السيد الحيدري بين القبول والرفض
الشيخ جميل مانع البزوني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ جميل مانع البزوني

سطع نجم السيد الحيدري في عام 2010و 2011م بسبب بعض الاوضاع السياسية التي شهدتها الجمهورية الاسلامية نتيجة قيام الاعلام العربي بشن حملة كبيرة للنيل من النظام الاسلامي في ايران وقد قادت قناة العربية ومثيلاتها من القوات الماجورة هذه الحملة وفي هذه الفترة وما قبلها لم يكن الطابع العام في قناة الكوثر هو التصدي للقضايا الخلافية الا ان الوضع السياسي المربك وتحرك بعض الشباب في الشارع الايراني بتحريض من عدد من منافسي الرئيس الايراني احمد نجاد اعطى مؤشرا خطيرا على امكان تداعي الاحداث الى درجة تفلت فيها من السيطرة .
وفي هذه الفترة ظهر برنامج السيد الحيدري كرد فعل طبيعي على الاعلام الماجور وقد قام السيد بالمهمة على وجه شبه كامل من الناحية الاعلامية وصار الشغل الشاغل للناس المخالفين وحصل على تعاطف واضح من جميع الاطراف ما عدا المتعصبين من الوهابية .
وقد كان معلوما لدى المرجعية الدينية في النجف الاشرف ان السيد الحيدري ليس شخصا تابعا للخط المرجعي الذي تمثله وهو امر معلوم عنه منذ سنين وقد نقل عدد من الفضلاء ان السيد الحيدري عنده نظرة خاصة عن المرجعية وقد سمع منه بعضهم يقول ان المرجعية ليست اكثر من مبلغ مليون دولار فقط وكل من يملك هذا المبلغ من الاساتذة في الحوزة يمكنه ان يصبح مرجعا !!!!
وهذه النظرة الغريبة عن نظام المرجعية الذي هو نظام ضارب في العراقة من الطبيعي ان ينتج عنه نظرة سوداء في نفس صاحب هذه النظرة واسباب هذه النظرة ليست جديدة عند السيد الحيدري فقبل عدة سنوات كان السيد الحيدري في دولة الامارات وكيلا لعدد من مراجع النجف منهم السيد الحكيم والسيد السيستاني وكذلك وكيلا عن السيد الخامنئي ومديرا لمكتبه هناك الا انه عندما عاد من هناك كانت نظرته الى المراجع مختلفة جدا ويبدو ان تعامله مع وكالة المراجع المذكورين جعله يطلع على حجم المال الذي يمكن ان يصل الى مكاتب المراجع ...
ومنذ ذلك الوقت عاد السيد الحيدري الى قم بثوب جديد راغبا في الظهور والبروز وكانه اكتشف السر في العظمة .
وقد حاول السيد الحيدري ان يبرز الجانب المهم في التصدي للمرجعية وهو جانب الفقه والاصول الا ان البرنامج الذي ظهر فيه من على القسم العربي لاذاعة طهران لم يستمر لان وضع الدرس الفقهي لايتناسب مع طريقته وقد حاول ان يبرز دور السيد الصدر في الفقه على حساب بقية المراجع وقد فشل البرنامج ولم يستمر فيما نجح فيه عدد من العلماء مثل الشيخ علي الكوراني والشيخ باقر الايرواني والشيخ حسن الجواهري وغيرهم واستمر البرنامج معهم مدة طويلة خصوصا الشيخ الكوراني .
وكان من المقرر ان يستمر السيد في سعيه وراء تحقيق الهدف في الظهور والبروز فعمد الى تدريس الكتب الفقهية كاللمعة والمكاسب والاصول والتي يبرز من خلالها الشخص كمؤهل للاستاذية في البحث الخارج ومن ثم الى المرجعية ...
وقد كان متوقعا ان يكون برنامجه رد فعل اعلامي على الهجمة التي قامت بها قنوات الاعلام العربية الماجورة الا انه تحول بعد سنتين الى محطة لتحويل الانظار الى السيد الحيدري وبحسب الموجود في الذهنية الشيعية يوجد انجذاب خاص للبارزين في الاعلام ولذلك ترى ان بعض الخطباء مشهورون على مستوى العالم والجميع يعرفهم في الوقت الذي يموت فيه مجتهد كبير قضى حياته في خدمة المذهب ولا يعرف اسمه بين الناس الا في اثناء كتابة اسمه على اعلان نعيه ...
وقد ساعد بروز السيد الحيدري على مستوى الاعلام في توجيه الانظار نحو شخصه فقامت قناة الكوثر بصنع لقاءات خاصة عنه من اجل طرح افكاره بصورة علنية ومن دون تدخل من احد ولما كان وضع السيد الحيدري النفسي ليس مستقرا من ناحية الاشخاص حتى البارزين فقد بدات تظهر افكاره حولهم بصور متناقضة ففي الوقت الذي يسال فيه عام 2007م عن موقفه من التصدي للمرجعية يصرح بان المرجعية في ايد امينة وهي يد السيد السيستاني وان المرجعية ليست معلومات فقط وانما هو مقام رباني يحتاج الى تدخل غيبي والمسيرة والراية الان في يد امينة مع انه في وقت سابق كان يصرح بصورة علنية واخرى غير علنية ان البقاء على مراجع كالسيد السيستاني لن ينفع الامة ابدا كما ان موقفه من السيد محمد الصدر كان واضحا قبل حادثة اغتياله وقد عرف عنه ذلك حتى في اثناء تواجده في الامارات الا انه بمجرد حصول حادث الاغتيال انبرى لمدة ثلاث ايام او اكثر ليمجد في دور السيد الصدر في الساحة مع انه لم يذكره مادحا بصورة علنية ابدا ...
وكانت الطامة الكبرى هو اللقاء الذي تسرب من بيت السيد الحيدري والذي اجراه مع عدد من الشباب من اوربا وقد كشف في هذا اللقاء عن امور غريبة جدا وطعن فيها بصراحة بمراجع النجف وبالاسماء هذه المرة وتحدث كما يتحدث الفنانون والمشاهير عندما قال ان (الكاريزما) التي امتلكها لا يمتلكها احد من المراجع وذكر اسماءهم ووصف السيد السيستاني بانه مرجع فارغ من المحتوى !!!!!! ...وليس لديه شيء وان المرجعية تعلن عن طريق البي بي سي العربي والفارسي وليس استحقاقا وان هناك جهات حريصة على بقاء المرجعية الحقة - ويقصد نفسه -بعيدة عن قيادة الامة ...
وقد وصل هذا الشريط الى النجف والى مراجع النجف دون ان يحركوا ضده شيئا فقد كان ظهوره اثناء تقديم برامجه وقد امروا الناس المقربين بعدم تضعيف جانب السيد وهو يدافع عن المذهب وقد بقي الشريط مخفيا عن الساحة في النجف مدة سنة كاملة ولم يظهر الموقف منه الى العلن حتى نشره البعض في كراس للتقليل من حرمة المرجعية الدينية .
وفي هذا الوقت قام عدد من العلماء والفضلاء من النجف وقم والسعودية والكويت بالرد على كلام الحيدري وكان المتوقع ان يخفف الحيدري من عداوته بسبب تلك الردود الى انه زاد في الطين بلة وتكلم بكلام غريب جدا طاعنا فيه بكل المؤسسة الدينية حتى اضطرت قناة الكوثر لقطع بث البرنامج لمدة عشر دقائق وعندما عاد السيد الحيدري لم يسكت بل قال بان البث تم قطعه بسبب كلامه مع ان الحلقات التي تحدث فيها السيد عن المراجع كانت خارجة عن البرنامج وخاصة بطرح نظريته في المرجعية الا ان السيد زاد الامر تعقيدا عندما اضاف الى ذلك تشكيكه باراء عدد من كبار العلماء والمراجع واضاف اليها التشكيك في الموروث الشيعي الذي وصفه بنفس ما وصفه به المتشددون من الوهابية .
وقد لاقى هذا الطرح الغريب من السيد رد فعل كبير من عدد من العلماء بل وكتب عدد منهم مؤلفات في رده ورده عدد من العلماء في الاعلام كالشيخ الكوراني من قم والسيد منير الخباز من السعودية والسيد هاشم الهاشمي من الكويت وتدخل عدد من المراجع في قم ومشهد للوقوف ضد هذا الفكر السطحي في تناول التراث الشيعي وصدرت من مراجع قم عدد من الفتاوى حول هذه الافكار منها ما يتعلق بافكاره ومنها ما يتعلق بنسبة الكلام الى الغير ومنها ما يتعلق بنظرته الى الحديث عند الشيعة (الموروث الشيعي).
وعندما ظهرت بعض الكلمات غير المناسبة في احدى الصحف الايرانية حول حوزة النجف وما اعقب ذلك من انزعاج من قبل بعض المراجع قام السيد الحيدري بتوزيع هدية في ظروف كتب فيها بان السيد مع حوزة النجف الاشرف في اشارة واضحة الى ما صرح به السيد الهاشمي حول حوزة النجف بعد السيد محمد باقر الصدر..
وعندما ظهرت التصاريح التهجمية ثم ظهرت التصاريح العلمية حول التراث الشيعي ومقدار الدرس فيه رد السيد الهاشمي على السيد الحيدري بشكل قاس جدا وهذا نص السؤال وجواب السيد الهاشمي عليه .
(بسمه تعالى سماحة سيّدنا المفدّى آية الله العظمى السيّد الهاشمي دامت بركاته
عطفاً على ما أجبتم عليه سابقاً حول التراث الشيعي وأنّه أنقى تراث إسلامي موروث عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمة أهل البيت (عليهم السلام) نسأل عمّا جاء في مقدمة الفتاوى الواضحة للسيّد الشهيد الصدر (قدس سره) تحت عنوان ( كيف نشأت الحاجة إلى الاجتهاد ) من ذكر عوامل لذلك وبضمنها قوله (قدس سره) : ( ودخول شيء كثير من الدسّ والافتراء في مجاميع الروايات الأمر الذي يتطلّب عناية بالغة في التمحيص والتدقيق )، ( الفتاوى الواضحة ص 100 ) .فهل لهذا الكلام علاقة بما يطرحه البعض من أنّ الكثير من الموروث الروائي الشيعي مأخوذ من كعب الأحبار ومن اليهودية والنصرانية والمجوسية ؟
كما أنّكم ذكرتم عدم وجود روايات عن كعب الأحبار في كتبنا الفقهية ومجاميعنا الحديثية المعتمدة، مع أنّه مذكور روايات عنه وعن غيره من العامة في بعض الكتب الفقهية والحديثية ككتاب الخلاف للشيخ الطوسي والخصال للشيخ الصدوق والمنتهى للعلاّمة الحلّي .
جمع من تلامذتكم30 / شوّال / 1434
بسم الله الرحمن الرحیم
أمّا بالنسبة لكلام السيّد الشهيد الصدر (قدس سره) فلا علاقة لهذا الكلام بتلك الدعوى المنحرفة التي اُطلقت أخيراً ضد التراث الشيعي واستغلتها أجهزة الاعلام التكفيرية المعادية لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) من أنّ المذهب الشيعي أو الكثير منه موروث من اليهودية والنصرانية والمجوسية . وإنّما مقصود سيدنا واُستاذنا الشهيد الصدر من هذه العبارة ما جاء في بحوثه الاُصولية وقرّرناه في مبحث تعارض الأدلّة الشرعية تحت عنوان ( كيف نشأ التعارض في الأدلّة الشرعية):
(( ومن جملة ما كان سبباً لحصول الاختلاف والتعارض بين الأحاديث أيضاً عملية الدسّ بينها والتزوير فيها التي قام بها بعض المغرضين والمعادين لمذهب أهل البيت (عليهم السلام)على ما ينقله لنا التاريخ وكتب التراجم والسير، وقد وقع كثير من ذلك في عصر الأئمّة أنفسهم على ما يظهر من جملة من الأحاديث التي وردت لتنبّه أصحابهم إلى وجود حركة الدسّ والتزوير فيما يروون عنهم من الأحاديث . . .وعمليه التنبيه الأكيدة من الأئمّة (عليهم السلام) على وجود حركة الدسّ والتي أعقبها التحفظ الشديد من قبل أصحاب الأئمّة (عليهم السلام) والسلف المتقدم من علماء الطائفة في مقام نقل الحديث وروايته وتطهير الروايات عمّا دسّ فيها وإن كان لها الفضل الكبير البالغ في تحصين كتب الحديث عن أكثر ذلك الدسّ والتزوير إلاّ أنّ هذا لا يعني حصول الجزم واليقين بعدم تواجد شيء ممّا زوّر على الأئمّة (عليهم السلام) في مجموع ما بأيدينا من أحاديثهم، سيّما إذا لاحظنا أنّ العملية كانت تمارس في كثير من الأحيان عن طريق دسّ الحديث الموضوع في كتب الموثوقين من أصحاب الأئمّة (عليهم السلام)، كما تشير إليه رواية يونس بن عبد الرحمن، فربما كان بعض ما نجده في كتب الأحاديث اليوم من الروايات المتعارضة المختلفة هو من بقايا ذلك التشويه والدسّ الذي وقع في تلك العصور .
هذه هي أهم العوامل التي يمكن أن تذكر لتبرير حالات التعارض التي قد يواجهها الفقيه فيما بين الأحاديث الصادرة عن الأئمّة (عليهم السلام )) . بحوث في علم الاُصول 7 : 39
.وبذلك نـرى :
أوّلا ـ هذا الكلام لا علاقة له أصلا بتلك التهمة الفارغة الكاذبة من أنّ الموروث الشيعي مأخوذ عن كعب الأحبار اليهودي الذي أسلم بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ودخل المدينة في عصر الخليفة الثاني وصار حبراً للاُمّة ينقل عنه أمثال أبي هريرة ومعاوية وعطاء بن يسار وغيرهم من الصحابة والتابعين .وإنّما المراد منه أنّ الأحاديث الصادرة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) خصوصاً في الحقبة المتأخرة من حياتهم ـ أي زمان الأئمّة المتأخرين ـ بعد أن تكاثر الرواة لأحاديثهم خصوصاً عن الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) وبلوغهم أربعة آلاف على ما في كتب التراجم والسير نشأ فيها الاختلاف والتعارض وحصول هذا التعارض والاختلاف كان بأسباب عديدة، منها :
* وجود بعض الرواة ممن كانوا من أصحاب الأئمّة (عليهم السلام) أوّلا ثمّ انحرفوا عنهم، كالخطابية والجارودية والغلاة والواقفية ونحوهم، فنقلت عنهم روايات من قبل من لا يعرف انحرافهم وقد يكون فيها شيء من الغلوّ بحق الأئمّة أو الوقف على بعضهم أو أحكام فقهية معارضة مع الكتاب الكريم والسنة الشريفة ومنهج أهل البيت (عليهم السلام) ; ولهذا نبّه الأئمّة (عليهم السلام) أنفسهم على ذلك وأعطوا بعض الموازين لما يؤخذ من الروايات مما لا يعلم صدوره عن المعصومين (عليهم السلام)، كأن لا يكون معارضاً مع الكتاب الكريم أو مع السنة الشريفة، كما نبّهوا على لزوم تهذيب الأحاديث المروية عن روايات هؤلاء الذين انحرفوا عنهم وبالنسبة لبعضهم كبني فضّال .قال الإمام العسكري (عليه السلام) : « خذوا ما رووا واتركوا ما رأوا » ; لأنّ رواياتهم عنهم كانت قبل انحراف عقيدتهم، وصار هذا التنبيه الأكيد من قبل أئمة أهل البيت (عليهم السلام) لأصحابهم هو السبب في التحفّظ الشديد من قبل أصحاب الأئمّة وفقهاء مذهب أهل البيت (عليهم السلام) في عصر الغيبة الصغرى والكبرى تجاه هؤلاء الرواة والروايات عن المعصومين (عليهم السلام) بشكل عام وتمحيصها وتهذيبها وتوثيق من يصحّ حديثه ومن لا يصحّ الحديث عنه مما حصّن الموروث الشيعي كما ذكره السيّد الشهيد الصدر وطهّر المجاميع الحديثية عند الشيعة عن ذاك الدسّ والتزوير .إلاّ أنّ احتمال بقاء شيء من ذلك في الموروث الروائي في اطار المذهب وروايات أهل البيت (عليهم السلام) أدّى إلى أن يضع الأئمّة (عليهم السلام) أنفسهم في موارد الاختلاف والتعارض ضوابط وموازين لتشخيص الصحيح من غيره، وهذا كلّه لا علاقة له باليهودية والنصرانية والمجوسية ولا بكعب الأحبار ومروياته الكاذبة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو غيره بعنوان انّه حبر من أحبار الاُمّة والذي هو قدح في أصل المذهب والتراث الشيعي وتأسيسه كما لا يخفى على اللبيب العارف .
وثانيـاً ـ انّ وجود رواة ضعفاء غير ثقاة أو كذّابين ضمن أسانيد الروايات المنقولة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يقضي بلزوم تمحيص الأسانيد وتوثيقها عند الأخذ بها، وهذا ليس أمراً مختلفاً فيه لدى طلبة العلوم الدينية فضلاً عن فقهائنا ومراجعنا العظام، وليس فيه قراءة جديدة للتراث ولا تصحيح للعقيدة [بل تلك هي الطريقة المتّبعة والمعمول بها في الفقه والاُصول وكافة العلوم الإسلامية منذ زمن الشيخ الطوسي وإلى يومنا هذا]، فيطرحون الرواية التي في سندها ضعف .وهذه كتب الحديث والفقه والتفسير وسائر فروع المعرفة الإسلامية التي صنّفها أو يصنّفها علماؤنا وفقهاؤنا إلى اليوم مشحونة بالبحوث الرجالية والسندية الدقيقة في كل مسألة أو فكرة يراد الاستناد فيها إلى رواية موجودة في المجاميع الحديثية لدى الشيعة، وهذه من امتيازات المذهب الشيعي، حيث إنّ باب الاجتهاد فيه لم يغلق ومستمر بتمام مراحله حتى اليوم، وفقهاؤنا متفقون على أنّ وجود رواية في مجموعة حديثية كالكافي والفقيه والتهذيبين لا يجعلها صحيحة سنداً ولا مضمونه مسلّم عندهم، وهذا واضح لدى عوام الشيعة فضلاً عن علمائهم، فإذا كان المقصود إثبات هذا المعنى ))فتسمية ذلك بالقراءة الجديدة للتراث الشيعي وإلقاء التساؤلات على المراجع بتعابير استخفافيّة تهكّمية(( من قبيل ( من يدّعون أنّهم مراجع ومن درس عندهم تسعون وسبعون وستون سنة )، وطرح التشكيك في معتقدات الشيعة والمطالبة بالبحث العلمي فيها وأنّه ( قل هاتوا برهانكم ) ثمّ دعوى أنّ الكثير من الموروث الشيعي متلقى عن كعب الأحبار ومن اليهودية والنصرانية والمجوسية كل هذا الكلام الفارغ 《ليس إلاّ هراءً وجهلاً وتهريجاً وخدمة لأعداء المذهب الشيعي ـ كما استغلّ ذلك فعلاً من قبل أجهزة اعلامهم سريعاً ـ》 فلو كان المقصود لزوم تمحيص أسانيد الأحاديث فمن المخالف في ذلك من الفضلاء فضلاً عن الفقهاء، وأين أفتى المراجع العظام بما يكون مصدره كعب الأحبار اليهودي أو فلان المجوسي أو النصراني ؟ومتى تمسّك فقهاؤنا بحديث بلا تمحيص لسنده ؟ وهذه كتبهم الاستدلالية مليئة بالبحث عن سند كل ما يذكرونه من رواية مهما كان مصدرها ؟ !
ولماذا (كل هذا التهريج والصخب المزري والذي يعطي الذريعة بيد الأعداء ضد المذهب الحق، وأي ابداع وجديد في مثل هذه الجهالات) .
وثالثـاً ـ انّ مجرد ذكر رواية عن راو ضعيف في المجاميع الحديثية لا يدلّ على كون الموروث الشيعي مستنداً إلى ذاك الراوي الكذّاب أو الضعيف أو غير الموثق إذ قد يكون ذكر حديثه في تلك المجموعة الحديثية لأنّ صاحبها قد وجد عليه شاهداً من القرآن أو السنة الشريفة فإنّ أصحاب المجاميع الحديثية عندنا كانوا يهتمون بجمع الأحاديث المروية عن الأئمّة (عليهم السلام) حتى إذا لم يكن راويه ثقة إذا كان عليه شاهد كرواية مشابهة لها من راو آخر ثقة أو دلالة قرآنية على ذلك أو وجود روايات عديدة بذلك المضمون قد يبلغ مجموعها حدّ الاستفاضة وحصول الوثوق من مجموعها، أو كون الحكم المروي في ذاك الحديث من المسلّمات أو المشهورات أو المرتكزات لدى فقهاء مدرسة أهل البيت ممّا يوجب حصول الوثوق والاطمئنان بصحة ذاك المضمون .وهذه قواعد ونكات حديثية أو اُصولية أو فقهية منقّحة من قبل فقهاء مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) بشكل دقيق ومعمّق مما أوجدت لهذه المدرسة الفقهية والاُصولية تطوراً عظيماً تتميّز به عن غيرها من المدارس والمذاهب الفقهية كما هو واضح عند أهل العلم .
وأمّا بالنسبة لما ذكر من ورود بعض الروايات عن كعب الأحبار أو غيره من رواة العامة في بعض الكتب الفقهية أو المجاميع الحديثية، فالمجاميع الحديثية قد تنقل أيضاً روايات عن رواة غير شيعة كأبي هريرة وعطاء بن يسار وغيرهم [إلاّ أنّ ذلك لا يعد من الموروث الشيعي] وإنّما [هو للاستشهاد من قبلهم على الموروث الشيعي] بأحاديث ومرويات من غير الشيعة لمزيد تأكيد صحّة ذاك المضمون والموروث الشيعي، وهذا ما يكون في غير الفقه عادة، وهذه طريقة البحث العلمي فيما بين المذاهب واحتجاجات أصحابها فيما بينهم، وقد كان الفقيه الأعظم السيّد البروجردي (قدس سره) صاحب تأليف جامع أحاديث الشيعة يريد ذكر روايات المجاميع الحديثية لأهل السنة مع أحاديث الشيعة الصادرة عن الأئمّة (عليهم السلام) في كل باب من الأبواب الفقهية، وكان هذا عملاً مهماً ومقارنة بين المذهب السني والشيعي في الفقه والحديث معاً، إلاّ أنّه ـ ومع الأسف ـ لم يوفق لذلك لأسباب خارجية .
كما أنّ كتابيّ الخلاف والمنتهى من كتب الفقه المقارن والذي يكون من الطبيعي نقل فتاوى فقهاء المذاهب الاُخرى فيهما وذكر مستند لها من روايات مجاميعهم الحديثية، [إلاّ أنّ هذا لا يعني أنّ تلك الروايات معتمد عليها من قبل الشيعة] وانّها من الموروث الروائي الشيعي بوجه من الوجوه أبداً، فلا ينبغي الخلط والمغالطة في البحوث العلمية بهذا النحو .
السيد محمود الهاشمي1 / ذي القعدة / 1434ه )
ولما توضح عند البعض وجود علاقة واضحة بين مركز الابحاث العقائدية وبين برنامج السيد الحيدري جاءت التساؤلات للشيخ محمد الحسون من اجل توضيح علاقته بالسيد بعد ظهور التصريحات المثيرة للسيد وزيادة حجم الاخطاء يوما بعد اخر وقد اجاب الشيخ عن ذلك موضحا دور المركز في دعم السيد وكذلك موقفه من برنامج السيد بعد التطورات الاخيرة.
جواب سماحة الشيخ محمد الحسّون مدير مركز الأبحاث العقائديّة
عن التساؤلات بشأن علاقة المركز بالسيّد كمال الحيدري
***
بسم الله الرحمن الرحيم
وردت إلينا رسائل كثيرة من إخوة أعزّاء علينا، وآخرين لا نعرفهم ، يسألون فيها عن علاقتنا بالسيّد كمال الحيدري، ودور مركز الأبحاث العقائدية في دعم برامجه في قناة الكوثر، خصوصاً ما تناوله في برنامجه الأخير "مطارحات في العقيدة"، ويستفسرون في هذه الرسائل عن حقيقة نقلنا لرسالة شفهية من المرجعية العليا في النجف الأشرف للسيّد الحيدري، وعن أمور أخرى وأقوال نُسبت لنا.
ويشهد الله ، بأنّي لم أكن راغباً في الخوض في هذه الأمور ، لولا إصرار الإخوة الأعزاء على كتابة شيء ولو مختصراً ، مبيّناً الحقائق كما هي ، لذلك فإنّي أثبت هنا عدّة نقاط ، وهي :
الأولى: لا يخفى على جميع الإخوة الأعزاء، الدور المهم الذي قام به السيّد الحيدري في الدفاع عن مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، وردّ الشبهات الواردة عليه، والطعن بأفكار الوهابية، وبيان حقيقتهم أمام الناس، وذلك ضمن برنامجه في قناة الكوثر، هذا البرنامج الذي كان يشاهده مئات الآلاف في كلّ أنحاء العالم، والذي أثلج صدور المؤمنين، وأغاض النواصب، وأدّى إلى استبصار كثير من شباب المخالفين الباحثين عن الحقيقة.
وقد وقفتُ شخصياً على هذه الحقيقة في أسفاري إلى دول العالم الكثيرة.
الثانية: نحن في مركز الأبحاث العقائدية، عملاً بواجبنا الديني، وامتثالاً لتوصيات المرجعية العليا في النجف الأشرف، ووكيلها في مدينة قم المقدسة، قمنا - ولا زلنا - بدعم كلّ من يدافع عن المذهب المظلوم، دعماً علمياً بكلّ ما أوتينا من قوّة، وفي مختلف وسائل الإعلام: المرئية والمسموعة والمقروءة، دون أن يطلع على دعمنا هذا إلّا الله سبحانه وتعالى وبعض العاملين في مركزنا المبارك، لأنّ هدفنا هو إيصال كلمة الحقّ إلى الآخر وإن لم يُذكر اسم المركز.
الثالثة: إنّ القول الذي يتناقله بعضُ الإخوة: وهو أنّ السيّد الحيدري اعتمد كليّاً على مركز الأبحاث العقائدية في برامجه في قناة الكوثر، فكان المركز يهيّئ المادّة العلمية كاملةً ويقدّمها له ، وينحصر دوره في إلقاء هذه المعلومات.. قولٌ بعيد عن الصواب!
نعم، قام المركز بتأييد هذا البرنامج وصاحبه، ودعمه بواسطة تهيئة مصادر البحث له ؛ إذ وضعنا مكتبة المركز - وجلّ مصادرها تخصصيّة ونادرة - في خدمته، بل وجلبنا له بعض المصادر من سوريا في ذلك الوقت ، وقام بعض شباب المركز بمساعدته في العثور على المطالب العلمية وتعيين أماكن تواجدها في المصادر، وتقديمها له.
الرابعة: لدينا اطّلاع كامل على التسجيل الصوتي للسيّد الحيدري الذي نُشر في شهر رجب سنة1432ﻫ ، والذي انتقد فيه الحوزة العلمية في النجف الأشرف، وذكر بعض مراجعها الكرام بأسمائهم.. لدينا اطلاع دقيق عن كيفية تسجيله ونشره في حوزتي قم المقدسة والنجف الأشرف.
وأنا شخصياً أخالف القول الذي يدّعي بحصول تلاعب وقصّ وتقديم وتأخير في هذا التسجيل الصوتي، وأجزم بصحته ، وهذه شهادة منّي ألقى ربي بها يوم القيامة.
الخامسة: تحدّث بعض الإخوة عن الجلسة التي حصلت بين الأخ الكريم سماحة السيّد جواد الشهرستاني وبين السيّد الحيدري، وأنّه في هذه الجلسة تمّ الاتّفاق بينهما على عدّه أمور، لكن السيّد الحيدري لم يلتزم بها.
أقول معلّقاً على هذا الأمر، وهي شهادة للتأريخ ، وأنا مسؤول أمام الله على ما أقول:
كانت العلاقة بين الرجلين علاقة وطيدة، تمتدّ جذورها إلى أيام الصبا في مدينة كربلاء المقدّسة ، ويُعد سماحة السيّد الشهرستاني من المؤيدين لبرامج السيّد الحيدري والمدافعين عنها،والداعمين مادياً له.
لكن هذه العلاقة أصابها شيء من البرود بعد انتشار التسجيل الصوتي الأوّل للسيّد الحيدري سنة 1432ﻫ ، وبما أنّي تربطني علاقة وطيدة بالسيّدين، لذلك سعيت كثيراً لترطيب الأجواء بينهما، شجعني على ذلك كثيراً الأخلاق العالية التي يتصف بها السيّد الشهرستاني، حتى مع من يهاجمه وينتقده، وكذلك الاحترام الكبير الذي كنت ألمسه وأسمعه من السيّد الحيدري تجاه السيد الشهرستاني.
وفي مساء يوم الأحد الثاني عشر من شهر ربيع الأول 1433ﻫ - 5/ 2/ 2012م، حصل الاجتماع بينهما في منزل أحد الأصدقاء في جلسة مختصرة حضرها ستة أشخاص فقط.
وللتأريخ أقول : لم يحصل أيّ اتفاق بين السيّدين ، نعم في بداية الجلسة حصل عتاب خفيف من قبل السيّد الشهرستاني للسيّد الحيدري.
السادسة: يدور بين بعض الإخوة حديث مفاده : أنّي حملتُ رسالة شفهية من المرجعية العليا في النجف الأشرف للسيّد الحيدري، فأقول معلقاً على هذا الأمر:
المرجعية العليا في النجف الأشرف لم تُحمّلني رسالة شفهية للسيّد الحيدري ، بل بعد انتشار التسجيل الصوتي الأول له ، قمت بزيارة النجف الأشرف، وتشرّفت بزيارة المرجع الأعلى فيها، ودار الحديث بيننا عن السيّد الحيدري وكلامه في التسجيل الصوتي وتصدّيه للمرجعية وطبعه للرسالة العملية، وعند عودتي إلى قم المقدّسة ذكرت كلّ ما جرى هناك للوكيل العام للمرجعية ، فطلب منّي أن أنقل ذلك للسيّد الحيدري.
السابعة: استاء كثير من فضلاء الحوزة العلمية في النجف الأشرف وقم المقدسة وباقي المدن الإسلامية، لما طرحه السيّد الحيدري في برنامجه "مطارحات في العقيدة" في رمضان هذه السنة - 1434ﻫ - وكثرت الاتّصالات من كلّ أنحاء العالم بوكيل المرجعية العليا في قم المقدّسة معربين عن أسفهم لما تبثّه قناة الكوثر الفضائية، وقد كلّفني سماحة الوكيل العام للمرجعية العليا بإبلاغ المسؤولين في هذه القناة بذلك.
وفي يوم السبت الحادي عشر من شهر رمضان المبارك من هذا العام - 20/ 7/ 2013م، قمت بالاتّصال بالمسؤولين بقناة الكوثر، وأبلغتهم باستياء الفضلاء في كلّ أنحاء العالم خصوصاً في حوزة النجف الأشرف، وكان اتصالي قد شمل ثلاثة أشخاص:
1) مسؤول قسم البرامج الدينية في قناة الكوثر.
2) الشيخ المسؤول عن مراقبة برنامج "مطارحات في العقيدة".
3) مسؤول قناة الكوثر ومسؤول البث الخارجي غير الفارسي في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية.
الثامنة: أرى أنّ برنامج "مطارحات في العقيدة" لهذه السنة 1434ﻫ قد خرج عن الهدف الرئيسي له ، وهو الدفاع عن مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، ، وردّ الشبهات الواردة عليه.
وقد أساء هذا البرنامج لمذهب أهل البيت(عليهم السلام)، كثيراً ؛ لأنّه طرح شبهات كثيرةً أدت إلى تخلخل أفكار بعض الشباب بعقائدهم، دون أن يقدّم البدائل والحلول والأجوبة عن هذه الشبهات.
وأساء السيّد الحيدري - في برنامجه هذا - لنفسه أيضاً ؛ إذ فقد كثيراً من مؤيّديه من الشباب المؤمن المثقّف.
وأساء أيضاً لقناة الكوثر، إذ فقدت شعبيّتها في كثير من الدول الإسلامية.
التاسعة: احتفظ في ذاكرتي وفي أرشيفي الخاصّ بي ، بكثير من المعلومات المتعلّقة بالسيّد الحيدري، وبرنامجه هذا، وما سمعته من فضلاء الحوزة العلمية عنه، والتي لم يطلع عليها أيّ شخص آخر لحدّ الآن، ولعلّي أقوم بنشرها في المستقبل - ان كان في نشرها مصلحة للمذهب الحقّ - كشاهد حيّ على هذه الحقبة الزمنية الحرجة التي تمرّ بها الحوزة العلمية وأتباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام)
العاشرة: أخيراً.. أدعو إخواني الأعزاء في الحوزة العلمية وخارجها، على العمل بكلّ جدّية، لرأب الصدع، ولمّ الشمل، وإرجاع المياه إلى مجاريها الطبيعية ، فلكلّ جواد كبوة ولكلّ سيف نبوة، وأن لا نخسر صوتاً علوياً طالما وقف بوجه النواصب، وكان شوكة في عيونهم، ولم يستطيعوا ردّه لحدّ الآن.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محمّد الحسّون 18 شوال / 1434 ﻫ )
والسيد الحيدري الان قام بطبع رسالة عملية وفتح مكتبا له في مدينة النجف الاشرف كما ان مؤسسة الجواد التي تتولى نشر مؤلفات السيد ودروسه لها فتحت لها فرعا في مكان قريب من مكتب السيد السيستاني وهي تعمل على الدعوة الى السيد وافكاره .
اما الطلبة في النجف الاشرف فيوجد عدد منهم يوافق السيد الحيدري على كل ما يقوله من كلام تقريبا وهم في العادة نسبة ضئيلة جدا من طلاب العلوم في حوزة النجف كما ان هناك اعتقادا جازما عند عدد غير قليل من طلاب واساتذة بعض العلوم التي درسها السيد الحيدري يعتقدون قطعا بان سمعة السيد في الضبط العلمي سمعة لا واقع لها وانه غير قادر على شرح عدد من الكتب التي درسها بطريقة صحيحة وان اخطاءه في الشروح المنشورة كثيرة جدا ولذلك فان المستقبل الذي خطه السيد الحيدري لنفسه كان مظلما من البداية وهو كان يعلم ان طرح نفسه للتقليد ليس مقبولا ولذلك اضاف قيودا لاهل الخبرة حتى يسلب اهل الخبرة حقهم في التشخيص والردود التي صدرت ضده كشفت عن عمق الماساة العلمية التي يمثلها وانه يمثله شخصية اعلامية وليست شخصية علمية وان عدم التوازن الذي عاشه خلال فترة دراسته جعله غير مؤهل لتحمل هذا الكم الهائل من القبول الجماهيري مع انه لم يصرح يوما بان هناك من يعينه في عمله مع ان ديدن العلماء هو الاعتراف بفضل الاخرين وقد لاحظت بصورة شخصية مخالفته لشروط البحث العلمي في مؤلفاته الاخيرة لانه لا يستطيع ان ينسب كل الكلام الى اهله والا تبين للقاريء حجم النقول التي يحتويها البرنامج الذي كان يقدمه وهذا ما حرص السيد على عدم انكشافه للاخرين حتى انه في بداية طرحه كان ياتي ببعض الكتب الشيعية ثم عند الى عدم فعل ذلك مخافة ان يبدو للناس بصورة الناقل وليس المبدع مع ان هذا هو الواقع ...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat