الظواهر المعاكسة تندحر!!
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . صادق السامرائي

التأريخ يخبرنا عن تكرار ظواهر عديدة في مسيرته , ذات تطلعات مناهضة لقوانينة ومعاكسة لإتجاهات حركته , لكنها تنتهي بسرعة وتنطفئ مثلما إتقدت وتأججت وأحرقت فاحترقت.
وما يحصل من ظواهر منافية للقيم والأخلاق والمعايير الإنسانية , والتقاليد المتعارف عليها على مر العصور , إنما هي إحتراقات في أحطاب وركام الويلات , التي تأججت وستخمد حتما وتتحول إلى رماد ودخان.
وليس غريبا أن تمتلئ الفراغات بهذه الجيوب السرطانية ذات القدرات العنيفة , المعبرة عن أشرس ما في الأعماق البشرية من نوازع ودوافع وتطلعات للنفس الأمّارة بالسوء.
فالتأريخ لا يسمح بالفراغات لأنها تناهض طبائع المسيرة الكونية , وقوانين الدوران التي تتحكم بالحياة , كم أن أمّنا الأرض تأبى أن تتخللها الفراغات لأنها تتقيح وتتسرطن , وتمحق الحياة , وهذا يتقاطع مع رسالتها التي تسعى بدورانها للحفاظ على مكوناتها المختلفة , وتحثها على التفاعل والتواصل والنماء لصيانة الوجود.
ومن أهم عوامل توليد الفراغات هو غياب الدولة وإنحسار قوتها , فكلما حققت الدولة ضعفا إزدادت إمكانية حصول الفراغات وإمتلاؤها بالخلايا السرطانية , ومجاميعها ذات الإنتشارية الفتاكة الساعية لقتل الدولة والإنسان.
وكلما أصيبت المجتمعات بغزوات سرطانية , فأنها تستجمع طاقاتها وتُفاعل قواتها وتتناسى خلافاتا وتهب بإرادة واحدة وقلب واحد , لمحاصرة الغزوة السرطانية , وتحجيمها وقطع أوعية حياتها ونمائها , حتى يتحقق إنكماشها وذبولها وموتها , والتخلص من شرورها وآثارها القاتلة.
ولكل داء سرطاني أسباب وعوامل لابد من معالجتها للوقاية من تكرار ظهور الداء , مما يستوجب تقيما متواصلا وفحصا دقيقا , وعلاجا مناسبا يمنع عودة الداء , والخلاص من منابعه ومواطنه الكامنة في البشر.
ويقف المجتمع العربي أمام تحدي سرطاني شرس الطباع , متوحش الإنتشارية والقدرة على التغلغل في بدن الأمة وقلب الإنسان , مما يتطلب قدرات علمية وبحثية لمعالجة ظاهرة إنتشار الفراغات , وذلك يكون بتحقيق أعلى درجات توفير الخدمات وأسس البنى التحتية , وإشاعة الأمل بالبناء وتوفير فرص العمل والإبداع والإبتكار , والتطور الصناعي والزراعي والتجاري والعمراني , والنقل بآليات معاصرة ومتواكبة مع أحدث المستجدات في العالم.
كما أن من المهم التركيز على الثقافة الصالحة الجامعة , الداعية للحرية والكرامة وإحترام الإنسان والدستور والقانون الذي يحفظ حقوقه ويحدد واجباته.
هذا ما يحدثنا به التأريخ , ويزودنا بخرائط ووسائل الوقاية والعلاج , وعلينا أن نتفاعل معها بوعي ومعاصرة وقدرة على العطاء الأصيل.
فهل سنتمكن من إبتكار وسائل الوقاية والعلاج , أم سنبقى الضحايا التي تستجدي من الآخرين الرحمة والحماية؟!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat