المقاومة الإسلامية في العراق , وهذا الاحتمال هو الأقرب للمنطق والصواب .
أياد السماوي / المنتدى الإعلامي الحر في العراق
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat