الجليد والذوبان!!
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . صادق السامرائي

العالم يعيش عصر الذوبان , والعرب يعيشون عصر الجليد!!
تلك حقيقة ما يدور في هذه الدنيا التي تعاصرنا ولا نمتلك قدرات معاصرتها.
الأعداء صاروا أصدقاءً , فالدول الأوربية إتحدت وتناست تأريخها الدامي الطويل , وأعلنت أن مصالحها المعاصرة والمستقبلية توجب عليها الإتحاد والتفاعل الإيجابي.
وأمريكا تناست مسيرة الخمسين سنة من التفاعل السلبي مع كوبا , وستذوب معها في بودقة التفاعل المتطلع إلى التكامل المتنوع , والمسير نحو آفاق جديدة ذات قيمة حضارية نافعة للناس في البلدين , ولربما سيتحقق الإتحاد الكوبي الأمريكي , لأن المصالح تقتضي الإقدام على تفاعلات لا تخطر على بال وخارجة عن المألوف.
وفي المقابل ترى المجتمع العربي يتجمّد ويجلد نفسه , ويتحول إلى صخور ثلجية متصلدة تأبى الذوبان , وتميل إلى التناطح والتكسر والإنحشار في حفر وشقوق الباليات.
وبين عالم يذوب ويتألق ويرفل بحلل الإبداع والإبتكار والبناء , ويتباهى بالألوان الزاهية البراقة المتضاحكة مع نور الشمس.
وعالم يقضي على جميع الألوان , ويسود فيه اللون الأسود الذي يمتص جميع الألوان , تُعرف حجم الويلات وطول المسافات وآليات التفكير والوعي والتواصل والإدراك.
عالمنا العربي المتجمد المحنط المدثر بالزمهرير , الذي يشل الحركة ويشوّه الرؤى , ويملي تصورات وإعتبارات عتيقة تتسبب في ولوج أنفاق المتاهات والكهوف القاسيات , والإندحار في غوابر الماضيات المريرات الجاثمات على رؤوس الجلاميد الغاطسة في مستنقعات الشرور والسيئات.
فلماذا يتجمد العرب وتسعى للذوبان ببعضها المجتمعات الأخرى؟
لماذا تتحرك إرادة الحياة نحو خط الإستواء المعاصر , وتهرب الإرادة العربية إلى مواطن التطرف والقطبية الحمقاء الكاتمة على جميع الأنفاس؟!
فلا مكان ودور للجليد في أوعية الذوبان العولمي , ولا عاصم اليوم من الغرق في نهر العصر الدفاق.
وإذا حسب العرب أنهم سيعصمون وجودهم بالإندحار في الغابرات , فأنهم على وهم عظيم , لأن طاقات جريان أنهار الذوبان العالمي ستصل إلى جميع الجحور والأنفاق والكهوف والحفر والمغارات .
فهل سيستيقظ العرب , ويذوبون في ذاتهم العربية وموضوعهم , ويتحدون لبناء مسيرة حضارية صالحة للأجيال؟!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat