صفحة الكاتب : حميد الموسوي

المصالحة الوطنية بين طموح التنظيرات وصدى التصريحات
حميد الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لا نجد فريقا من فرقاء العملية السياسية -المشاركين فيها والمعارضين لها- لا يدعو للمصالحة الوطنية ولا نعرف حزبا او حركة او كتلة سياسية من العاملة على الساحة العراقية لا يضع اهمية المصالحة الوطنية على رأس برنامجه السياسي ومشروعه الوطني.
ولا يوجد من بين الجميع من لا يؤكد على اقامة حكومة وطنية قوية قادرة على فرض القانون وبسط الامن والاستقرار واعادة الامور الى وضعها الطبيعي والنهوض بالعراق لياخذ موقعه اللائق في المنظومة الدولية، وتحقيق ما تصبو اليه الجماهير العراقية المحرومة من العيش المرفه الكريم والحياة الامنة المطمئنة، الا ان الواقع العملي والتطبيق الميداني لكل هذه التطلعات والطروحات ظل يرواح مكانه ولم يرق لمستوى طموح التنظيرات بالرغم من مرور اكثر من عشرة اعوام من عمر التجربة السياسية العراقية الجديدة، وهذا يشي بوجود شوائب خالطت مسار العملية ومعوقات تعرقل التقدم نحو الهدف المنشود.
وحقيقة الامر ان هذا التباطؤ لا يرتبط بعامل واحد او يتوقف عند سبب واحد، فقد لعبت الاطراف الاقليمية والخارجية والمحلية ادوارا مبطنة واخرى مكشوفة لجعل استمرار الحال على ماهو عليه من فوضى واضطراب وازمات ولكل من تلك الجهات اجندته واهدافه ، ومع وجود هذه المعوقات والعصي في عجلة المسيرة الجديدة بدأت كل الاطراف المخلصة تحركا مستمرا لتقليل نقاط الاختلاف وتضييق فجوة الخلاف  خاصة بعد التحسن الكبير الذي شهدته الساحة الامنية وبعد ما تأكد الجميع من ان استمرار الخلاف لا يخدم العراق والعراقيين بقدر ما يقدمه من خدمة لاعدائهم والمتربصين بهم الدوائر لانتهاز فرصة الخلافات وتقطيع اوصال العراق وتقاسم ثرواته وتشتيت طوائفه ومكوناته. وبعدما أقر كل شركاء العملية السياسية بأن نتيجة الخلافات المستمرة هي الخراب والطوفان الذي لا يستثني احداً.
ولذا اخذت الاطراف المعنية بتقديم بعض التنازلات التي تسهم في حلحلة الامور المستعصية وتجاوز الاخطاء والتلكؤات التي صاحبت بعض التجارب خلال مسيرة الاعوام المنصرمة، من قبيل تجربة المجلس السياسي للامن الوطني حيث كان المتوقع من هذا المجلس ان يوحد المواقف وتكون له صلاحية اصدار القرارات/ ولكنه لم يفعّل وظل يعاني الضعف والتردد والتلكؤ ما ادى الى تفككه وانسحاب اكثر الاطراف منه قبل ان تتحقق النتائج المتوخاة او بعض ما كان مرجوا من تشكيله. ثم جاءت تجربة المعتدلين والتي صارت اشبه بتحالف رباعي بعد ما اخفقت في استقطاب باقي الاطراف المشاركة في العملية السياسية.
ويبدو ان الحراك السياسي الجديد اكثر وضوحا وتفهما في استشراف مستقبل العملية السياسية ولذا أخذت تفاعلات المشهد السياسي تنحو بجدية نحو اقامة شراكة جديدة والعمل على ايجاد ثقة متبادلة بين جميع الاطراف في النوايا ومعالجة الازمات والمشاكل وهذا الاتجاه الجديد يعد من أضمن الطرق لتحقيق الاهداف المشتركة والتي تصب بالنتيجة في صالح المصلحة العامة التي ينشدها الجميع.
ان القوى السياسية الوطنية مدعوة بجميع اطيافها للاستفادة من دروس وعبر السلطات السابقة والمصير الذي آلت اليه نتيجة سياسات الاقصاء والتهميش والاستبداد والاضطهاد وكتم الانفاس. واتخاذ اسلوب الحوار واحترام الرأي الاخر شعاراً وتطبيقا يجب ان يكون على رأس اولويات المشاركين في العملية السياسية الجديدة. كما يتوجب على الاطراف المعارضة اعادة النظر في مواقفها، ورمي مخلفات الحقب السابقة وراء ظهرها بعد ما صارت ماضيا غابرا بما لها وما عليها ،فالمشاركة في بناء العراق الجديد وحمايته من التمزق والضياع شرف تهون دونه كل المنافع والمطامع الشخصية والفئوية.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حميد الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/06



كتابة تعليق لموضوع : المصالحة الوطنية بين طموح التنظيرات وصدى التصريحات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net