كوارث في إمتحانات البكالوريا !
علي حسين الدهلكي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الدهلكي

لم تشهد الامتحانات المركزية للصفوف المنتهية وغير المنتهية او ما تسمى بـ (البكلوريا ) مهزلة واستخفافاً كالتي شهدتها الامتحانات لهذا العام .
حيث اتفق الجميع طلبة وأولياء امور ان تلك الامتحانات شابها الكثير من الخروقات والفساد والتلاعب .
وهنا يتوجب علينا ان نكون منصفين ونناقش الامر من ثلاث محاور
الاول : الاسئلة الامتحانية
والثانية : الخدمات المقدمة للطلبة الممتحنين
والثالثة مراكز التصحيح او ما يسمى بـ (الكنترول )
فالأسئلة الإمتحانية لم تكن بالمستوى المطلوب علميا ونفسيا حيث اتفق اغلب الطلبة على انها كانت اسئلة صعبة وغير مهنية وبعيدة عن التوازن في الاهتمام بالمواضيع المهمة بل كانت اسئلة محيرة تقبل التأويل والتعددية في الاجابة دون ان يكون هنالك جواب موحد ومركز .
والطامة الكبرى في تلك الاسئلة انها تضمنت اسئلة خاطئة تم تبليغ الطلبه بالأخطاء الحاصلة فيها اثناء الامتحان وهي ما يمكن اعتباره وصمة عار في جبين من وضع الاسئلة .
حيث تؤكد هذه الاخطاء ان وضع الاسئلة لم يخضع للجنة المراقبة التي يجب ان تضم خبراء وفطاحل المادة المراد الامتحان بها بل انها قد وضعت من قبل اساتذة لم يمتلكوا المهنية العالية بهذا الشأن .
ونحن متأكدون ان هنالك من سيخرج علينا من المعنيين ليتهمنا بشتى التهم ويكذب الامر ويصفنا بمختلف الاوصاف ولكن هنالك قاعات امتحانيه وهنالك طلبة وهنالك اسئلة نستطيع من خلالها وببساطة من معرفة واستقراء اراء الجميع ليتبين الغث من السمين .
اما بيع الاسئلة فحدث ولا حرج حيت تم تسريب الاسئلة بشكل علني وبأوقات مختلفة ووضع لكل وقت سعراً فالأسئلة التي تباع بعد منتصف الليل ولحد الخامسة صباحا تراوحت اسعارها من 2000-500 دولار ثم تبدأ الاسعار بالهبوط مع تقادم الوقت حتى انها بيعت بمبلغ 5 ألاف دينار قبل دخول الطلبة لقاعات الامتحان بنصف او ربع ساعة .
وهنا نتساءل كيف تسربت الاسئلة ؟ ومن يقوم بعملية التسريب ؟ وكم هي المبالغ التي جمعها القائمون على عملية التسريب ؟ وما هي الطرق والوسائل التي استخدمت لتسريب الاسئلة ؟ كل هذه الاسئلة يجب ان يفتح بها تحقيق معمق وبإشراف مباشر من السيد وزير التربية وهيئة النزاهة للوقوف على اسبابها ومسبباتها لتلافي حصولها في المستقبل .
اما الحديث عن الخدمات التي قدمت للطلبة الممتحنين فهذه مأساة بكل معنى الكلمة لأنه وبحسب ما تناولته تصريحات المسؤوليين في التربية ان الطالب الممتحن يقدم له اثناء فترة الامتحان قنينة من العصير وبسكويت وكمية غير محدودة من ماء الشرب المعبأ بقناني .
ولكن الذي حصل انه تم تقديم قنينة واحدة من الماء لكل طالب فقط ولفترة ثلاث ساعات وهنالك من لم يقدم لهم حتى الماء وهذا نوع من الحرب النفسسية وأنا مسؤول عن كلامي .
كما يعد هذا الامر سرقة وفساد مالي لأننا سنقف امام مصير الاموال التي خصصت لتقديم الخدمات ولماذا استكثر البعض تزويد الطلبه حتى بقنينة ماء ؟،
وهذه ايضا يجب ان يفتح بها تحقيق من قبل السيد وزير التربية وهيئة النزاهة ؟.
اما الكنترول او ما يقصد به (الاماكن المخصصة لتصحيح الدفاتر الامتحانية) فهذه احدى الكوارث الخطيرة التي يجب الوقوف عندها كثيرا .
فمعظم الاشخاص القائمين بتقييم الاجابة على الاسئلة هم ليسوا من ذوات الاختصاص وقد نجد عذرا لهذا الامر بان عدد الاختصاصيين لا يتناسب مع عدد الممتحنين ولكي تتم العملية بيسر تم اللجوء الى هذا الحل ،
حيث توضع امام من يقوم بتقييم الاجابات حلول مثالية او نموذجية للإجابة ، وهذا الامر يقع فيه ظلما كبيرا لان الطالب قد يكون درس المادة بطريقة اخرى والنتيجة واحدة ولكن الاجابة الموضوعة لدى الكنترول تختلف من حيث الفحوى وتتطابق من حيث الهدف .
وهنا سيرتبك الاستاذ القائم بالتصحيح لأنه لا يملك المعلومة الكافية عن المادة لكونه مختصا بمادة اخرى بعيدة كل البعد عن ما يقوم به في الكنترول اذ ليس من المعقول ان يقوم استاذ مادة الرياضة بتصحيح اسئلة مادة الكيمياء .
كما لم يخلو هذا العمل من الفساد المالي حيث اثيرت في العام الماضي قضية قد تبدو نوع من السرقة اللا اخلاقية واللا انسانية حيث قام بعض ضعاف النفوس في الكنترول باستغلال اجابات الطلبة المتميزين وتنسيبها الى طلبة اغبياء بعد الاتفاق معهم على مبالغ مالية كبيرة حيث تتم عملية السرقة بالشكل الاتي:
يقوم احد العاملين بالكنترول بنزع الغلاف الرئيسي والذي يكتب فيه اسم الطالب ورقمه ألامتحاني والمدرسة للطالب المتميز ويضع بدلا عنه غلاف لطالب غبي فتصبح اجابة المتميز محسوبة للغبي والعكس صحيح وهكذا يظلم الطالب المتميز وتضيع حقوقه وجهوده واجتهاده لقاء حفنة دولارات قذرة يقبضها من لا ضمير له .
وقد قامت وزارة التربية بحل هذه المشكلة من خلال الدفتر الالكتروني الذي يحمل كودا خاصا حيث لا يمكن ازالة الغلاف لكون الكود سيتمزق ولا يمكن الاستفادة منه .
وبعد تجاوز هذه المعضلة لم تنهي حلقات الفساد فقد قام نفر من الضالين الجاحدين من العاملين في الكنترول بعرض خدماتهم لبعض الاقارب والثقاة تتمثل بقيامهم بالكتابة في دفاتر ابناء من يدفعون لهم بعد فتح وقراءة الاسم بطريقة يعرفونها هم ووضع الحلول الصحيحة للأسئلة لكونهم يمتلكون الحلول وبذلك فهم يحصلون على درجات عالية لا يستحقونها وتتم هذه العملية مقابل 500 دولار لكل مادة .
اننا نضع هذه المسائل الخطيرة الخاصة بامتحانات البكالوريا امام السادة المعنيين وأولهم السيد وزير التربية محمد هميم ليقوم بالتحري عنها وكشف ملابساتها لأننا لابد ان نعترف بان هنالك جهود كبيرة بذلت وما زالت تبذل من قبل وزارة التربية للنهوض بالواقع التربوي.
وقصدنا من كل ما كتبناه ليس التشهير او الانتقاص من عمل الوزارة بقدر اهتمامنا بتشخيص الظواهر السلبية ليتم تداركها مستقبلا لأننا جميعا نطمح بمستوى تعليمي وتربوي يرقى لمصاف الدول المتقدمة ونحن قادرين على ذلك اذا ما تم التخلص من الشوائب والطفيليات التي تعيق مسيرة تقدم الجانب التربوي .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat