البعث السوري سقط 00 لم يسقط !
كامل المالكي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كامل المالكي

رغم ان البعثيين يعزون سقوط تجربة حزب البعث في سوريا الى سيطرة المرحوم حافظ الاسد على مقاليد الحكم في سوريا وطرد ماكان يوصف بالقيادة اليمينية للحزب بقيادة ميشيل عفلق , وبروز ماعرف ايضا بالجناح اليساري أو القيادة اليسارية في هذا البلد العربي الذي جاور العراق , في حين تحول الاخيرالى قاعدة حكم يقوده نفس الحزب ولكن باتجاهات يمينية كما كان يوصف على لسان المراقبين والمحللين, وسقوطه اللاحق مرتين الاولى على يد صدام حسين ,الذي حول الحزب عمليا الى ارادة الفرد المطلق واحيانا الى ارادة العائلة وأحيانا العشيرة, والثانية على يد قوات التحالف التي اطاحت النظام والحزب الحاكم برمته وتشرذمه الى اجنحة وتيارات شتى , فان بالامكان القول بان البعث في سوريا ان لم يكن سقط على يد الاسد الاب فان هذا الحزب قد سقط في عهد الابن أمام فعل التحدي الجماهيري لسلطته من خلال المظاهرات العارمة التي عمت المدن السورية وما زالت بما فيها دمشق العاصمة متجاوزة حاجز الخوف الذي زرع في النفوس قرابة خمسة عقود رغم الرصاص الذي بدأ بشكل منظم يحصد الصدور العزلى , وان هذا السقوط نجم عن تجربة حكم هي الاخرى ناكفت حرية شعبها وحاولت الاستحواذ على السلطة لتطبيق برامجها الشمولية التي يؤمن بها صراحة الحزب (( القائد )) عبر مضامين طروحاته وتطبيقاته الفكرية لشكل وجوهر الحكم بعيدا عن ارادة الشعب , من هنا يمكن اعتبار الموقف الشعبي السوري هو الحكم الحقيقي على حزب البعث السوري ايا كانت خانته الفكرية يسارا أويمينا ذلك ان الحكم الذي يلقى مثل هذا الموقف من شعبه يعتبر ساقطا وان كان مايزال يمارس السلطة بادواتها المختلفة .
من هنا يلاحظ ان النظام في سوريا لجأ الى اتخاذ بعض ما اسماه الاصلاحات القانونية كالغاء قانون الطوارىء وغيرها لكن جموع الشعب استمرت رافعة صوتها عاليا مطالبة بالحرية , لانها تعلم ان الحرية لاتهبها مجرد قوانين يطلقها حاكم سواء أكان هذا الحاكم فردا أوحزبا وبنفس الوقت سيتخلى عن مضامين افكاره الشمولية وتطبيقاتها اضافة الى التشبث بالسلطة التي تمثل مستقبله والجدار الذي يستند اليه هذا الحزب في رسم مستقبله في الساحة السياسية من خلال فرض اراداته وتحالفاته بموجب معطيات تلك السلطة, ولكن السيد بشار الاسد وانطلاقا من الدور الذي تحتله سوريا الدولة كلاعب في المعادلة الاقليمية وتأثيراتها على شعوب المنطقة بما فيها دول الاقليم العراقي أو دول الاقليم السوري مطالب باتخاذ اجراءات حقيقية شجاعة وفعالة لتحقيق الحرية المنشودة للشعب السوري وتفويت الفرصة على المتربصين الذين ينتهزون الفرص لتحقيق اغراض تدخل في اطار التآمر لمصلحة اسرائيل مثلا ما يؤدي الى اضعاف المطالب العربية المشروعة وتحجيم دور المقاومة العربية في لبنان وابعاد وسائل الدعم المؤثرة من الاصدقاء في العالم الاسلامي أو الدول الصديقة الاخرى وهذا بدوره يؤدي الى تسيد اسرائيل على المنطقة مدعومة من الولايات المتحدة وبريطانيا على وجه الخصوص وبالتالي ستنتقل المنطقة العربية الى اضعف حالاتها خاصة وان البلاد العربية مازالت تمر بمخاض كبير بدأ في تونس وبعدها في مصر ومازال في ليبيا والبحرين ولاندري اين ومتى سيتوقف بل ومتى وكيف سيكون شكل الولادات الجديدة التي نطمح ان تكون سليمة بشكل عام طالما انها انبثقت عن ارادة الشعب.
بمعنى آخراذا اراد النظام السوري كنظام عربي يدعي بتبنى الحرية والتحرر وغير ذلك من قيم العدالة ويردد ذلك عبر وسائل اعلامه فالاولى له ان ينصف شعبه ويبعد عملية القمع المنظم التي تمارسها بعض اجهزته في الخفاء او العلن والتي ينتج عنها يوميا سقوط المزيد من الضحايا المسالمين المنادين بالحرية والكرامة فضلا عن الاعتقالات واعمال التعذيب وغيرها مما يهدد حقوق الانسان في سوريا ابشع تهديد , والا فان هذا النظام وان كان مازال في السلطة فانه في النهاية سيؤول الى السقوط ليس فقط على يد شعبه انما بتدخل مباشر وغير مباشر من قوى وتحالفات لاتريد الخير لا للشعب السوري الثائر من اجل حريته ولا لشعوب البلدان العربية والاقليمية التي تسعى الى الاستقلال الناجز والسلم والتقدم .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat