صفحة الكاتب : معمر حبار

عبادة الأشخاص
معمر حبار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

احترام الرأي فضيلة، ترفع صاحبها، وتزيده وقارا. واحترام الرأي المعارض من الآداب، التي تميّز القوي عن الضعيف، والمتحضّر عن المتخلف.

ومادامت العبادة لرب العالمين، فلماذا يُعبدُ شخص بذاته؟، ويهان غيره، ويسب ويشتم؟.

إذا تحدّث المرء في أمر، قيل له، ويحك كيف تناقش "المعصوم". ومن تكون، حتى تدلي برأيك، أمامهم؟.

وإذا طرحت قضية للنقاش، وأدلى برأيه، قيل له، كيف تناقش فلان وفلان، وقد زكاه فلان وفلان.

وكل يضع خطوطا بألوانها، أمام من اتّخذه "إلها !!" . فهو في نظره يُطاع ولا يناقش، ويُسمعُ له ويُنفذ رأيه. والويل لمن خالفه الرأي، ولو كان مخطئا بيّن الخطىء.

ومن المصائب التي ابتلي بها المجتمع، أن فلانا إذا تحدث في الفيزياء، والرياضيات، والرياضة، والعلوم الدقيقة، وعلم الفلك، وفي أمور أخرى لايتقنها ولا يحسنها، وجب على المرء أن يمتثل لها، ويطبقها في حياته، دون مناقشة تذكر، لسبب بسيط، أنها صدرت من فلان، ولو كان المناقش أعلم منه وأرسخ في القضية التي طرحت، كأن يكون المناقش متخصص في علم الفلك، أو الفيزياء.

خلال هذا الأسبوع، قال الأول، أن الأرض ثابتة، وقال الثاني، الأرض ليست ثابتة. فاتهم الثاني بكل أنواع الجهل، وقيل له.. هل جننت، كيف تخالف من قال أن الأرض ثابتة !!.

لو بقيت المسألة في المساحة المخصصة للنقاش، لهان الأمر، ولقيل هذا رأي، وهذا رأي. لكن لماذا الاتهام في مسألة لاتستحق كل هذا الاتهام.

ثم إن المسألة، مسألة علمية فلكية، ونسبة الخطىء في علم الفلك، ضئيلة جدا، تكاد لاتذكر ، فالتعرض المسألة على علماء الفلك، فهم أدرى من غيرهم في هذا الجانب، وباستطاعتهم أن يزيلوا الخلاف.

ليس من العلم ولا الآداب، أن يظل المرء أسير شخص في كل القضايا والمسائل، ولا يناقش صاحب الرأي والفكرة، رغم أن الفكرة تتولد بالمناقشة، ويتضح شكلها ومسارها وعمرها، عبر الأخذ والرأي.

إن مناقشة الرأي التي نتحدث عنها، تلك التي لاتستثني أحدا، مهما كان في العلم والدرجة والمنزلة. فكل يأخذ منه ويرد، إلا صاحب هذا المقام الرفيع، صلى الله عليه وسلم.

إن المجتمعات المتخلفة، مازالت تعاني كبح الرأي وفرض الرأي. وكلما فرض رأي بالقوة والتهديد، كلّما زال رأي آخر بالقوة والتهديد.

وقد أثبتت الأيام، أن الأفكار تتعدى التهديد والمنع، وأن معول الهدم، أضعف بكثير من أن يحطم فكرة مخالفة، أو يبني فكرة مؤيدة.

إن القداسة لايملكها أحد، وكذلك الرأي والأفكار، فهي تستمد قوتها من ذاتيتها، ولا يمكنها بحال أن تستمد ديمومتها من صاحبها. وبما أنها قد تتعرض للنقد، فالتترك لها فرصة المناقشة، فقد يصحح صاحبها أخطاءه، وتصبح أكثر ضياء وصلابة.

إن منع الناس من إبداء الرأي، بحجة فلان وفلان، يحرم الرأي من التقويم والتصحيح، ويجعل الأجيال القادمة، يتعاملون مع الأخطاء على أنها مسلمات، لأنها صدرت من الجهة الفلانية، أو فلان.

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


معمر حبار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/06/30



كتابة تعليق لموضوع : عبادة الأشخاص
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net