صفحة الكاتب : زيدون النبهاني

نعم.. عاصرنا السيستاني
زيدون النبهاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 المواقف الطيبة لا تموت و لا تبلى، وإن مات ضمير التأريخ، فبين من يكتب التأريخ ومن يكتبه التأريخ، سفر الف عام في التفكر والتعقل والتمعن، للتفريق بين الإنسان الطبيعي و الأخر ذو الهبات الألهية، الاول يطرق باب الذاكرة بفعلٍ أو قول، ليتخلد أسمه ونعرف أثاره وأنجازاته، في سرد التأريخ لقصته وأعماله تصلنا صورة عن اولئك العظماء، محاولة لإنعاش رسالتنا في الحياة الدنيا وهديها الى طريق الحق.
اما الأخر فهو الذي يكتب التأريخ بقيمه ومبادئه وأفعاله، ليكون هو تأريخاً بحد ذاته، مكتمل العنوان والموضوع، والسيستاني واحدٌ من أهم رجالات هذا النوع من العظماء، الذين كتبوا الصفحات الأسمى في تأريخ البشرية، بالنظر لحجم الإنجازات التي جاءوا بها في إنعطافة مظلمة للتأريخ.
تصدى الإمام السيستاني للمرجعية في وقت ملئ بقيح البعث والعبث، خصوصاً إن صدمة أتباعه الشيعة كانت كبيرة بسبب ما آلت إليه نتائج الإنتفاضة الشعبانية، وتوجه النظام القمعي أنذاك بأستهداف الشيعة والعلماء وما رافقها من صمت دولي، لذلك كان المرجع محاطاً بمجتمع يائس ومهزوم وفاقد الأمل وقليل الحيلة.
التقية هي الحل وأعادة الثقة هي الغاية.
عمل سيد علي عملاً دؤوباً لإعادة الثقة في نفوس المجتمع الشيعي، وكان خيار التقية وقتها هو الطريق الأسلم لنيل تلك الغاية، تهدئة الأجواء ومهادنة السلطة الوحشية جاءت بنتائجها في التحضير لعالم ما بعد صدام حسين، فوسع الدروس الحوزية ونشر المبلغين والمعتمدين ووزع الوكلاء، ليستحضر الروح المعنوية لدى أتباعه.
وهذا ما أثمرت نتائجه في حرب الخليج الأخيرة، والتي إنتهت بنهاية حكم البعث للعراق وبداية الأحتلال الأمريكي له، وهنا أيضاً مفصل تأريخي أخر كان على السيستاني مواجهته للحفاظ على العراق، وكانت أثار الحرب مشوهه للسلم المجتمعي العراقي وبنيته المادية، فقد نشبت الحرب الطائفية على ركام البنى التحتية المدمرة وشرعنة الأحتلال الأمريكي، كل تلك الأحداث وغيرها كثير ممن يشيب عندها الرضيع، واجهها المرجع بحزم وإرادة صلبة وحولها إلى إنتصارات صرعت الإرادة الغربية، فأسس العملية السياسية كتجربة ديمقراطية جديدة على المنطقة، وأستطاع العبور بالعراق من مستنقع الطائفية سالماً مسلماً.
فتوى الجهاد وجهاد الفتوى..
لم تمضي الأيام سريعاً لتتيح لكاتب التأريخ وقتاً للعناية بالتجربة السياسية حديثة النشأة، فقد سقطت الموصل ومعها الأنبار وديالى وتكريت وأجزاء كبيرة من محافظات أخرى، وأقتلع الكفر الداعشي جزءاً من قلب العراق الذي لم يجد الفرصة بعد.. للملمة جراحه، ليجد الأمام نفسه بمواجهة العديد من الفتاوى المضلة وأتباعها من البرابرة اللا دينيين، هناك يذبحون، ينتهكون، يستحلون كل محرم، وهنا يتقدمون أتجاه بغداد العاصمة ومقدسات المسلمين، فكانت أنامل الذهب التي كتبت فتوى الجهاد الكفائي هي المنفذ والمخلّص، حتى جاءهم جند الحق من بين أيديهم وأرجلهم، يسجلون ملاحم الإنتصار.
مع كل ذلك لم يسلم سماحته من تهجم المتربصين للإسلام والعراق، شوهت الحقائق وسرقت الإنجازات، بل وتعدوا ذلك بالشتم واللعن والقذف، وهذا ما كان متوقعاً، فطريق الحق يشكو دائماً مِن قلّة سالكيه، والشجرة المثمرة باتت عرضة لضربات الحجر.
بعد كل ما ذكر.. نجد إننا نعيش في زمان مميز كتب تأريخه المرجع السيستاني، إنه زمن سيد علي و وقفاته وجهاده وإصلاحه وفتواه، زمنٌ يجبرنا على الفخر.. إننا عاصرنا الإمام السيستاني.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زيدون النبهاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/03/26



كتابة تعليق لموضوع : نعم.. عاصرنا السيستاني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net