صفحة الكاتب : علي شيروان رعد

المنهجية في طلب العلم والتعلم
علي شيروان رعد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   إنَّما سقمت الأفهام يوم صرنا أعاجم

كثير من طالبي العلم بشتى أنواعه ما يخبط خبط عشواء في اقتناء الكتب وبدون تدرج للوصول الى الكتب البسيطة فالأقوى، وإنَّ مرحلة الشغف بالكتب من المراحل التي يمر بها طالب العلم ولا بدّ، وهي إن لم تكن أول مرحلة، فهي من أولى المراحل ولا شك، فطالب العلم سيشعر بضعف نفسه وحاجتها للعلم، وسيُلمح (إن كان لمّاحاً) تضجَر المقربين من تكرار أسئلته البديهة ! ماذا أقرأ؟ أيُ الكتب سيقع عليها اختياري؟ ومن أين أبدأ؟
وهذا الأمر إيجابي لأنه سيدعوه للاعتماد على نفسه في البحث وتحرير المسائل بدلاً من سؤال غيره في كل شاردة وواردة !
ومن هنا تبدأ فكرة شراء الكتب المطبوعة أو المنسوخة على الانترنيت وتأسيس المكتبة وهذه المرحلة وراءها ما وراءها من المصاعب، ومن أشدّها (إن لم يكن أشدّها على الإطلاق) التردد الكبير في اختيار الكتب سواء الدينية منها أو الثقافية بشتى أنواعها! حيث ستنهال عليه الاقتراحات من كل حدب وصوب، كما سيمتلئ دفتر ملاحظاته أو هاتفه المحمول بأسماء الكتب المعتبرة، وسرّ الخطورة في هذه الحيرة أن الطالب لا يُقبل على اقتناء الكتب إلا وقد امتلأ قلبه بالهمة العالية واشتد شوقاً للقراءة والبحث؛ فتأخره عن تأسيس مكتبته الخاصة يستهلك جزءاً من همته وطاقته.
 وايضاً افتقاده المنهجية في طلب العلم، فهو لا يعرف من أين يبدأ؟ بماذا يبدأ؟ وما هي الكتب التي عليه أن يقتنيها؟ فإنَّ صانعي العلوم المختلفة قد قيدوا في ترتيب العلوم مصنفات لبيان هذه الامر.
فمن أهداف منهجية التعليم جعل طالب العلم منهجيا في تفكيره وطروحاته وبحوثه متخلصا من الجمود الفكري ومتوجها نحو الإبداع والتجدد بالنقد والتحليل المنهجي المنظم .
وتوجد شريحة من الطلبة درس دراسة أكاديمية قد تكون في صلب موهبته أو أنه أُجبرَ عليها لسبب تدني مستوى معدل درجاته التي لمّ تؤهله الى الموضع الذي يرغب فيه ويستهويه في الجامعة  ولم يحالفه الحظ في رغبته وميوله نحو دراسة علوم دينية او فنية أو اجتماعية لم يحظى بها عند قبوله في الجامعة والمعهد أو أنه قد مر عليها مرور الكرام خلال دراسته الأكاديمية ولكنه في حيرة حين يعزِم على دراسته الذاتية كيف يبدأ ومن اي الكتب يختار؟.

وللوصول الى هذا الهدف أخترت ونقلت واضفت لك بعض القواعد المهمه التي أوصى بها أغلب العلماء والمرشدين ولابد أن تتعرف على قواعد السير هذه حتى لا يتعثر جوادك، أو تتشتت أفكارك أو تُتلف مُشترياتك: ومن هذه النقاط المهمه
أولًا:- العلمُ  كثير، والعمر قصير، فلا تشتغل بمفضول عن فاضل .

ثانيًا:- خذ من كل علم بطرفه بادئ الأمر ثمَّ ترقَّ في الدرجات.

ثالثًا: العلوم كل واحد منها متصل بالآخر فلا تركن لجانب دون الآخر.

