حكم الابناء في التشريع اليهودي. الابن على دين أمه.
إيزابيل بنيامين ماما اشوري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إيزابيل بنيامين ماما اشوري

لا ننكر أن للام دور كبير في بلورة عقيدة الطفل فهو يلتقط منها اول افكاره فمنذ ان كان في بطنها يعيش مع نغمات صوتها فتخلق انسجاما ملحميا مع هذا المخلوق الذي يعيش في جوفها ، وإذا خرج إلى الدنيا فأول صوت يسمعه هو صوت امه وهكذا تستمر عملية زراعة الاحاسيس في الطفل حتى يشب ويلتفت إلى ما حوله ويبدأ بتعلم الاشياء من هنا وهناك .
فهو يتحسس البكاء والضحك والألم وكل المشاعر التي تمر بها الأم وهو في بطنها ، وهكذا اول ما يفتح عينيه حيث تبدو أمامه تلك التقاسيم الحانية المليئة بالرقة والحنان فيقرأ قسمات وجهها ، فيضحك لضحكها ويحزن ويبكي لبكائها. ثم يأخذ عنها اول حروف اللغة فيملأ اسماعه من صوتها وهو يتحدث معه ويُناغيه .
ولعلنا لا نُغالي إذا قلنا ان الطفل يتأثر بامه اكثر من أبيه ، ولكنه شيئا فشيئا يدرك ان الأب غير الام ، يكتشف ان الأب مخلوق قوي مكافح مسيطر له مشاعر غير تلك المشاعر التي ألفها فسرعان ما يتأثر بسلوك الاب فيصبح الاسوة له ، فإذا كان المولود ذكرا احب ان يُقلد اباه في كل شيء وإذا كانت انثى فإنها لشعورها الغريزي بالضعف تتخذه ركنها الذي تأوي إليه عند كل نأمة خوف او ضعف.
اليهود عرفوا منذ زمن مبكر تأثير الأم على الطفل ومن هنا فإنهم قاموا بسنّ التشريعات الغريبة التي تجعل الطفل يهوديا حتى لو كان يعيش في امم أخرى او مع أب على غير دين امه. فكتبوا في التوراة نصوص تحث الطفل على التمسك بشريعة امه دون أبيه ، وتحث الشعب اليهودي ان يعتبر الطفل ابن امه لا أبن أبيه في حال زواجها من شخص من غير دين اليهود وهذا ما نراه واضحا في نصوص كثيرة نذكر منها ما جاء في سفر الأمثال 1: 8 (( اسمع يا ابني تأديب أبيك ، ولا ترفض شريعة أمك)) .
ثم شدد في نصٍ آخر على شريعة الأم ووضح اكثر المراد منها كما نرى ذلك في سفر الأمثال 6: 20 (( يا ابني ... لا تترك شريعة أمك اربطها على قلبك دائما. قلّد بها عُنقك. إذا ذهبت تهديك . إذا نمت تحرسك ، وإذا استيقظت فهي تُحدثك)).
من هذه النصوص نفهم أن الطفل حسب التشريع اليهودي يكون يهوديا على دين امه على رغم انف دين أبيه الذي لربما يكون من دين آخر ومن اجل التخفيف من وقع هذا النص وتطرفه وعنصريته جعلوا للأب تأديب الطفل ، وليس هذا فقط بل أن اليهود فهموا من هذا النص ان الطفل لأمه وليس لأبيه ولذلك فهم يحرصون على شيئين .
الأول : ان تقوم الأم وبناءا على توصيات من طبقة الكهنة أن تقوم بتربية الطفل تربية يهودية خالصة تنقل له العادات والتقاليد والاخلاق والدين اليهودي وتزرع في روحه مقت غير اليهود حتى لو كان ابوه .
الثاني : إذا فشلت الأم في تحويل ولاء الطفل إلى دينها ، فإن اليهود يتدخلون شخصيا لانتزاع الطفل من أبيه قبل ان يشتد عوده ويأخذ دين الأب.
ويتم تعطيل هذا الحكم في حال أن اليهودي تزوج من امرأة ليست على دينه ، عندها سوف يقوم اليهودي بتكليف مربية يهودية لتربية اطفاله ، أو الاشراف شخصيا على تربيتهم وزرع القيم اليهودية في نفس الطفل ومراقبة الام مراقبة صارمة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat