صفحة الكاتب : سعود الساعدي

الدولة الكردية الامكانات والتحديات (1ــــ 2)
سعود الساعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يعيش البرزاني شعورا طاغيا بنشوة الانتصار بعد هيمنته على كركوك التي تحتوي على 30% من الانتاج النفطي العراقي  ما دفعه الى إبلاغ قيادات قوى اقليمية ودولية " بأن العراق هو الآن في اسوأ حالاته على مختلف الاصعدة وهو ضعيف للغاية ولا يقوى على الدخول في صراع مع الاكراد الذين يتمتعون بقدرة عسكرية اكثر اقتداراً وتسليحاً وتنظيماً ويمكنها ان تهزم الجيش خلال ساعات". 

بارزاني يعيش احلاماً وردية خلقتها ما اسماها بالفرصة التاريخية للأكراد بعد احداث الموصل لكنه يدرك في الوقت نفسه أنه سيدخل جولات من الصراع مع العراق الرافض لمحاولات تقسيمه اضافة الى مواجهة دول اقليمية تقف ايران وسوريا في مقدمتها ولهذا فهو يعمل على استكمال مقومات بناء الدولة وتعزيز قدراتها السياسية والاقتصادية والعسكرية.

فعلى الصعيد السياسي عمل البارزاني الذي لا يملك اكثر من 19 مقعدا من اصل 55 مقعدا للكرد في البرلمان العراقي عمل على تقوية جبهته الداخلية عبر تشكيل حكومة ائتلافية يقودها حزبه وتضم جميع القوى والاحزاب الكردية فقد أُعلن عن تشكيل هذه الحكومة في الخامس والعشرين من حزيران الماضي حينما وضعت كافة الأحزاب الكردية خلافاتها جانبا, وشكلت حكومة وحدة محلية بعد سبعة أشهر من المفاوضات الشاقة والعسيرة بين القوى الكردية التي ساهمت المستجدات العراقية في الموصل والاستيلاء على كركوك في تسوية خلافاتها وتناقضاتها وتوحيد صفوفها.

تدعيم النظام السياسي المتماسك الذي يقود ويدير شبه دولة مستقلة هو الخطوة الأولى على طريق الاستقلال المزعوم، شبه دولة عمل الحاكم المدني بول بريمر بعد احتلال العراق على منحها امتيازات خاصة متميزة عن الدولة المركزية من جيش واقتصاد وبرلمان مستقل تم التأسيس لها دستوريا في دستور عراقي عمد الاكراد دوما الى اضفاء صفة مطاطية عليه قابلة للتأويلات النفعية.

المنظومة السياسية الكردية التي هيمنت على العديد من المناصب السياسية والادارية في الدولة العراقية كرئيس الجمهورية ووزير الخارجية وغيرهما من المناصب البرلمانية والحكومية المهمة استثمرها الاكراد لنسج خيوط علاقات دولية متينة أسست لحضور دبلوماسي كردي خارجي واسع يمهد لإعلان الدولة الكردية بدعم غير مباشر من الحكومة المركزية اذ يحصُل الاقليم على 17% من الميزانية الاتحادية التي تعتمد على ثروات الجنوب العراقي ليوظفها الكرد في بناء مؤسسات سياسية واقتصادية وعسكرية على حساب مؤسسات الدولة العراقية.

اقتصاديا وفرت الهيمنة على كركوك وحقولها النفطية القاعدة الاقتصادية التي تفتقدها اغلب دول العالم فإنتاج كركوك واحتياطيها النفطي الذي يقدر بحسب مراكز متخصصة بـ 80 - 100 مليار برميل يفوق ما تمتلكه وتنتجه دول مثل قطر والامارات والكويت. 

مسار تصدير النفط انطلق بسرعة كبيرة و لا يبدو انه سيتوقف بل أن وتائره تتصاعد يوما بعد آخر إذ يتم تصدير نفط كركوك و إقليم كردستان إلى إسرائيل ومنها إلى الدول المستهلكة، فالاتفاق الصهيوني الكردي يقوم على مرتكز اساسي وهو منح الدعم الصهيوني السياسي والعسكري ضد الاعداء المشتركين للصهاينة والكرد مقابل تحويل الكيان الصهيوني الى محطة للتصدير فضلا عن سد حاجاته النفطية الاستهلاكية. 

إضافة لما يشكله نفط كركوك من اهمية اقتصادية استراتيجية يمتلك اقليم كردستان مصاف للنفط ومحطات لتوليد الطاقة ويتمتع بثروات معدنية وزراعية كبيرة و يسيطر على مدخل نهر دجلة الى العراق، فضلا عما يمتلكه من شبكة انهار واسعة، ويخطط لامتلاك منفذ بحري بعد الاعلان عن دولة كردستان الكبرى حين يضم اكراد سوريا وايران وتركيا.

التوجه الاقتصادي الكردي يسير بقوة نحو الاستقلال التام خاصة بعد أن تحدثت تقارير مؤخراً عن البدء بطباعة عملة خاصة بالدولة الكردية!

وتبقى تساؤلات جديرة بالتأمل: ماذا عن الدعم والرعاية الصهيونية الاستثنائية والدعم الاميركي خصوصا والدعم الدولي عموما للأكراد؟ ما هي  الامكانات والقدرات العسكرية الكردية وماذا عن خطط الدعم والتمويل والتدريب العسكرية الصهيونية؟ هل لأكراد ايران وسوريا دور في المشروع الحالي؟ وماهي التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه مشروع اعلان الدولة الكردية؟ هذا ما سنتحدث عنه لاحقا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سعود الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/03



كتابة تعليق لموضوع : الدولة الكردية الامكانات والتحديات (1ــــ 2)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net