فيتو تركـي على اياد علاوي لتسلم رئاسة الوزراء
د . زاهد عبدالله الساعدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . زاهد عبدالله الساعدي

لا يخفى لكل مطلع على تاريخ العراق السياسي منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة بعد سقوط الدولة العثمانية السنية التي إحتلت العراق قرابة خمسمائة عام وحكمته على أساس طائفي حقود وقتلت ما قتلت من علماء الشيعة مع تهميش كامل لشيعة العراق وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة البسيطة من التعليم والتوظيف في الدوائر مع وضعها خط أحمر دم أمام إسم كل شيعي لأن ينتمي الى المؤسسة العسكرية التركية، وكانت نتيجة هذه السياسة الطويلة الأمد أن إستولى على مقدرات الشعب العراقي حفنة من الضباط العسكريين الذين كانوا ينتمون الى المؤسسة العسكرية للدولة العثمانية وهم من مكون معين ومعلوم، وبقيت حفدة وأسباط أولئك الضباط يتلاعبون بمقدرات العراق شعبا ووطنا ودولة ومؤسسات وإقتصاد قرابة قرن كامل من السنين، وهؤلاء قد جعلوا البلد بستانا لهم في الماضي، وغنيمة لهم اليوم، ويعتبرونه ملكا لهم قد ورثوها من الأجداد العثمانيين ولا يحق لأي مكون آخر بالاشتراك معهم في أية غنيمة.
وما سقطت الدلوة الطائفية في العراق بقدر قادر نيسان 2003 عادت الدولة التركية كحليمة الى عادتها القديمة تسعى لبسط نفوذ مكون معين في بناء الدولة العراقية الحديثة في القرن الواحد والعشرين، وأتصور لم ولن ينس كل الشرفاء من ابناء الشعب العراقي المؤتمر الطائفي الحقود الذي أقيم في اسطنبول عام 2004 حيث أعلن من خلاله صاحب الرجفة عدنان الدليمي أنهم طائفيون بملأ فيه من على شاشة الجزيرة الضارية.
وحيث يطول المقام في توضيح الدور التركي ولعبه على مختلف الحبال وبتصريحات معسولة من قبل المسؤولين الأتراك من قبيل (ان تركيا تنظر بعين واحدة لكل مكونات الشعب العراق من دون تمييز) ويتصورون انهم يمررون سياساتهم الطائفية على الشعب العراقي.
ونحن نعيش اليوم حيث محاولات وسعي الكتل السياسية الفائزة لتشكيل الحكومة العراقية نلاحظ البرمجة الدقيقة للتدخل التركي في تشكيل الحكومة العراقية، ودعمها لأفراد معينين لاستلام مناصب سيادية عليا في قمة هرم السلطة في العراق.
ولا يفوتني هنا من أن أسجل الدور التركي الهام والمخفي جدا في إجراء عملية الانتخابات الماضية وكيف تمكنت من إمرار مخطط معين من قبل السعودية ومصر (الحلفاء الثلاث سعويدة مصر تركيا)، ولا سيما تمكن الحلفاء الثلاث من إقناع امريكا في تنظيم دورة تعليمية لمسؤولي الانتخابات في اسطنبول وتعيين من يريدونهم سواء في داخل الوطن او في المناطق الانتخابية الموافق عليها في خارج العراق وما أدت الى النتيجة المعلنة من قبل المفوضية العراقية العليا(غير النزيهة) للانتخابات والتزوير الذي حدث جهارا نهارا.<br>
واليوم تلعب تركيا بكل ما أوتيت من قوة لأن يتسلم طارق الهاشمي او من يماثله في الفكر والسياسة منصب رئاسة الوزراء، وقد أبلغني السيد ضيائي المستشار السياسي في مكتب رجب طيب أردوغان قوله: (أن تركيا لا تقبل بعلاوي رئيسا لوزراء العراق لأنه شيعي وأن تركيا تؤمن بأن مسؤول الجهة التنفيذية في العراق يجب ان يكون سنيا، ولا نقبل بحال ان تتغير المعادلة السياسية في العراق باعتبار ان العراق يعتبر في نظر القيادة التركية الحالية ورثة الدولة العثمانية، وهذه سياسة استراتيجية لايمكن التنازل عنها) واضاف ( أن مسؤول رفيع المستوى في المخابرات التركية المعروفة بـ{ميت} قد أبلغ علاوي بلغة دبلوماسية رفيعة المستوى هذا الموضوع ولا ندري هل إستلم علاوي الرسالة أم بقي على غبائه الملحوظ).
أنني شخصيا أفهم من هذه الخطوة الواقعية للسياسة التركية ان الحلفاء الثلاث قد استعملوا اياد علاوي ومعه عدة من الجحوش الشيعة لتمرير مخطط إعادة السلطة في العراق الى مكون معين بواسطة الانتخابات وباسم الديمقراطية تحت يافطة القائمة العراقية، وبمجرد ان يستلموا القرار السياسي والعسكري تبدأ سياسة البطش والقتل والاغتيالات حتى يصفى الجو كاملا لهم من جديد.
ولأجل ذلك كله قرأ كل متابع التصريحات المختلفة وبعناوين متعددة من قبيل(القائمة العراقية لاتريد علاوي رئيساً للوزراء تجنباً لحرمان أبناء الطائفة السنية من المناصب السيادية، أو: كما نقله موقع إيلاف المعبر عن الموقف السعودي المصري التركي دوما ما نصه بقلم عبدالرحمن الماجدي من دمشق: [أن الهامشي أبلغ بايدن أن منح علاوي رئاسة الحكومة العراقية يعني حرمان بقية مكونات القائمة من فرص الحصول على أي منصب سيادي. وسيمنح بقية المناصب السيادية لائتلاف دولة القانون والوطني ما يعني حرمان أبناء الطائفة السنية من حقهم في تلك المناصب. واكد السياسي العراقي الذي يزور العاصمة السورية زيارة \"شخصية\" وجود خلافات داخل العراقية حول أحقية الكتل فيها لمناصب وزارية كرئاسة البرلمان ووزارة الخارجية ومنصب نائب رئيس الجمهورية ونائب رئيس الوزراء حيث يسعى كل من رئيس كتلة \"تجديد\" طارق الهاشمي لمنصب رئيس البرلمان او نائب الرئيس العراقي ومثله رئيس كتلة \"عراقيون\" أسامة النجيفي للمنصب ذاته]، او ما نشره موقع شط العرب بتاريخ 28/08/2010م ما نصه: (كشف سياسي عراقي قريب الصلة بمفاوضات تشكيل الحكومة العراقية عن رفض قادة في القائمة العراقية ترشيح رئيس الوزراء السابق أياد علاوي لرئاسة الحكومة العراقية). وحقيقة الأمر أن أساس هذه التصريحات والقرار السياسي بنيت في داخل أروقة الحكومة التركية بالتعاون مع السعودية ومصر وسوريا البعث أخيرا.
فعليه على شرفاء العراق وبلا استثناء من الشيعة والكرد والعرب والتركمان وبقية المكونات ان يتلاحموا أكثر وأكثر في هذا الوقت الحساس من عمر العراق لكي لا يعود الحكم الطائفي من جديد، وقد أعذر من أنذر. والله من وراء القصد.
من القاهرة
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat