شبابنا في عصر المعرفة
احمد كريم الحمد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
احمد كريم الحمد

النوم احياناً لا يكون بإغماض العين بقدر ما يكون بإغماض العقل وتعطيل الفكر وكذلك اليقظة لا تكون بفتح العين بقدر ما تكون بتفتيح الذهن وايقاد العقل وهذا هو معيار التفاضل في الحضارة الكونية ،
عانى مجتمعنا بكل اطيافه من تغييب وهدر لطاقاته وقدراته في كافة المجالات ولا شك في ان الأنظمة السابقة تتحمل وزر ما يعانيه الشباب لأنها عملت بكل جهد لعسكرة الشباب وإبعادهم عمداً عن مقاعد الدراسة ومراكز البحوث وعن المصنع والحقل والمكتبة وخلقت هذه السياسة الطائشة بدورها اغمائة ثقافية وفكرية وعلمية لعقول وطاقات شبابنا وظل شبابنا معطل عن أداء ما عليه من واجبات تجاه الوطن وتجاه نفسه بالأساس فطيلة تلك الفترة لا عالم كسبنا ولا جاهل فقدنا لا لقصورنا الذاتي فينا بل للقصور الموضوعي في تجليات اوضاعنا ..
تفوق نسبة الشباب في مجتمعنا اي فئة اخرى ومن المعروف ان نسبة البطالة فيهم كبيرة جدا بالإضافة الى ان اغلب من يعمل منهم فيندرج عمله ضمن مفهوم البطالة المقنعة وبالتالي أصبح لدينا شباب اما عاطل عن العمل او يعمل في عمل معطل أصلا وغير منتج وهذه النتيجة جاءت من تراكم العديد من المسببات سواء كانت اقتصادية او اجتماعية مما جعل هذه الشريحة الواسعة تشكل عبئاً وثقلاً على الدولة و بدلاً من أن يُعيل الشاب الدولة من خلال مساهمته في عملية التنمية أصبحت الدولة تعيله من الموارد المحدودة المتاحة لها وظهرت لنا فئة واسعة من الشباب لا تساهم في اي عملية للتنمية بقدر ما تستنزف مقدرات وثروات البلد..
الكل يعلم انه لا يمكن الاطمئنان إلى أي بناء مجتمعي ديمقراطي متمدن إذا لم يكن مدعوماً بالمعرفة التي تكتسب عن طريق أوعيتها المعروفة لنا من كتب ومجلات علمية ومقالات متخصصة ومصادر الكترونية متنوعة وحيازة المعرفة لا تأتي الى من طريق واحد لا ثاني سواه وهو (((القراءة))) فأن لم نطلع على ما أنتجته الحضارة من علوم ومعارف لنكتسب طريقة تفكير تقودنا الى إنتاج المعرفة فأننا لن نتمكن من الدخول في هذا العصر الذي وللأسف نعيش على هامشه الان ،
المعرفة مثلها مثل اي سلعة فقيمتها تحسب في درجة الاستفادة منها اما عدا ذلك فيعتبر حائزيها موسوعات ببغاوية- بشرية وما أكثرها هذه الايام ؟؟
وهذا ما لا نريد ان نكون عليه لذا لا يكفي ان نحوز المعرفة بل أن نطبقها ان نجعل عقول الشباب قادرة على الابداع في مختلف المجالات وخلق قيمة مضافة تساهم في عملية التنمية والوعي الاجتماعي وستكون فلسفتنا في المعرفة هي ان(( نتعلم لنتفكر لا أن نتعلم لنتذكر ))
لنساعد في بناء منظومة تفكير قادرة على اعادة انتاج المعرفة وتفعيل قطاع التقانة الذي هو لب الاقتصاد المعاصر،
ابتدأت حضارات الشعوب المتقدمة بثورات ثقافية أزاحت الجهل والتخلف وأرست قواعد العلم والمعرفة و قد حان الوقت لنكون فاعلين لا منفعلين منتجين لا مستهلكين للمعارف والعلوم ففينا يكمن أمل شعبنا ،.
نريد ان نكون القاطرة التي تمشي خلفها الامم لا القطار الذي يدور في نفس السكة..
ان مسؤولية بناء عقلية شبابية متنورة قادرة على تحقيق مفهوم التسامي عبر الانتقال من النقطة ( أ ) الى النقطة (ج) دون المرور بالنقطة (ب) لاختصار الزمن وتدارك الحالة قبل استفحالها هي من صميم عمل وزارة الشباب والرياضة فهي بوابة صُممت لرعاية الافكار الشبابية وادارة هذا القطاع المهم بكل تجلياته واننا نأمل منها تبني ثورة شبابية ثقافية علمية شاملة تؤسس لبناء مجتمع واعي ومتنور هو مجتمع العلم والمعرفة مجتمع الانجاز والمنتج ووزارة الشباب قادرة على تبني هذا الخطوة فهي أوسع من ان تضيق بفكرة وأقدر من ان تعجز عن تنفيذها ،
فإذا كان سابقا مقدر لمصر ان تكتب ولبنان تطبع والعراق يقرأ
فغداً يجب ان يقرأ العراقي اولاً ومن ثم يكتب وليطبع هو بنفسه وليقرأ العالم بأسره نتاجات أبناء بابل وسومر ولترجع بغداد عاصمة الدنيا وحاضنة الثقافات وشمس للمعرفة والإبداع ..
نعلم ان طريقنا ستكون طويلة فليس هناك رحلة أشق من رحلة العودة إلى العقل لكنها ممكنة اذا ما تظافرت الجهود وتكاتفت الأيادي وصدقت النوايا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat