صفحة الكاتب : عمار العامري

استئصال الفساد في العراق يحتاج لفتوى تاريخية
عمار العامري

   كان للفتوى التاريخية التي أصدرها السيد السيستاني تأثير كبير على الحياة السياسية والأمنية والاجتماعية في العراق, وحيث ألقت بظلالها على الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية, كونها تمثل انبعاث لروح جديدة وحياة زاهرة في جسد كاد أن يكون ميت سريرياً, بسبب السياسيات المتبعة في إدارة ملفات البلاد.
     وبعد هذا النجاح الكبير الذي حققته الفتوى في جعل العملية السياسية أكثر شفافية ووضوح, بعدما كانت مفاوضات تشكيل الحكومات يشوبها الكثير من الغموض, نتيجة الاتفاقيات السرية بين الإطراف سياسية, التي تتفق في البدء وتصارع في المنتصف وتختلف في النهاية, كونها تؤسس لحكومات غير مبنية على المصلحة العليا للعراق, وإنما هدفها توزيع المناصب والامتيازات,  مما شجع مافيا الفساد للتوغل في المجالات الرسمية كافة, والذي اخذ يسري في الأوساط عامة, وعلى مختلف التعاملات, الأمر الذي يشخص المراقبين, بأن أموال العراق باتت في أيادي غير أمنية, حتى هيمنة اذرع الفساد على كل المؤسسات, ما يدل على فقدان الوازع الديني, وغياب البُعد الأخلاقي, واستفحال الحالة اللا وطنية في نفوس الأغلب الأعم من موظفي الدولة, وعلى مختلف المستويات التشريعية والحكومية والقضائية, الأمر الذي أصبح ينذر بخطر كبير على مستقبل العراق.
     حيث أصبح تأثير الفساد اكبر من تأثير داعش على العراق, كون أن الإرهاب جهة محددة ومشخصة جاءت من الخارج, ولها اذرع معروفة في الداخل, هدفها السيطرة على مقدرات البلاد عامة, بوسائل القتل والاستباحة والنهب والدمار, ولكن آفة الفساد لا يمكن تشخيص أدواتها, ولا تحديد أوجهها, كون القضية تشمل المجتمع بأكمله, لا يستثنى منه ألا الشيء اليسير, فهناك فساد أداري غير محسوس, يكمن في التلاعب بالتشريعات والقوانين, وفساد أخر في التعاملات السياسية والاجتماعية, وفساد مالي ينسحب على السرقة والاختلاس وغسيل الأموال وهدر المال العام, وإضاعة الوقت والتسيب في العمل, والغش في التعامل, والظلم في تقديم غير المناسب وتأخير المناسب, وغيرها الكثير من الحالات اليومية للمواطن العراقي.
     فكل هذا يحتاج لثورة شرعية, لا تقل ضراوتها عن فتوى الجهاد الكفائي ضد داعش, فما نحتاجه هو إنقاذ المجتمع من نفسه, وحفظ العراق من مفسديه, وهذا لا يكون ألا فتوى تاريخية (بالجهاد العيني) من قبل المرجعية العليا, تحدد فيها أنواع الفساد, وتشخص حالاته, وتدعو الجميع بلا استثناء إلى استئصاله, وإلا فإن لم تكن هكذا ثورة ضد الفساد في العراق, فأن المافيا الفاسدة, سوف تذهب بالعراق إلى مستقبل مجهول, خصوصا بوجود علامات أزمة اقتصادية عالمية, بدأت بوادرها تظهر على الحياة العامة, والتي سوف تكون ذات تأثير كبير على حياة العراقيين, مع السيطرة الكبيرة لعصابات الفساد الإجرامية.   
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عمار العامري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/03/27



كتابة تعليق لموضوع : استئصال الفساد في العراق يحتاج لفتوى تاريخية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net