قطيع شارلي إيبدو والمغول الجدد
علي الجفال
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لم يعد صراع الحضارات بعد حادثة شارلي إيبدو نظرية مفاهيمية مجردة يجري الخوض فيها في مراكز البحوث أو ملتقيات الصراع أو التلاقح الفكري. بل سيجد خلال القادم من الزمن المنظور ميادين للتطبيق العملي. ميادين أوسع من تلك التي خلقتها حادثة تفجير برجي التجارة في نيويورك في 11 أيلول. هناك كانت سرادق العزاء تحمل الوان العلم الامريكي مجردا من نجومه التي تمثل الولايات المتحدة. وهناك أيضا كانت شماتة العالم تحلق الى جنب أرواح ضحايا التفجيرات. لكن حادثة شارلي إيبدو وجدت المعزين جاهزين لحفل الشواء الموغل في التعصب والأصولية. أكثر من خمسين شخصية من قادة العالم شاركوا في كرنفال تدشين الفصل الجديد من صدام الحضارات. شخصيات لا يجمعها غير الدم. الدم المراق في باحة الصحيفة التي استباحت منظومة قيمية تمتد لاكثر من 1400 سنة ممثلة بالاسلام والنبي محمد رمزه الاكبر والاكثر قداسة عند ما يزيد على المليار وثلاثمائة مليون مسلم. والدم الرابط بين الضحية والجلاد. بين محمود عباس ونتنياهو المحلقين على جانبي رئيس الوزراء الفرنسي أولاند، وبينه وبين وما تبقى من بلد كان اسمه ليبيا، أو بقايا بلد اسمه سوريا.
آنذاك، إثر تفجيرات 11 أيلول، كان الغول المصنع في مختبرات التطرف والاصولية المرتبطة بأجهزة الاستخبارات الامريكية جاهزا لتحمل وزر الجريمة علنا. كان تنظيم القاعدة ينشط، في الجانب الاعلامي على الاقل، وكأنه أحد الدوائر التابعة لتلك الأجهزة. وتحت ذريعة تلك الجريمة الغامضة والملتبسة تم تدمير إفغانستان دون أن يتم تدمير تنظيم القاعدة، وتم قتل أكثر من مليون أفغاني تمهيدا لقتل أسامة بن لادن. وآنذاك أيضا، تم إحتلال وتدمير العراق بذريعة العلاقة مع القاعدة. وبدل ان تدمر أواصر هذه العلاقة، التي لم تكن قائمة أصلا، تم فتح ممرات لدخول القاعدة الى العراق لكي تقوم بقتل العراقيين تفجيرا بالنيابة، أو بالتنسيق، مع القوات الامريكية التي سقطت عنها جميع أقنعتها الاخلاقية وبدت ملامح قبحها واضحة أمام العالم أجمع. أما الآن، وبعد حادثة شارلي إيبدو، فان قواعد اللعبة اختلفت. فدولة الخلافة قائمة في كل من العراق وسوريا. والخليفة يعتمر العمامة بطريقة طرابيش القناصلة الذين يمدون له يد العون من عواصم مشايخ النفط في الخليج الى أمراء النبيذ في أوربا و أباطرة المارغوانا في واشطن وليس انتهاء بسلاطين العثمانية الجديدة في أنقرة. هنا، والآن، أصبحت الحقول محروثة لحسم الصدام في مصلحة الدولة اليهودية القائمة على الهوية الدينية بخلاف مسارات الدولة المدنية الحديثة القائمة على هوية المواطنة. هل هي مجرد صدفة أن يتقدم نتنياهو قطيع الخرفان في باريس كما يطلق عليهم مواطن فرنسي هدد اولاند من مخاطر اللعبة الدينية..؟.
انه موت آخر للمفكر العربي المهدي المنجرة أول من نظرّ لصراع الحضارات ولكن من منطلق بنائي وقائي قائم على إمكانية التلاقح. لكنه حياة أخرى للمفكر الامريكي صامويل هنتغتون الذي أعاد إنتاج المفهوم على أسس صدام الحضارات العالمية ومن بينها، أو في صلبها، الحضارة الاسلامية. وهو حياة أخرى لفرانسيس فوكاياما ونظريته حول نهاية التاريخ.. أيضا.
سوف لن يعود العالم الغربي مهتما، بعد حادثة شارلي إيبدو، بمقولات برنارد لويس عن جذور الغضب الاسلامي، ولن يعيد قراءة تفكيك أدوارد سعيد لنظرية صدام الحضارات، كما لم يولي إهتماما لإعتراضات ألن هوبس على النظرية وتقاطعها مع التطبيق الديمقراطي في أمريكا اللاتينية، الجناح الآخر لما كان يسمى بالعالم الثالث وإرثه الواسع من إنقلابات الجنرالات المصنعين أيضا في مختبرات المخابرات الغربية. الأدهى، انه سيدير ظهره للنخب الغربية التي تعي خطورة اللعبة المقبلة، فلم يعد صوت الكاتب الفرنسي الشهير آلن غريتش مقبولا أمام صخب طبول الحرب التي يقرعها متطرفون من كافة العواصم الغربية، تدربوا على السباحة في برك الدم المسفوح على أعتاب عاصمة الرشيد أو عاصمة الأمويين. ولفرنسا حصة الاسد من هؤلاء، حيث بلغ عددهم حسب الاحصاءات الرسمية الفرنسية أكثر من الف وثمانمائة مقاتل. فهل تنطلق جحافل المغول الجدد هذه المرة من باريس عاصمة الحرية والفن والجمال والعطور؟.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
علي الجفال

لم يعد صراع الحضارات بعد حادثة شارلي إيبدو نظرية مفاهيمية مجردة يجري الخوض فيها في مراكز البحوث أو ملتقيات الصراع أو التلاقح الفكري. بل سيجد خلال القادم من الزمن المنظور ميادين للتطبيق العملي. ميادين أوسع من تلك التي خلقتها حادثة تفجير برجي التجارة في نيويورك في 11 أيلول. هناك كانت سرادق العزاء تحمل الوان العلم الامريكي مجردا من نجومه التي تمثل الولايات المتحدة. وهناك أيضا كانت شماتة العالم تحلق الى جنب أرواح ضحايا التفجيرات. لكن حادثة شارلي إيبدو وجدت المعزين جاهزين لحفل الشواء الموغل في التعصب والأصولية. أكثر من خمسين شخصية من قادة العالم شاركوا في كرنفال تدشين الفصل الجديد من صدام الحضارات. شخصيات لا يجمعها غير الدم. الدم المراق في باحة الصحيفة التي استباحت منظومة قيمية تمتد لاكثر من 1400 سنة ممثلة بالاسلام والنبي محمد رمزه الاكبر والاكثر قداسة عند ما يزيد على المليار وثلاثمائة مليون مسلم. والدم الرابط بين الضحية والجلاد. بين محمود عباس ونتنياهو المحلقين على جانبي رئيس الوزراء الفرنسي أولاند، وبينه وبين وما تبقى من بلد كان اسمه ليبيا، أو بقايا بلد اسمه سوريا.
آنذاك، إثر تفجيرات 11 أيلول، كان الغول المصنع في مختبرات التطرف والاصولية المرتبطة بأجهزة الاستخبارات الامريكية جاهزا لتحمل وزر الجريمة علنا. كان تنظيم القاعدة ينشط، في الجانب الاعلامي على الاقل، وكأنه أحد الدوائر التابعة لتلك الأجهزة. وتحت ذريعة تلك الجريمة الغامضة والملتبسة تم تدمير إفغانستان دون أن يتم تدمير تنظيم القاعدة، وتم قتل أكثر من مليون أفغاني تمهيدا لقتل أسامة بن لادن. وآنذاك أيضا، تم إحتلال وتدمير العراق بذريعة العلاقة مع القاعدة. وبدل ان تدمر أواصر هذه العلاقة، التي لم تكن قائمة أصلا، تم فتح ممرات لدخول القاعدة الى العراق لكي تقوم بقتل العراقيين تفجيرا بالنيابة، أو بالتنسيق، مع القوات الامريكية التي سقطت عنها جميع أقنعتها الاخلاقية وبدت ملامح قبحها واضحة أمام العالم أجمع. أما الآن، وبعد حادثة شارلي إيبدو، فان قواعد اللعبة اختلفت. فدولة الخلافة قائمة في كل من العراق وسوريا. والخليفة يعتمر العمامة بطريقة طرابيش القناصلة الذين يمدون له يد العون من عواصم مشايخ النفط في الخليج الى أمراء النبيذ في أوربا و أباطرة المارغوانا في واشطن وليس انتهاء بسلاطين العثمانية الجديدة في أنقرة. هنا، والآن، أصبحت الحقول محروثة لحسم الصدام في مصلحة الدولة اليهودية القائمة على الهوية الدينية بخلاف مسارات الدولة المدنية الحديثة القائمة على هوية المواطنة. هل هي مجرد صدفة أن يتقدم نتنياهو قطيع الخرفان في باريس كما يطلق عليهم مواطن فرنسي هدد اولاند من مخاطر اللعبة الدينية..؟.
انه موت آخر للمفكر العربي المهدي المنجرة أول من نظرّ لصراع الحضارات ولكن من منطلق بنائي وقائي قائم على إمكانية التلاقح. لكنه حياة أخرى للمفكر الامريكي صامويل هنتغتون الذي أعاد إنتاج المفهوم على أسس صدام الحضارات العالمية ومن بينها، أو في صلبها، الحضارة الاسلامية. وهو حياة أخرى لفرانسيس فوكاياما ونظريته حول نهاية التاريخ.. أيضا.
سوف لن يعود العالم الغربي مهتما، بعد حادثة شارلي إيبدو، بمقولات برنارد لويس عن جذور الغضب الاسلامي، ولن يعيد قراءة تفكيك أدوارد سعيد لنظرية صدام الحضارات، كما لم يولي إهتماما لإعتراضات ألن هوبس على النظرية وتقاطعها مع التطبيق الديمقراطي في أمريكا اللاتينية، الجناح الآخر لما كان يسمى بالعالم الثالث وإرثه الواسع من إنقلابات الجنرالات المصنعين أيضا في مختبرات المخابرات الغربية. الأدهى، انه سيدير ظهره للنخب الغربية التي تعي خطورة اللعبة المقبلة، فلم يعد صوت الكاتب الفرنسي الشهير آلن غريتش مقبولا أمام صخب طبول الحرب التي يقرعها متطرفون من كافة العواصم الغربية، تدربوا على السباحة في برك الدم المسفوح على أعتاب عاصمة الرشيد أو عاصمة الأمويين. ولفرنسا حصة الاسد من هؤلاء، حيث بلغ عددهم حسب الاحصاءات الرسمية الفرنسية أكثر من الف وثمانمائة مقاتل. فهل تنطلق جحافل المغول الجدد هذه المرة من باريس عاصمة الحرية والفن والجمال والعطور؟.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat