صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

العلة في الحاكم أو المحكوم؟!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.



المشكلة ليست في الأشخاص الذين يحكمون وحسب , وإنما في المجتمع الذي جاؤا منه , وشكلوا الأحزاب والفئات وغيرها بأبنائه.

فما يتحقق في المجتمع من ثقافة سائدة ومقرونة بأفعال وأحداث ذات شحنات عاطفية عالية , يتسبب بولادة القوى المتناسبة مع هذه الثقافة المعادية لسلامة المجتمع وأمنه وأمانه , وبتراكم مفرداتها اللغوية والسلوكية , يتخذ المجتمع مسارات منحرفة , وتفاعلات إنقراضية تقوده إلى متاهات وتداعيات قاسية.

ومنذ ألفين وثلاثة والعمل جاد ومتواصل على إشاعة ثقافات الكراهية والبغضاء والطائفية النكراء , وإقامة أنظمة وصياغات دستورية ترسخها وتؤكدها , وتعلي من قيمتها وتأثيرها في المجتمع , وأول هذه المفردات التي دمرت المجتمع هي "المحاصصة" , أي أن الثقافة التدميرية للمجتمع إتخذت صفة دستورية , مما روج لمتوالية مفردات تنطلق منها , وتؤثر في السلوك الإجتماعي.

وما يمر به المجتمع من صعوبات ويواجهه من تحديات , بسبب هذه الثقافة التي أدت إلى ولادة ثقافات منحرفة منافية للأخلاق والقيم , مما زاد الأحوال تعقيدا وتأزما وخسرانا , وإستنزافا للطاقات والموارد والثروات.

وهكذا فأن ميدان التفاعل اليومي صار ملوثا بمصطلحات غريبة عن سياقات مسيرته المعروفة , ولا يمكن لأي شخص مهما توهم بقدراته , أن يفعل شيئا يُذكر إذا تجاهل هذه المعضلة الثقافية السلوكية , وما أدرك أن عليه أن يعيد الثقافة الإجتماعية الوطنية إلى مساراتها الصحيحة , ويبدو أن بعض العقول العارفة قد تنبهت إلى أصل المأساة وجوهر التداعيات , وأخذت تصرح بإشاعة ثقافة الحياة والراية الواحدة.

والحاكم الذي يغفل هذه العلة سيفشل حتما , ولهذا فأن عليه أن يكون حذرا ودقيقا في لغة خطابه وإختياره لمفردات عباراته , ويضع نصب عينيه أنه يخاطب شعبا , وليس فئة أو حزبا , وعليه أن يتعلم معنى أن يكون قائدا , وما هي مهارات وقوانين ونظريات القيادة المعاصرة.

فغلطة كلامية واحدة في هذا الزمن الحساس , ستورثه المتاعب والويلات , وستضعه في زاوية فقيرة الخيارات , فعليه أن  يكون مؤثرا لا متأثرا , وهذا يتطلب وعيا وحلما وحكمة ورؤية قيادية ثاقبة واثقة , وإيمان بصناعة الأفضل وبناء الأقوم.

فالمجتمع وعلى لسان معظم رموزه وممثليه , وكأنه في حالة دفاعية وتبريرية ومحاولة لإيقاع المُريد بما يريد , وهناك مناهج وإتجاهات وتفاعلات سلبية , تسعى بقوة وتكاتف ودعم لتكريس المكرس وتدمير المدمر , وأخذ البلاد عن قصد أو غير قصد إلى مهاوي التشظي والإنحلال الحضاري المهين.

فالصيد في الماء العكر في ذروته , والتفاعل يُراد له أن يتمتع بسلبية فائقة , مما قد يسفر عن تداعيات تلوح في الأفق ولكن أي تداعيات ستكون؟!!

 

 


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/18



كتابة تعليق لموضوع : العلة في الحاكم أو المحكوم؟!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net