خيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ
اسعد الحلفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اسعد الحلفي

حتماً ايُّها المتنبي ان الكتاب انيس النفوس وغذاء العقول ، فالسعادة تغمرني عندما اشاهد الكتاب ، ولكن الاسعد ان ارى الكتاب بين ايدي الجميع واعينهم منصبة على ما احتوته واذهانهم منشغلة بما فيه، إذ لا تسموا الاممُ بغير المعارف وعقول افذاذها التي هي صنيعة الانامل وربيبة الكتاب، وما احوجنا في هذا الزمان لكل حرفٍ وكلمة تقي العقول من آفات الضلال إذ اقبلت امواجُ الفتنِ بعضها يتبع بعضاً ولا عاصم ولا ضمان سوى التسلُّح بالعلم وحمل المعرفة التي بها نردع افكار الخبثاء ونردّ بها ادعاءات الادعياء، ونُميتُ بها فتنة شياطين الانس ونقي انفسنا واهلينا من وديان الشرّ والظلام ، فالافكار المنحرفة تكادُ تغزوا كل بيت وتهيمن على جميع العقول ولا منقذ لتلك العقول سوى حصن العلم وسور المعرفة .. ورحم اللهُ الشاعر الذي وصف الجهل بالطاعون الذي يأتي على البلدان فيبيدها والجهل يأتي على العقول فيفسد القلوب ويهلكها ويجعلها ضحيةً سهلة ، حيث قال:
والجهلُ طاعونٌ فكم اردى وكم..
افنى قلــوبـاً للمهـالكِ قــادهـا..
إنّ الصروح لا تُبنى دون قواعدها وكذلك البلدان لا تُبنى دون شعوبها والقاعدة المعرفية التي يمتلكونها والتي رأسُ مالها القراءة والكتابة ، فليست مشكلتنا مع الكتاب انما مشكلتنا مع القاريء ! فلدينا مِن الاقلام واصحاب الكلمة مَن تنحني لهم الهامات لعظمتهم وغزارة معارفهم ولكن أين المطّلع؟! فلماذا معدّل القراءة في العالم العربي لا يتجاوز 4 في المائة مِنْ معدّل القراءة في العالم الغربي ، فما نفعُ مَن يعرف القراءة والكتابة ولكنه قد جعل من الكتاب خصماً وعدواً يخشى الاقتراب منه والنظر في بطونه! فما فرق هذا عن الاُمي! وقد قلتها سابقاً واليوم ايضاً اُذكّرُ بها ، إن العالمُ العربي والاسلامي كافة يعاني مِنْ تفشي ظاهرة الامية الخطيرة على تطورهِ وانعتاقهِ وحرية سكانه، فلا تنمية مع تفشي الجهل ولا حرية ولا ديمقراطية ولا تطور في اي ميدان ، فأنّى للشعوبِ ان ترتقي دون ان تعرف وتفقه حكمة الماضي وعلومهم، ودون ان تعي متطلبات الحاضر، وهي تجهل ما يخبئ لها المستقبل ، لماذا تنموا الامم الاخرى بينما امة العرب تنحدر نحو التحطيم في جميع الابعاد؟! فالاجدر بنا ان نسبق الجميع في كلّ شيء لا ان نتراجع في جميع المجالات ، فالذين تساموا وسبقونا ليس لديهم محمداً ولا علياً ولا فاطمة ولا حسناً ولا حسيناً ولا تسعة هم عماد الحق ومصدر العلوم ومفتاح المعارف وخزائن الله ، وليس لديهم زينب علي ونصف كربلاء وحاملة رسالة الطف الى العالم اجمع ، ولكننا رأينا البعيد قد قال: \"علمني الحسين كيف انتصر\" ، لان زينب هي مَن اوصلت صوت الحسين (ع) الى كل العالم فعرّفتهم مَن هو الحسين (عليه السلام) واحبطت مشروع بني الشياطين ، لانها ابنةُ ابيها الذي قال: \"سلوني قبل ان تفقدوني\" ولأنها عالمة غير معلّمة ، فما اعظم الكنوز التي نمتلكها وما اقدس الاعلام التي قد مَنّ اللهُ بها علينا ولا امة تمتلك تراثاً كتراثنا ، فليتنا نعي عظمتها ونتخذها مثالاً لنسموا بها ونبلغ قمم المجد.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat