إضاءات عاشورية (6)
مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

البكاء على ظلامة اهل البيت ع
اعظم العبادات لله تعالى
لكل عبادة وقت مخصص مفضل .
نرى ان القرآن قد قدم كل عبادة على بقية العبادات بلحاظ وقتها المخصص المفضل فنرى :
1- يقدم الجهاد على الصلاة في قوله تعالى : واذا ضربتم في اﻻرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا .
الى بقية اﻵيات اللاحقة لها في بيان صلاة الخوف انها تقلص ﻻجل القيام بمهمة الجهاد.
فليس الظرف ظرف بسط الصلاة والانشغال بإطالتها عن الجهاد .
2- وقوله تعالى :
أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن ءامن بالله واليوم اﻷخر وجاهد في سبيل الله لايستون عند الله والله لايهدي القوم الظالمين .
ماهذا اللحن الشديد من الخطاب في القرآن فهذه اﻵية اولا تنفي المساواة بين الولاية وبين سائر اركان فروع الدين لان المقابلة في بين عمارة المسجد الحرام وهو انما يعمر بالصلاة والطواف والحج والعمرة والاعتكاف وختمة قراءة القرآن والصوم وغيرها من العبادات من جانب ومن الجانب اﻵخر لم يجعل نفس الايمان ولا نفس الجهاد بل جعل الذي آمن وجاهد في سبيل الله وهو علي بن ابي طالب
فلاحظ المقابلة بين كل اركان الفروع وبين علي بن ابي طالب ،وتحكم اﻵية بكل قوة ونداء صارخ انهما لايستون عند الله
ثم لاتكتفي اﻵية بذلك بل تحكم بأن الذين يحكمون بالمساواة هم القوم الظالمين فضلا عن من يقدم اركان فروع الدين على ولاية علي ع فهو اظلم واشر .
بل تحكم اﻵية بأن الذي يحكم بالتساوي هو ضال وليس من اهل الهداية .
فضلا عمن يقدم اركان الفروع على ولاية علي ع فهو اضل سبيلا .
وهذا المنطق والمعادلة والميزان القرآني بعينه ذكره القرآن في آية المودة قل لا اسئلكم عليه أجرا إﻻ المودة في القربى .
فلاحظ جعل القرآن أجر الدين كله برمته في كفة وفي كفة أخرى مودة وولاية قربى النبي ص اهل البيت ع .
كل ذلك اعظاما لولاية اهل البيت ع .
3- وقوله تعالى على لسان يعقوب :
يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم قالوا تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضا او تكون من الهالكين قال انما اشكوا بثي وحزني الى الله واعلم من الله مالاتعلمون .
ثم قال تعالى
لقد كان في قصصهم عبرة ﻷولي اﻷلباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة .
فهذه اﻵيات مضافا الى نداءها ان بكاء نبي من انبياء الله العظام على يوسف لكونه من أولياء الله هذا البكاء توجه الى الله ورجاء وترجي من الله
وان البكاء على ظلامة اولياء الله من اعظم انحاء ذكر الله تعالى ومن اعظم انماط التوجه الى الله وترجيه ورجاءه واكبر ابواب الارتباط به
وإﻻ فكيف ينشغل به نبي من انبياء العظام يضربه الله تعالى مثلا وعبرة وقدوة في قرآن يتلى الى يوم القيامة .
وهذا الانشغال مﻷ اغلب اوقاته واطبق على اكثر عمره الشريف الى درجة إبيضاض عينه الشريفة واصابة بالعمى والعين من اكرم اعضاء البدن .
وليس النبي يعقوب كواحد من المؤمنين العاديين .
فهل ترى عقلك يساعدك على انشغال النبي يعقوب بالبكاء حزنا على ظلامة وفراق ولي الله يوسف وهو انشغال عن ذكر الله او انه انشغال عن النمط الافضل والاعظم لذكر الله ثم يأمرنا الله تعالى بأن نعتبر ونقتدي به ونتبصر بهديه .
فليس ما سرده القرآن من قصص يعقوب ويوسف دراما مسرحية لاجل مداعبة الخيال وﻹثارة التسلية والتفرج .
بل هو حقايق هداية لاجل ان نعبر منها الى ظلامة من هو اعظم شأنا من يوسف في ميزان القرآن
أﻻ وهم اهل البيت ع الذين جعل مودتهم وولايتهم عدل الدين كله.
4- وقوله تعالى ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب .
وهذا بعد قوله تعالى ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه .
فجعل تعالى تعظيم ما عظمه الله من تقوى القلوب ومن سبيل الخير عند الله .
فلا يساوى ما هو عظيم عنده تعالى بما ليس في العظمة كذلك عنده تعالى .
وهذا عين مفاد ما تقدم من إدانة القرآن مساواة عمارة المسجد الحرام بصنوف العبادات بالولاية لعلي ع فلابد من تعظيم ما عظم القرآن
ووضع كل شيئ في موضعه الذي قرره القرآن .
وإﻻ فلن تتحقق الهداية ولا تتحقق تقوى القلوب ولا يسلك سبيل الخير ولن تكن هناك عدالة في الرؤية والمعرفة .
بل سيكون ضلالا و فسقا انتكاسا للقلوب وسبيلا للشرور و ظلما كبيرا
أﻻ ترى ان القرآن في حين نفى الفرق بين الرسل وأمر بعدم التفرقة في الخط الواحد لهم في قوله تعالى
لانفرق بين أحد من رسله .
وقال : وما أوتي النبيون لا نفرق بين احد منهم .
في حين قال تعالى تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض .
وقال : ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض .
فيأمر بالمفاضلة وبعدم التسوية بينهم في درجة الفضيلة
لا في اصل المسار والخط الإلهي العام للدين .
فكل اركان فروع الدين في حين انها كلها منظومة اركان للدين لكن لابد من المفاضلة واالترجيح واﻹعظام لها بوضع كل في درجات مختلفة .
وقد أكد القرآن على تعظيم الشعائر وجعل ذكر ظلامة اهل البيت ع كما مرت الاش
ارة اليه في صدارة واعظم ابواب ذكر الله تعالى .
5- وﻻحظ سنة الرثاء والندبة لظلامة جميع الانبياء ع والاوصياء ع في القرآن بل والمؤمنين حتى انه تعالى خصص لاصحاب سورة مستقلة تقرأ الى يوم القيامة وهي تتطلب تدبر وتتبع في اﻵيات والسور والقصص التي سردها القرآن عنهم .
وذكر كل تلك المصائب والظلامات بإسلوب مقرح ومفجع يستثير العواطف والاحاسيس ويستهوي بذلك التضامن مع المظلوم والاصطفاف معه في طريق الحق والتبرم من الظالمين وطريق الغواية الباطلة .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat