المنظومة التعليمية وسوق العمل
مثنى مكي محمد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نعاني في العراق من وجود خلل يتمثل بحقيقة أن قوى العمل من فئة الخريجين غير قادرة في بعض الاحيان على الايفاء بمتطلبات سوق العمل. وما نقصده بسوق العمل هو كل منفذ تشغيلي يوظف خدمات الخريجين كأن يكون دائرة حكومية أو شركة أهلية سواء في القطاع الخاص أو الحكومي.
وهذا التدني يتمثل بوجود خلل في:
1. اخلاقيات المهنة التي يحملها الداخلين حديثا الى سوق العمل.
2. تدني مستوى جودة الخدمة المقدمة من قبل هؤلاء.
3. وقبل كل شيء هناك ضعف القدرة على ايجاد فرصة عمل تتلائم مع ما حصل عليه الخريج من تدريب أو ما يحمله من تخصص أو شهادة.
ومما لا يخفى على القارئ الكريم أن دافع رئيسي لدراسة تخصص من التخصصات هو الحصول على وظيفة أو فرصة عمل توفر مقدارا مقبول من الدخل (وخاصة بعد تحسن مستوى الرواتب وزيادة القيمة السوقية للشهادة الجامعية)، اضافة طبعا الى الرغبة بتحسين المستوى الاجتماعي والرغبة بطلب العلم.
الا أن خريجونا يكتشفون بعد التخرج أن ما حصلوا عليه من تدريب خلال سنوات الدراسة لا يلبي دائما متطلبات العمل أو الوظيفة التي حصلوا عليها (حتى وان كانت هذه الوظيفة ضمن مجال تخصصهم).
ويرى الكاتب ضرورة أدراج مادة دراسية في جميع الاقسام والتخصصات تؤهل الطالب للتهيؤ للدخول الى سوق العمل المستهدف. والمادة المقترحة تختلف عن مادة التطبيق الموجودة في بعض التخصصات، فهي تعنى بزيادة الوعي "الاقتصادي" والوعي بحركة سوق العمل المستهدف وطريقة الولوج اليه والبراعة فيه بما يضمن مستوى عال من الاداء ونجاحا يجني الفرد ثماره على المستويين المهني والشخصي وبما يصب في المصلحة العامة.
ففيما يتعلق بأخلاقيات المهنة قد يمتلك الفرد ما يكفي من المهارة العلمية بمجال تخصصه الا انك تجد عنده قصور بفهمه واتباعه لأخلاقيات مهنته. فلكل مهنة اخلاقياتها وأعرافها التي باتباعها يضمن الفرد طيب العلاقة برب العمل و مع غيره من زملاء المهنة و مع المستفيد النهائي للخدمة التي يقدمها. فعلى سبيل المثال لا الحصر فان من اخلاقيات مهنة الطبيب التعامل الانساني مع المرضى بما يخفف عنهم، ومن أخلاقيات مهنة المترجم النزاهة والصدق في ترجمته فلا يزيد أو ينقص أو يحمل النص ما لا يحمل وكذلك الحفاظ على خصوصية العمل المكلف به. كما أن هناك ما يشبه الاعراف المتبعة في كل تخصص مما يعتبر كسره أو الاخلال به أمرا معيبا، فمثلا من اخلاقيات مهنة المدرس أو الاستاذ التعامل بحيادية مع الطلاب واعطاء كل ذو حق حقه من غير التأثر بوساطة أو بمصلحة شخصية، أو أن لا يعمد المكلف بالعمل على الحاسوب في جهة ما الى حذف أو افساد ملفات العمل الاليكترونية اذا ما كلف شخص اخر بالقيام بعمله وغيرها الكثير! ان خريجينا بحاجة الى غرس اخلاقيات المهنة في نفوسهم وتصليح الخلل ان وجد بما يؤهلهم ليكونوا افرادا كفوئين عندما يحين الوقت لزجهم في سوق العمل.
أما بخصوص تدني جودة الخدمة المقدمة فهذا أمر له علاقة بقضية الجودة العلمية في المؤسسات التعليمية التي يتخرج منها هؤلاء. فلا نتوقع أن مؤسسة تعليمية تربوية تتهاون بمعايير نجاح طلبتها ستخرج أفرادا يجيدون ما يقومون به. وقد تحدث كاتب هذا المقال عن هذا الموضوع بشكل أكثر تفصيلا في مقاله المعنون (لأجل مؤسسة تعليمية أفضل) وبإمكان القارئ الرجوع اليه. وعلينا أن نتذكر أن هناك مؤسسات عالمية رصينة متخصصة بمجال الجودة بالإمكان الاستعانة بها فلا داعي لإعادة اختراع العجلة!
وفيما يخص النقطة الثالثة ألا وهي ضعف القدرة على ايجاد فرصة العمل انما هو بالمفهوم الاقتصادي ضعف قدرة الفرد على تسويق ما يمتلكه من مهارة أو معرفة اكتسبها من خلال الدراسة. ومن هنا تأتي أهمية تعليم الطالب طريقة الحصول على العمل ومنافذه، وكذلك زيادة وعي الفرد بجدوى العمل في مؤسسات القطاع الخاص لأجل تخفيف الضغط عن القطاع الحكومي. فمثلا نعلم طالب كلية الطب طريقة فتح وادارة عيادة خاصة ناجحة. ونكسب طالب علوم الحاسوب خبرة عملية كافية بالعمل على ما يحتاجه سوق العمل من برامجيات وبعيدا عن النظريات الجامدة التي يكتشف الطالب بعد تعيينه أنها لا تغني من فقر ولا تشبع من جوع.
تدريسي في كلية التربية للاختصاصات الانسانية
جامعة كربلاء
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
مثنى مكي محمد

نعاني في العراق من وجود خلل يتمثل بحقيقة أن قوى العمل من فئة الخريجين غير قادرة في بعض الاحيان على الايفاء بمتطلبات سوق العمل. وما نقصده بسوق العمل هو كل منفذ تشغيلي يوظف خدمات الخريجين كأن يكون دائرة حكومية أو شركة أهلية سواء في القطاع الخاص أو الحكومي.
وهذا التدني يتمثل بوجود خلل في:
1. اخلاقيات المهنة التي يحملها الداخلين حديثا الى سوق العمل.
2. تدني مستوى جودة الخدمة المقدمة من قبل هؤلاء.
3. وقبل كل شيء هناك ضعف القدرة على ايجاد فرصة عمل تتلائم مع ما حصل عليه الخريج من تدريب أو ما يحمله من تخصص أو شهادة.
ومما لا يخفى على القارئ الكريم أن دافع رئيسي لدراسة تخصص من التخصصات هو الحصول على وظيفة أو فرصة عمل توفر مقدارا مقبول من الدخل (وخاصة بعد تحسن مستوى الرواتب وزيادة القيمة السوقية للشهادة الجامعية)، اضافة طبعا الى الرغبة بتحسين المستوى الاجتماعي والرغبة بطلب العلم.
الا أن خريجونا يكتشفون بعد التخرج أن ما حصلوا عليه من تدريب خلال سنوات الدراسة لا يلبي دائما متطلبات العمل أو الوظيفة التي حصلوا عليها (حتى وان كانت هذه الوظيفة ضمن مجال تخصصهم).
ويرى الكاتب ضرورة أدراج مادة دراسية في جميع الاقسام والتخصصات تؤهل الطالب للتهيؤ للدخول الى سوق العمل المستهدف. والمادة المقترحة تختلف عن مادة التطبيق الموجودة في بعض التخصصات، فهي تعنى بزيادة الوعي "الاقتصادي" والوعي بحركة سوق العمل المستهدف وطريقة الولوج اليه والبراعة فيه بما يضمن مستوى عال من الاداء ونجاحا يجني الفرد ثماره على المستويين المهني والشخصي وبما يصب في المصلحة العامة.
ففيما يتعلق بأخلاقيات المهنة قد يمتلك الفرد ما يكفي من المهارة العلمية بمجال تخصصه الا انك تجد عنده قصور بفهمه واتباعه لأخلاقيات مهنته. فلكل مهنة اخلاقياتها وأعرافها التي باتباعها يضمن الفرد طيب العلاقة برب العمل و مع غيره من زملاء المهنة و مع المستفيد النهائي للخدمة التي يقدمها. فعلى سبيل المثال لا الحصر فان من اخلاقيات مهنة الطبيب التعامل الانساني مع المرضى بما يخفف عنهم، ومن أخلاقيات مهنة المترجم النزاهة والصدق في ترجمته فلا يزيد أو ينقص أو يحمل النص ما لا يحمل وكذلك الحفاظ على خصوصية العمل المكلف به. كما أن هناك ما يشبه الاعراف المتبعة في كل تخصص مما يعتبر كسره أو الاخلال به أمرا معيبا، فمثلا من اخلاقيات مهنة المدرس أو الاستاذ التعامل بحيادية مع الطلاب واعطاء كل ذو حق حقه من غير التأثر بوساطة أو بمصلحة شخصية، أو أن لا يعمد المكلف بالعمل على الحاسوب في جهة ما الى حذف أو افساد ملفات العمل الاليكترونية اذا ما كلف شخص اخر بالقيام بعمله وغيرها الكثير! ان خريجينا بحاجة الى غرس اخلاقيات المهنة في نفوسهم وتصليح الخلل ان وجد بما يؤهلهم ليكونوا افرادا كفوئين عندما يحين الوقت لزجهم في سوق العمل.
أما بخصوص تدني جودة الخدمة المقدمة فهذا أمر له علاقة بقضية الجودة العلمية في المؤسسات التعليمية التي يتخرج منها هؤلاء. فلا نتوقع أن مؤسسة تعليمية تربوية تتهاون بمعايير نجاح طلبتها ستخرج أفرادا يجيدون ما يقومون به. وقد تحدث كاتب هذا المقال عن هذا الموضوع بشكل أكثر تفصيلا في مقاله المعنون (لأجل مؤسسة تعليمية أفضل) وبإمكان القارئ الرجوع اليه. وعلينا أن نتذكر أن هناك مؤسسات عالمية رصينة متخصصة بمجال الجودة بالإمكان الاستعانة بها فلا داعي لإعادة اختراع العجلة!
وفيما يخص النقطة الثالثة ألا وهي ضعف القدرة على ايجاد فرصة العمل انما هو بالمفهوم الاقتصادي ضعف قدرة الفرد على تسويق ما يمتلكه من مهارة أو معرفة اكتسبها من خلال الدراسة. ومن هنا تأتي أهمية تعليم الطالب طريقة الحصول على العمل ومنافذه، وكذلك زيادة وعي الفرد بجدوى العمل في مؤسسات القطاع الخاص لأجل تخفيف الضغط عن القطاع الحكومي. فمثلا نعلم طالب كلية الطب طريقة فتح وادارة عيادة خاصة ناجحة. ونكسب طالب علوم الحاسوب خبرة عملية كافية بالعمل على ما يحتاجه سوق العمل من برامجيات وبعيدا عن النظريات الجامدة التي يكتشف الطالب بعد تعيينه أنها لا تغني من فقر ولا تشبع من جوع.
تدريسي في كلية التربية للاختصاصات الانسانية
جامعة كربلاء
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat