نهر النيل الجديد!!
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . صادق السامرائي

تساءلت هل يمكن للمصريين شق نهرٍ جديد يتوازى مع نهر النيل ويعاكسه في الإتجاه , كما تفعل الصين في صناعة نهر طوله 800 ميل يوازي ويعاكس نهر اليانغتسي الذي طوله3915 ميل.
ونهر النيل من أطول أنهار العالم فطوله 4258 ميل ويمر بأحد عشر دولة أفريقية , فهو نهر عالمي الطباع وحضاري السلوك والتطلعات خصوصا في بلاد مصر العربية.
وحضارات واديه قديمة ومعروفة في الدنيا , ولها تأثيراتها المعرفية والفكرية على مسيرة الأجيال البشرية كافة.
ومعظم مياهه تذهب هدرا في البحر الأبيض المتوسط , وتعاني مصر من الصحارى وشحة المياه , وقد بدأت بحفر قناة سويس جديدة , وإذا إمتلكت تلك الإمكانيات فأن لديها القدرات الوطنية الكفيلة بشق نهر جديد , يعيد جريان مياه النيل من الشمال إلى الجنوب وكما تفعل الصين اليوم , ويمكن الإستفادة من تجربتها في صناعة الأنهار.
ففكرة الإستثمار بالمياه قديمة وتمرّست بها العديد من الدول , وكانت الدولة العباسية ذات باع طويل في بناء القنوات وشق الأنهار للإستفادة من مياه النهرين.
وفي مصر لم يتحقق إستثمار جاد في مياه النيل بعد السد العالي وبحيرة ناصر , التي ربما لم تستخدم بكل طاقاتها وقدراتها حسب ما يبدو للزائر لها , ومن الضرورة والمعاصرة أن يتغير تفكير الخزانات والبحيرات إلى رؤية جديدة تتلخص في شق الأنهار الموازية للنهر الأم , وصناعة حالة من دوران الماء في أرض الوطن بدلا من هدرها في البحر.
قد تبدو الفكرة غريبة لكن دولة الصين تترجمها , وتجعل نهر اليانغتسي يتواصل في جريانه وإمتداده ولكن بإتجاه معاكس , فتزيد من طوله وقدرات الإستثمار في مياهه وإيصالها إلى أكبر مدنها وأكثرها حاجة للمياه , وإذا الصين تفعل ذلك فلماذا لا يمكننا فعله في زمن ينذر بحرب مياه , ويشير إلى إحتمالات زيادة كبيرة في مساحات الأراضي المتصحرة وتنامي الإفتقار للمياه.
فالأمن المائي من ضرورات القوة والسيادة والإقتدار , لأنه يحقق الأمن الغذائي والتطور العمراني في البلاد , فلا يمكن للمدن أن تتمتع بجمالها وقيمتها إذا غابت عنها الأنهار وجفتها المياه , فالنهر هو الشريان الأبهر لأية مدينة وعنوان قوتها ومحور نشاطاتها وعطاءاتها الحضارية.
إن شق الأنهار في دولنا عليه أن يكون من أولويات المشاريع الإستثمارية , لأنه مصيري وضروري لإدامة الحياة وتواصلها وتطورها , وعلينا أن نعمل بجد وإجتهاد وتحدي لتحقيق أقصى درجات الأمن المائي والغذائي في مجتمعاتنا.
فهل سندرك قيمة أنهارنا وأهمية المياه لحياتنا العزيزة , وهل سننتصر على الفقر المائي العربي المدقع , وهل سنؤمن بأننا مأهلون لشق الأنهار وصيانة مياهنا من التبذير والهدر؟!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat