حول شيرکۆ بيکەس و( فتوى ) كريكار !
مير ئاكره يي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مير ئاكره يي

شيركو بيكه س هو إبن الشاعر الكوردي المعروف فائق عبدالله المشهور ب[ فائق بيكه س : 1905 – 1948 ] . وشيركو بيكه س الابن هو أيضا شاعر كوردي معروف في إقليم كوردستان من ذوي الحس القومي والوطني المطعّم فكره باليسارية والليبرالية والحداثية . وشيركو بيكه س هذا له إيجابياته وحسناته كما له سلبياته وأخطاؤه ، وبخاصة حينما ينفلت من واقعه فتأخذه خيالاته الشعرية والشاعرية ليسبح في السراب ظانا منه إنه نهر لُجيّ عميق قعره وحُلو مذاقه ، حيث حينها يفرز توهّمه الخيالي السابح في السراب مقاطع شعرية أشبه بالهذيان منه الى مقاطع شعرية حكيمة مُحكمة ومتماسكة في المعنى والمغزى والمفهوم ، لأن { من الشعر لحكمة ، وإن من البيان لسحرا } بالمأثور الحديثي النبوي الرائع لسيدي رسول الله محمد [ ص ] .
وحول الشاعر شيركو بيكه س إطّلعنا أخيرا بأن السيد كريكار قد جّدد (فتوا )ه السابقة بإهدار دمه بحسب ماقاله في مقابلته لإحدى القنوات التلفزيونية النرويجية مؤخرا ، حيث يقيم في النرويج منذ عام 1992 من القرن الماضي ! .
هنا أود القول بأننا ، أي لا أنا ولا أنت ولا غيرنا ياكريكار مؤهل ، أو له الحق في إصدار الفُتيا بإهدار دماء الناس وإستباحة أرواحهم ومصائرهم ، لأن ذلك شيء عظيم يتناقض أولا مع الاسلام وتعاليمه وسنة رسول الله محمد [ ص ] وطريقة الأصحاب والأئمة والعلماء الأعلام المسلمين [ رض ] في الرد على المخالفين والمناوئين للاسلام . ففي عهد الاسلام الأول بعد سيدي رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام كان هناك من المسلمين من ذوي الأفكار المنحرفة والباطلة ، لكن أحدا من الأصحاب لم يفتي بقتله وإهدار دمه . وفي إحدى المرات سأل أحد الامام عليا [ رض ] سؤالا يدل على إلحاده ، لكن بالرغم من ذلك لم يهدر الامام دمه وحسب ، بل إنه حتى لم يُعنّفه على سؤاله السخيف أيضا ، والسؤال الموجه للامام علي كان : هل يستطيع ربك أن يجعل الأرض في قشرة بيضة من غير أن تصغر الأرض ، أو أن تكبر البيضة !!! ؟ فرد عليه الامام : [ إن الله لايوصف بالعجز لكن ماقلته محال ] !!! . وهكذا كان سائر الأئمة مثل زين العابدين علي بن الحسين و جعفر الصادق وأبو حنيفة والشافعي فإنهم كانوا يقابلون المناوؤين والملحدين بالسماحة والتسامح والسماع لهم ، أو مناقشتهم والرد على إشكالياتهم وشكوكهم بالمنطق والدليل والبرهان ، وإنه لم يصح عنهم أنهم أفتوا بإهدار دم أحد بسبب تفكيره وإلحاده . حتى إن سيدي رسول الله محمد [ ص ] لم يأمر بإهدار دماء المنافقين في عهده ، على رغم كل الأذى والأذية والتآمر والخبث الذي لاقاه منهم ، مع أن المنافقين كانوا أشد خطرا وبأسا عليه ، وعلى المسلمين من المشركين ! .
وهكذا فقد كان في عهود الأئمة المسلمين أهل إلحاد وزنادقة وأصحاب مذاهب منحرفة عن الاسلام تمام الانحراف مثل الجهمية والمرجئة وغيرهم ، لكن مع ذلك لم يصدر إمام من الأئمة فتاوى بإهدار دماء هؤلاء ، أو إستباحة أرواحهم والحكم عليهم بالموت بسبب زندقتهم وإلحادهم وتفكيرهم ، بل إنهم كانوا يجاهدونهم باللسان والحجة والقلم . ومن هؤلاء الأئمة الأعلام الامام أحمد بن حنبل الذي يقول في كتابه المعروف [ في الرد على الزنادقة والجهمية ] في خطبته المشهورة لكتابه هذا كما يرويه الامام إبن القيم الجوزية :[ الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ الى الهدى ، ويصبرون منهم على الأذى ، يُحيُون بكتاب الله الموتى ، ويبصرون بنور الله أهل العمى ، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه ، وكم من ضال تائه قد هدوه ، فما أحسن أثرهم على الناس وما أقبح أثر الناس عليهم ! يُنفون عن كتاب الله تحريف الغالين ، وإنتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، الذين عقدوا ألوية البدعة ، وأطلقوا عنان الفتنة ، فهم مختلفون في الكتاب ، مخالفون للكتاب ، مجمعون على مفارقة الكتاب ، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم ، يتكلّمون بالمُتشابه من الكلام ، ويخدعون جهّال الناس بما يُشبهون عليهم ؛ فنعوذ بالله من فتنة المُضلّين ] . ينظر كتاب [ أعلام الموقعين عن رب العالمين ] لمؤلفه شمس الدين بن قيّم الجوزية ، مج 1 ص 7
ثم إن الفُتيا في الاسلام منضبطة ولها أصولها وقواعدها وضوابطها الدقيقة ، وهي ليست مشاعا ، أو حمى مباحا لكل من هبّ ودبّ كما نلاحظ الآن ، وبخاصة اذا كانت الفتيا متعلّقة بدماء الناس ومصائرهم وأرواحهم وأعراضهم وأموالهم التي حرّم الله سبحانه إنتهاكها وإزهاقها والعدوان عليها . ومن أشد الأقاويل إنحرافا ولا شرعية تلك التي تنعت ب[ الفتيا ] من قبل شخص لايحسن قراءة الاسلام قراءة عميقة مستنيرة وراشدة ، مع عدم مراعاته في ذلك مصالح الاسلام والمسلمين والدعوة الاسلامية ، في حاضرها ومستقبلها فيُشوهون بأقاويلهم سمعة الاسلام والمسلمين .والفتوى الشرعية يجب أن لاتكون فردية ، هذا إن توافرت جميع شروط الافتاء ومواصفاته في المفتي المعني ، بل ينبغي أن تكون الفتيا جماعية ، أي من قبل جماعة من العلماء المجتهدين ممن تتوفر فيهم شروط الافتاء كافة ، مع المراعاة الدقيقة لكل المصالح والمقاصد للمسلمين وغير المسلمين أيضا ! .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat