صفحة الكاتب : مرتضى الحسيني

محمود ..!!
مرتضى الحسيني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

عتشو ... عتشو ... أح أح أح .. البرد قارص احرق اصابعي ..  أف أف  ، البيت قريب سأنهل الطريق قبل أن أصلح لعبة ثلجية تلهي الأطفال .. آخ ... من اللعين ؟!
 محمود !!! ....
( هههههههـ )  لامست أصابع محمود رأسي لتتحدث مع شعري بكلام غلق بابه الزمن ، فقد ضجر شعري من تلك الأصابع ، فما الذي يرده ؟!  وفي ساعة متأخرة من الليل !! أمن  الممكن الإشتياق لوجهي ؟ أم أُعيد إليه عقله ؟ و لكن ليس في ليلة أقفل القمر بابه و أنحتت النجوم ستاراً على جبينها .  و ما أن سمع الوحش بأن البرد أحرق أصابعي العشرين ،  حتى بانت أنياب الوحش  و الدموع تخرج كأنه يوم العيد و قال : أيسود أصابعك النعومة ام أصابها مرض سائد هذه الايام إسمه الهشاشة ؟ .  فهذه الضحكة التي وصلت للطواحن جثمت على صدري ،  حاولتُ إخفاء الخوف لم استطع فهي تذكرني بضحكتي قبل مسح الرؤوس ، فقلت له : أريد احتساء الشاي لأطفئ لهيب الثلج .. لابد انك متشوق لإطفائه .
ما ان سمع كلماتي حتى احمرت عيناه و كأن القمر أمسى بدراً فهي ليلة التحول ، و قال : ما الذي يمنعني ؟! إجازتي تتيح لي ذلك ، فلدي المزيد من الوقت ، و سأقضيه معك ، كي أقلب أحوالك ، فقد قيل مرضُك خطير و يجب إستئصاله فالعضال قد يصل لأصابعك ، و نحن لا نرضى ان يصيبهن اذى فهن لنا قبل هذا العقد المشؤوم من الزمن ففي تلك الايام قبلنَ الكثير من الرؤوس بالسكاكين و السيوف ، ألا تذكر التكبيرات التي نطلقها في اليوم فقد يصل عددهن الخمسة او العشرة و اللطيفة تشهد على ذلك ، كم كانت اصابعك قوية ؟! و كم كانت تدر علينا بالأخضر ؟! أ تذكر هيفاء و هبه و سحر ؟!  كلهن ينتضرن جهادك هيا يا صاحبي عالج أصابعك و لنرجع و لنقول : تكبير ( الله اكبر ) تكبير ( الله اكبر ) تكبير ( الله اكبر) ..  
نظرتُ لأصابعي فوجدتُ البرد قد غادرها رعباً فلم يشهدهنّ بهكذا حيوية !! فتحركاتهنّ تصاعدتْ بعد ان شهدنَ الوحش ، فسنوات مرَّتْ و لم يرنَّ الوجه الوحشي هذا ! صوته - عواءه - بعيدٌ عن مسامعي ، فلماذا يريد الوحش الهجوم على بوابة الزمن ، فكسر قفلها  ؟! . ( كيف احرقتَ اصابعك ؟!  ) هذه الصرخة اطلقها بوجهي بعد ما لاحقني بنظراته بل بساقيه و لسانه ويديه ، فهؤلاء صفويون ، يعبدون النار و الحجارة و هؤلاء مرتدون ارتدوا عن السلف الصالح و هؤلاء كفار يدعون أن اليسوع ابن الله و هؤلاء يعبدون ابليس و هؤلاء ليسوا عرباً و هؤلاء عرب و لكن ليسوا منّا .. هيا فما زالتْ أصابعك تستطيع جني الكثير من المال ها ها هاهاا.
إنتابني شعور ليس غريباً عليّ ، فمنذ عقد من الزمن كان حاضراً في صدري و أصابعي ذكرتني ب (( اعطني هويتك ؟! ما سمك؟! علي ام عمر  ما قوميتك ؟!  عربي ام كردي ام تركماني ما ديانتك ؟! مسلم ام مسيحي ؟!  هاااا ماذا ؟! لا تعرف لماذا لا تعرف لان  عمرك عشر سنوات  فما تعرف إذاً قل لي ؟! أنت عراقي فقط ، اقطعوا رأسه تكبير ( الله اكبر ) فهذا عراق و العراقي يجب ان يقطع رأسه لانه كافر .. تكبير .. ))  فقلتُ له:  تفضل الى منزلي قبل ان يبرد الشاي .
حالما أشعرته بالترحيب حتى بانت أنفاسه و كأنها أنفاس ذئبٍ يحدق بحمل وديع او كأنها تلك السكاكين التي يقطع بها رؤوس الناس  ، فقال لي : منزلك جميل !!  يجب ان يكون كذلك !!  فأصبعك هذه الايام مولعة بزراعة الزهور كما قيل لي ، و قد شُهدتَ تسقيها الماء على الرغم من شحته في مدينتك و هذا هو العضال بعينه .
 كانت قدما الوحش متلهفة وطأت بيتي فهي متشوقة لتقبيل الزهور و إراقة الماء بل هوايتها المفضلة ترك أثرٍ في كل مكان تراه . 
ياااا الهي ماذا يجري في المدينة و منزلي ؟! الزهور حَزِمتْ أمتعتها و النور خرج هارباً من القناديل تاركاً وراءه وريقة جاء فيها (( أعتذر لخروجي بهذه الطريقة ... أطلب إستقرلتي ... سلاماً )) ، أفراخ العناكب إستأذنت بطريقتها الخاصة ، زوجتي تصرخ ( خيانة ..  خيانة ..  خيانة أين الدبابات ؟! أين المدافع ؟! أين المدرعات ؟! كلها بيد محمود الوحش - دا ع ش-   !! ستلتهم النار منزلك و ستسبى بنتك عائشة و تجبر على نكاح الجهاد أيرضيك هذا؟! ) ، زوجتي و عائشة و ولدي عمر كلهم سيرحلون  ؟!، يااا الهي ماذا فعلتُ ؟! وقد وصلتْ العناكب  إلى غالب مدينتي ، و محمود يصرخ في وجهي ( ياا عزيزي مدينتك و الحي و منزلك من هذه الجهة ..) و بات تفكيري جله في الإتصال بعلي و أوميد فهم اخوتي و إن لم نجتمع سيصل محمود الى دورنا ، فانحرفت ساقاي من طريق مدينتي و لتحقت بهما ساقا محمود الوحش فوصلتا الى  طريقٍ مقفرٍ أدخل الشوك جذوره فيه فزادت ظلمته حنكة و الذئاب و الثعالب حراسه ، فسارتا ببطئ شديد مصحوبتين بشيء من الحذر و مترقبتين لما يحدث بل متأهبتين لأي طارئ ، اما ساقا الوحش فسارتا خلفاهما و كإن الطريق معهود عنده  !!، و حينها شك بي و تفطن لما يجول في خاطري ، أمسى  يلاحقني خطوة بخطوة ، التفاتة بالتفاتة حتى وصلنا الى  باب مقهى لم يعرف منه إلا المشعل الذي يتقيأ الدخان ، فدخلت و الوحش لدار الشاي من باب سوداء مليئة بالخنافس ، زجاجها متبسم في وجوه الزبائن  ،و حالما دخلتُ للمقهى إنتبه كل من في المقهى لي و  كأن الليلة منتصف الشهر فهي ليلة التحول ،  ثم جلسنا على أريكة رمادية اللون عشعشت في أوصالها العثة و كأنها رسمت خارطة طريق عنوانه لا عودة  ، والقمار يعجب في المقهى و رائحة الدخان يتقيأه جميع من فيه ، و جاء صاحب المقهى الأعور بقدحين من الشاي .
( شرب الشاي و حذاري  فاصابعك مازالت هشة بل لا يمكن علاجها  ) هذه العبارة أطلقها  الوحش في وجهي و جميع الموجودين و بانت اصابعهم فيكبرون : تكبير ( الله اكبر ) تكبير ( الله اكبر ) تكبير ( الله اكبر ) ، و إذا بصوت طائرة يحلق فيها علي و اوميد و ابني عمر ، سكت الجميع من في المقهى و سكتت اصابعي
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مرتضى الحسيني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/01/06



كتابة تعليق لموضوع : محمود ..!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net