دور الرسول الأكرم في تعزيز الوحدة الإسلامية
د . خليل الفائزي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . خليل الفائزي

هذا بحث تناولتُ فيه جانباً مهماً مما غرسه نبي الرحمة وحرص عليه بجمع شمل المتفرقين بالوحدة الإسلامية فلم يفرق بين السيد والعبد، ولا بين العربي والفارسي ،ولا بين الغني والفقير، ولا بين الأسود والأبيض ،ولا بين الأنصاري والمهاجر فكانوا سواسية لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى. ابتدأتُ البحث بمدخل سمّيته : الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم ) ومجتمع الجاهلية ثمّ عرّجت ُ بالحديث عن أسس الوحدة الإسلامية فضلاً عن وسائل الوحدة الإسلامية .
ولا يمكن للوحدة أن يكون لها نصيب من الوجود والتحقق إلا أن تكون هناك قيادات واعية ومخلصة تقود الأمة إلى شاطئ الأمان كما قادها النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم ) وآله الطيبون الطاهرون ،ومن ذلك مراجعنا الكرام ودورهم الكبير في وأد الفتنة الطائفية بالرغم من محاولات الأعداء الكثيرة في تأجيج الفتنة الطائفية من ذلك مثلاً تفجير قبة الإمامين العسكريين إذ حرص المراجع على ضبط النفس والتهدئة وعدم الانجرار وراء رغبات الأعداء.
ويبدو أنّ الوحدة الإسلامية التي أرسى جذورها نبي الرحمة محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلّم ) قد انبثقت عنها عدة أنواع من الوحدات منها : وحدة الوطن واللغة والمصير والثقافة والمجتمع وغيرها، ولكون الوحدة الإسلامية أطروحة تعبر عن هدف أيديولوجي وزمني مقدس كما أنها أطروحة شاملة ذات أبعاد متعددة فقد تعدت الجانب المذهبي فاستوعبت مختلف جوانب الحياة الإسلامية : ثقافية وسياسية واجتماعية ... الخ ، ولأنّ الناس إخوة في الإنسانية وفي الإسلام لذا هم متساوون في الحقوق والواجبات؛ لأنهم عبيد إله واحد ،وأبناء أب واحد وأتباع دين واحد ، ورسول واحد ،وكتاب واحد ،وقبلة واحدة وتكاليفهم واحدة إذ يوحدنا الإسلام، ورسول الله، والقرآن، والثقل الثاني - أهل البيت (عليهم السلام) - ،والمراجع ، والحسين في شعائره ،وهذا المسير الحاشد في الزيارة الأربعينية، وأعداؤنا فضلا ً عن شعيرة الحج ، وصلاة الجمعة والجماعة ،واللغة العربية الخالدة بخلود القرآن.
كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم ) إنساناً له مواصفاته الأخلاقية ،وله علمه واتصاله بالله تعالى ، وكان يتحرك ويتعامل مع الناس كما يتعامل أي إنسان آخر لكن من منطلق الوحي والرسالة ،ومن موقع الأخلاق التي يتصف بها البشر فلم يكن يتعامل بطريقة ملائكية أو جنية ، وإنما بطريقة إنسانية مألوفة لدى البشر ،وقد تمكن أن يحول هذه الجماعة المتخلفة إلى هذه الطاقة الهائلة بوساطة الهدي القرآني والأخلاق الفاضلة، وبوساطة الصبر والثبات وتحمل المسؤولية والشجاعة العظيمة فقد كان يقف وحده أمام كل الناس قائلاً : (( والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته )) فالقرآن يصف الرسول بأنه ذو حلق عظيم ،والرسول يقول : (( إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق )) ،ولا تتحدد الأخلاق بعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان ، وإنما تتعداها إلى علاقة الإنسان بخالقه بمختلف جوانبها ،وفي علاقته بالكون ، ومسؤوليته تجاه نفسه، وفي مستقبل حياته ،ويمكن تلمس معالم القضية الأخلاقية في ما يتعلق بالوحدة الإسلامية بمجموعة من القيم الأخلاقية منها : العهد والميثاق ،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحكم بالقسط والعدل ، والتعاون على البر والتقوى، وإشاعة الخير والبر، وغيرها، وقد استطاع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) أن يستقطب عدداً كبيراً من عبدة الأصنام والمشركين والملحدين ،ومن اليهود والنصارى الذين دخلوا دين الله أفواجاً وجماعات ، ولم يكن هذا الاستقطاب معجزة وعملاً غير طبيعي بل كان نتيجة طبيعية لنهج وطريقة وأسلوب نبي الإسلام فقد أحصى المؤرخون عدد الداخلين في الإسلام فكانوا زهاء مئتي شخص في مكة خلال مدة ثلاث عشرة سنة أما في المدينة وخلال سنتين أو ثلاث سنوات فقد دخل مئات الألوف من الناس في الإسلام.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat