شرقي و قلم التحبير
اسراء البيرماني

 . - قد لا تعجبك رؤيتي للحياه من منظاري الخاص 

قالتها له وهي تحاول ان تفصل بعض الأوراق و تعيد ترتيبها على مكتبها المبعثر فيما كانت قد وضعت فنجان قهوتها على مقربه منها فكانت ترتشف منه بين الحين و الاخر متجاهله وجوده بعض الشي 

حل الصمت في المكان و انشغل الاخر متظاهرا بتصفح مجلة قديمة العدد كانت  ملقاة على طاولة امامه وبعد تأمل نطق :-

 قد يكون من الضروري ان اعرف منظارك الخاص ماذا يرسم من أفكار . و -

رمقته بنظرة غير مكترثة و عادت منشغلة بأوراقها فنطقت :-

- و ماذا بعد .... اكمل .. انا اصغي اليك  -

 حسنا لم نختلف ... -

كانت قد ادركت سبب حضوره الغريب الى مكتبها رغم انها لا تعرفه الا ان من الواضح هو خاطب جديد ! فأستغلت ذكائها و بدأت تحدثه :-

- - الشرقي بكل ملامحه صياد أحمق يتصدر رجال العالم في البحث عن الجغرافيه فقط ، فهل لديك أدنى فكره عن الجغرافيه ؟

. فلسفتك تضيع وقتي فأجد نفسي منهكا في ان اجذب طرفي حبل مقطوع بيني و بينك -

 - حسبتك أحذق من هذا و انت تملأ جدران مكتبك بشهادات في اختصاصات شتى ، أتراها ماهي الا ورقه و إطار. 

 - الشرقي ، الشرقي ، الشرقي وانت ؟؟ هل تمت جذورك بصلة للإنكليز مثلا ، الم يكن أباك شرقي و جدك شرقي ، اي حقد تكنينه للشرقي و اي حرب تشنينه عليه ... الم يكن الشرقي ساحركن الوسيم ؟

 تضحكني حقاً ! لا تزال متقوقعا في قوقعه جدك الأسمر وقتما كانت جدتك احدى جواريه -

. جدي إمبراطور شرقي و تعدد زوجاته ليس عيبا او حرام -

 - هل سألته يوما فيما لو كان عادلا بينهن ؟ هل سألته يوما فيما لو كان هناك سببا للتعدد غير انتاجه للنفوس ، هه ... لتدير ثروه طائلة و مزارع عمل فيها اقطاعيا في عصر ذهبي انتهى به الى صوره كبيره تملا جدار صاله فارهه. 

 - و مجد تليد و سمعة لامعة على مدى اجيال و اجيال من حفدته فما صنع جدك وقتما كان قاضيا في محاكم استئناف أوربا ؟؟

 - صنع مجلدات في القانون الدولي جعلوها منهجا يدرسه احفاد جدك في الجامعات وحقق الثروة و منزلا لامعا كالذهب كنت انا احدى انتاجاته ، وقتما كان جدك مشغولا يفكر كيف يبلغ عدد أولاده رقما قياسيا ليدخل به مجموعة غينس. 

- تستفزينني فتضج عروقي بدم شرقي قان ،، أن كنت تعرفين شيئا عن غيرة الشرقي الذي تمقتين ....  لم عدت الى الشرق اذن ؟ هل طردتي من احضان بلد الغربه الأهوج ام انتهت بك صراعاتك لجذور تنكرت لها و اكتفيت بزيف خادع؟

 - عدت أسفا عليك لانتشل فكرك من عصبيه الجاهليه المتمردة ، من صراع يقتل خلايا  رأسك كوني أساويك و انا أمراه فيكف لي ان وصلت ؟ من محدودية ضيقه تكاد تصورني لديك  ما انا الا سلعة ابتاع باي ثمن كان ، من فكره حقيرة تجعلك تعتقدني أداه للأنجاب و الطهي و الغسيل ليس الا  انا لست كما تعتقد أيها السيد .. انا فكر و رأي ووجود ، فتحرر من قيودك التي خلفها بك جدك وقتما كانت جدتك تغسل قدماه بحوض ماء فاتر. 

لست كما تعتقدين -

- حسنا سأتأكد من ذلك .

. و انا جاهز -

سحبت من أحد الرفوف لفافه كبيرة من الورق أعد لرسم الخرائط وقامت بتثبيتها على لوح عريض واستخرجت قلم التحبير من حقيبتها و رسمت في نقطة صغيرة في وسط الورقة ، فيما كان ينظر اليها باستغراب بابتسامة ساخرة مستغربا من أفكارها! 

و اخيراً نطقت منهمكه:- 

ماذا ترى هنا ؟ ( و أشارت الى اللوح) والان ... -

- ارى نقطه سوداء في ورق ابيض . ما الغريب في الموضوع ؟

قهقهت بضحكه عميقه انبعث من داخل قلبها و اجابته:- 

 - ابدا لا غريب في الموضوع ، غير انك شرقي ... أتدري منحتك من وقتي الكثير ... بلغ تحياتي لوالدتك التي لم تراني الا في حفل عرس قلها انها صفقه خاسره ليس الا  

 ما بك ؟؟ أتعانين من شي ام ماذا ؟-  

 - أعاني حقاً .. أعاني من شرق مهووس بتقاليد الجاهليه الغبية و عقول ضجت بطقوس حمقاء تفشت كالطاعون ... ها انت أغفلت عن بياض شاسع ناصع و شغلتك نقطة صغيرة تكاد تنعدم فيها الابعاد . 

 - لما لا تعودين لغربك المتحضر علك تجدين نفسك اكثر ؟

 - الغرب الذي تتحدث عنه علمني ما لم تتعلمه انت من شرقك فمنحت اصالة شرقك للغرب و بقيت انت هكذا قشرة مكتسبة من الغرب ... و الان سأردد جمله جدي الشهيرة في مواقف كهذه فكان يقول رفعت الجلسة ... فما كان جدك يقول ؟ 

. كان يقول في امان الله -

الموضوع السابق قصص قصيرة جداً

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat