صفحة الكاتب : سعود الساعدي

فصول عملية الانقلاب في العراق مستمرة
سعود الساعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

اسطوانة الاقصاء والتهميش المشروخة التي يرددها ساسة السنة العراقيين تعبر شعوريا أو لا شعوريا عن امتعاضهم من فقدان كرسي الحكم على العراق لعقود متمادية الا انها تأخذ مظهر الاحتجاج على ابعادهم عن المشاركة في الحكم كما هو مدعاهم فهم يعدون كرسي الحكم جزءا من اثاثهم وحقا تاريخيا لهم ولازمة من لوازم حياتهم ووجودهم لذلك لايعتبرون نداءات الحرب الطائفية وحملات التحريض على القتل التي يشنونها عيبا او جرما وعلى بقية العراقيين مع هذا ان يختاروا واحدا من اثنين اما سلخ جلودهم وتطاير اجسادهم وبعثرة اشلائهم في الشوراع او العودة الى قطيع اغنام القائد الضرورة كخدم وحشم. فقد تصدر هؤلاء واجهة الطبقة السياسية السنية وباتوا يمثلون الجبهة السياسية الداعشية التي تحبذ ممارسة لعبتها المفضلة التي نجحت فيها ببراعة منقطعة النظير لتواصل صناعة وتنفيذ الاحداث الاجرامية حتى مع ابناء جلدتها ولا فرق لديها في استهداف مسجد كما حصل مع مسجد مصعب بن عمير في ديالى او استهداف منطقة معينة كما حدث في بروانه او استهداف شخصية معينة كما جرى على الشيخ قاسم سويدان الجنابي، هذا الاستهداف المستمر والمرشح للتواصل لحين تحقيق اهدافه المرسومة يتم بمكر ودهاء على طريقة معاوية وعمرو بن العاص لتُستثمر هذه الاحداث وتوظف في جولات العراك السياسي الذي امتد مسلسل حلقاته الدموية والطويلة لسنوات عديدة في سياق التصدي لمشروع النهوض الشعبي المقاوم المتنامي الرافض لمشروع الفوضى والدمار الشامل الذي يديره هؤلاء بدناءة وخسة لامثيل لها منذ 2003 ومن خلفهم الادارة الصهيو- اميركية والحوادث الاخيرة المذكورة سلفا هي عمليات مفصلية في هذا الاطار صاحبتها حملات اعلامية وسياسية حادة وظفت سياسيا لممارسة مزيد من الضغوط وتحصيل المكاسب وتنفيذ الاجندات الخارجية.

ان اغتيال الشيخ قاسم الجنابي هو عملية نفذت على طريقة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري لإحداث انقلاب على المقاومة الاسلامية في لبنان حزب الله بعد فشل حرب 2006 في القضاء عليه او نزع سلاحه كما خُطط لها مع الفارق ما بين مكانة وموقع الرئيس الحريري والشيخ الجنابي الذي تم تضخيم صورته وتحويله الى رمز طائفي من اجل تعبئة الشارع السني والايحاء له بانه تحت التهديد بالخطف والقتل.

الساسة السنة الذين لم ينجحوا في قيادة مركب اهل السنة في العراق والخروج من مضائق العراق السياسية المعاصرة ابتدأ بسيء الصيت عدنان الدليمي ومرورا بالهارب طارق الهاشمي وانتهاء بالإخواني سليم الجبوري فجميعهم تاجروا بارواح كل السنة وكل العراقيين من خلال سياساتهم المراهقة وغياب قراءتهم الواقعية والتعامل بسطحية مع حقائق الواقع الموضوعية فقد لجأوا الى العنف السياسي والطائفي كوسيلة لرفض معطيات التغيير في العراق بعد عام 2003 ولم يتورعوا يوما ما عن اطلاق نداءات التحريض والشحن العاطفي وشحذ النفوس بمفردات الطائفية والعزف على اوتار الحساسيات المذهبية وهاهم يقدمون الشيخ الجنابي قربانا على مذبح آلهة طموحاتهم السياسية.

الغرض الاساسي من عملية اغتيال الشيخ قاسم الجنابي واختطاف ابن شقيقه النائب زيد الجنابي هو لجم ما يطلقون عليه "المليشيات الشيعية" التي لم يبينوا مصاديقها الواقعية وقصدهم من ذلك فصائل المقاومة الاسلامية العراقية وسرايا الحشد والدفاع الشعبي وحشرها في زاوية حرجة عبر تشويه صورتها وفرض القيود عليها وتحجيم حركتها.

فصائل المقاومة العراقية وسرايا الحشد الشعبي نجحت الى حد بعيد وغير متوقع من الاصدقاء قبل الاعداء في قلب الطاولة على داعش وباتت تمثل العائق الوحيد امام تنفيذ المشروع الاميركي في العراق الذي قام على اطلاق ذئب داعش وتدخل في صياغة النظام السياسي في العراق بحجة مطاردته ومعالجة اسباب اختراقه وتواجده في الساحة العراقية على طريقة استراتيجية احراق القرية واعادة تشكيلها من جديد.

تغيير قانون حظر البعث الى قانون حظر الفصائل والحشد الشعبي التي يطلقون عليها تسمية "المليشيات" هو هدف آخر من اهداف عملية الاغتيال الأخيرة، فضلا عن ممارسة الضغوط السياسية والشعبية والاعلامية من اجل اقرار مجموعة من القوانين المريبة التي تم الاتفاق عليها في ما سُمي بالاتفاق السياسي الذي من الممكن عده عملية انقلاب ابيض على النظام السياسي في العراق.

اثبتت ما يطلقون عليها "المليشيات الصفوية" انها اكثر وطنية - ويالها من مفارقة-  وشرفا ونزاهة من كل المتآمرين سنة أو شيعة او كردا كانوا ولن ينجحوا في قلب الطاولة عليها بألاعيبهم المكشوفة لانهم اصغر من ان يقدروا على ذلك.    

فمن سيكون ضحيتهم التالية وقربانهم الآخر! شخصية سنية سياسية كبيرة؟ أم شخصية سنية دينية متقدمة؟ أم شخصية عشائرية وازنة جديدة؟


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سعود الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/02/20



كتابة تعليق لموضوع : فصول عملية الانقلاب في العراق مستمرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net