رابعًا : العلوم منها علوم وسائل، ومنها علوم ثمرات، فابدأ بالبذر، واصبر في زمان السقي، وارتقب حصول الثمرة لتحصدها.

خامسًا: لابد من المنهجية والمرحلية، فلكل علم ثلاث مراتب: اقتصار، واقتصاد، واستقصاء.
فهن ثلاث: للمبتدئ، والمتوسط، والمنتهية.
 ولا يجوز بحال أنْ تأخذ ما جُعل لمن هو أرقى منك درجة، وإلا بنيت من غير أسس صحيحة، وتلك آفة التَّسرع والعجلة، فلا تَعْجَلْ.

سادسًا: إذا كانت دراستُك في الدين والشريعة قَدِّم فروض الأعيان على فروض الكفايات على المندوبات، وإياك ومكروه ناهيك عن حرام

سابعًا: لابد من متابعٍ دليل يأخذ بيدك، يبصِّرك بمفاتيح العلوم، ومداخل الكتب، لتنأى عن شبهة " تصحيف " أو " تحريف "، فأن كان طلبك في علوم الاجتماع أو فنون أخرى فاسأل خبير .
وإن كان طلبك في علوم الدين فلابدَ أنْ يكون دليلك قويم المنهج لتتربى بعيدًا عن التأويلات الباطلة والآراء الشاذة المنكرة .

ثامنًا: لكل علم وفن مصطلحاته، ولا مشاحة في الاصطلاح، فاحرص على اقتناء معاجم المصطلحات، واجعل لكل علم دفترًا عندك، ودوِّن فيه كل مصطلح جديد .

تاسعًا: لا يمر بك يوم دون تحصيل، فوقتك رأس مالك، والعلماء أبخل النَّاس بزمانهم.
الوقت أنفس ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع.
عاشرًا: الكتاب خير جليس، وأفضل أنيس، فلا تقرأهُ قراءة الغافل، بل حادثه وحاوره، لا تكن كالإسفنجة تتشرب كل شيء، بل كن كالقارورة المصمتة، تبصر من وراء حجاب.

عاشراَ:- عليك بتقوى الله تعالى ولزوم طاعته واجتناب نواهيه وجعل طلبك للعلوم لوجه الله تعالى اولا- ولخدمة الانسانية ثانياَ- واذكر قوله تعالى ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾  المجادلة آية (11)
وقول خاتم الانبياء والرسل محمد صلى الله عليه وأله وسلم : " من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض ، حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، إن العلماء ورثة الأنبياء ، إنَّ الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر "أخرجه الترمذي (2682(
 
أقول صدق رسول الله فإن مرض القلوب والارواح اعظم و أكثر من الأبدان ، فالجهل داء ، والعلم شفاء هذه الأدواء ،
وكما قال علي بن أبي طالب ع : ( ومن شرف العلم وفضله أنَّ كل من نسب إليه فرح بذلك ، وإنْ لم يكن من أهله ، وكل من دفع عنه ونسب إلى الجهل عزَّ عليه ونال ذلك من نفسه ، وإنْ كان جاهلاً ) اخرجه ابو داود في مسنده (336).
 واختم بقول الشافعي رحمه الله:-
شَكَوتُ إِلى وَكيعٍ سوءَ حِفظي         فَأَرشَدَني إِلى تَركِ المَعاصي
وَأَخبَرَني بِأَنَّ العِلمَ نورٌ         وَنورُ اللَهِ لا يُهدى لِعاصي

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي شيروان رعد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/01/31



كتابة تعليق لموضوع : المنهجية في طلب العلم والتعلم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : علي رعد الفتلاوي ، في 2015/02/03 .

وافر من الشكر لموقع كتابات في الميزان على نشر مقالي الجديد ، متمنيا لهم التطور في خدمة الثقافة والادب .




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net