صفحة الكاتب : مير ئاكره يي

العدالة الاجتماعية والمساواة القانونية - 4 بحث موجز في علم الاجتماع
مير ئاكره يي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في رسالته التاريخية الهامة يوضح الامام علي [ رض ] لواليه على ولاية مصر الأشتر النخعي أبعاد وقضايا رائعة ومهة جدا في مجالات الاجتماع والادارة والعدل ، وكيفية تصرّف الوالي مع المواطنين . يقول الامام علي ؛ [ أنصف الله وأنصف الناس من نفسك ، ومن خاصة أهلك ، ومن لك فيه هوى من رعيّتك ، فإنك إلاّ تفعل تظلم ، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده ، ومن خاصمه الله أدحض حُجّته ، وكان لله حربا حتى ينزع ويتوب ، وليس شيء أدعى الى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم ، فإن الله سميع دعوة المضطهدين ، وهو للظالمين بالمرصاد .
وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق ، وأعمّها في العدل ، وأجمعها لرضى الرعية . فإن سُخط العامة يجحف برضى الخاصة ، وإن سخط الخاصة يُغتفر مع رضى العامة ] ! . ( 8 )
الشرح  :
____ 
في هذا النص الرائع في علوم الاجتماع والسياسة والادارة للامام علي يبين لواليه على مصر الأشتر النخعي أنه عليه أن ينهض بالواجبات الدينية حسب النقل [ أي القرآن الكريم والسنة النبوية ] والعقل أيضا ، وهذا هو الانصاف في الله سبحانه وتعالى . ثم بعدها يطرح الامام معضلة كبيرة تعتبر من أهم وأبرز وأكبر المعضلات للحاكم والحكم السياسي في الماضر ، كما الحاضر وهو إنصاف الحاكم لنفسه وأهله وأقرباءه وأصدقاءه . وهذا معناه إنه على الحاكم أن يكون عادلا ومقسطا في حكمه ، بحيث أن لايكون همه وهدفه هو نهب الثروات وكنز أموال المجتمع وموارده ، لأن ذلك هو خلاف للعدل وخيانة لله تعالى وللأمانة وللمجتمع . بالاضافة على الحاكم أن لايتأثر بالقرابة والنسب وسائر العواطف كأن يستوزر أخاه ، أو إبنه ، أو عمه ، أو خاله ، أو غيرهم من قراباته فيوزع عليهم بالمجان ، وعلى رغم المجتمع المناصب والمشاغل والمسؤوليات والثروات المجتمعية ! .
وإن فعل أحد من الحكام ذلك فقد ظلم وطغى وآستبد ، ومن ظلم العباد [ أي الناس ] كان الله سبحانه عدوّه وخصمه ، ومن خاصمه الله تعالى أدحض حجته ، وفي هذا فهو سبحانه في حرب مع الحاكم الظلم النهّاب المستبد ، الى أن يتوب ويرتدع فيرجع عن جوره وظلمه وإستبداده . وعن سرقته ونهبه لأموال المجتمع التي أتمن عليها ، لكنه خان العهد والميثاق والأمانة ، ولم يراعيها حق رعايتها . ثم يشير الامام علي الى أن الظلم والاستبداد والطغيان للحاكم قد يُعجّل في إنهيار حكمه ، وانه أيضا يُسرع في إزالة الرخاء والنعم ، لأن الله تعالى يرفض الظلم ويمقت الظالمين ، وهو بلا شك مع المضطهدين والمظلومين والمكروبين والمعتدى عليهم من قبل الحاكم الفاسد المستبد وحكمه الفاسد الطالح ، وإنه تعالى يسمع دعواتهم وإستغاثاتهم وآهاتهم ، وإنه سبحانه عليم بما يجري لهم من مظالم وكوارث . لهذا فإن الله جل شأنه بالمرصاد لكل رئيس وحاكم لايحكم بالعدل والقسط والمساواة ! .
وبعدها يوضح الامام علي بأنه يجب على الحاكم أن يتوسط في الحق بدون إفراط أو تفريط . وهذا بالحقيقة مصداق قول سيدي رسول الله محمد [ ص ] الذي قال : [ خير الأمور أوسطها ] . وهكذا يستمر الامام على في توضيحاته الهامة لواليه ليبين له ؛ إنه يجدب أن يكون أحب الأمور لدى الحاكم هو تعميم العدل ونشره وكسب رضا المجتمع ومحبته ، لأن سُخط الأكثرية منه قد يُجحف برضا الأقلية ، لكن سخط الأقلية يغتفر ويُستسمح ، وله علاجه وحله وهو ؛ كسب رضا الأكثرية والسواد الأعظم من المجتمع ، مع جلب ودّهم ومحبتهم . وفي هذا يقصد الامام علي بأنه لاينبغي جعل المجتمع ومصيره وكرامته وحقوقه وثرواته فداء لأقلية مُتخمة بالفساد والإفساد والظلم والثراء الفاحش ، بل لعمر الحق فإن العكس هو الصح والصواب لادارة المجتمع على أسس العدل والاعتدال والقسط والمساواة القانونية .
أما العدالة التصحيحية التي بسطنا الحديث عنها آنفا من هذا البحث فهي تتعلق بشكل أبرز بإعادة الحق المنتهك والعدل المُنتقض والقسط المكلوم الى نصابه وحوزته ، وكذلك الحقوق المهدورة والمهضومة الى أهلها وأصحابها . لذا فإن العدالة التصحيحية تقتضي إجراءات قانونية نشطة ، والى إجراءات مؤسساتية ذي فاعلية لتصحيح ما آنتقص من أوجه العدالة .
وفي هذا الموضوع يذكر الدكتور إحسان محمد الحسن بأن العدالة التصحيحية : [ تتطلب وجود سلطة حاكمة قوية تُشرف عليها وتُنفّذ أحكامها ومبادئها ، وتعني العدالة التصحيحية تصحيح الضرر الذي تعرض له المواطن والناجم عن إعتداء شخص آخر عليه ، أو إعتداء مؤسسة ، أو جماعة على حقوقه  .
وتتم هذه العدالة التصحيحية في دور العدالة ويُشرف عليها القضاء والمحلّفون ، كما يمكن أن تتم هذه العدالة في المجتمعات المحلية التي يُشرف عليها قادتها ومُدراؤها . فالاعتداء على حقوق الفرد الذي يتمثّل في سرقة أمواله وإستعمال القوة والعنف ضده وتلف ممتلكاته المنقولة وغير المنقولة وتجريح شعوره ومضايقته في عمله ، أو مكان سكنه ، أو قتل أحد أفراد عائلته .. الخ من الأفعال التي تضر بالآخرين وتسيء إليهم لايمكن معالجته إلاّ من خلال العدالة التصحيحية . هذه العدالة التي ترد الاعتبار اليه ، وفي الوقت ذاته تردع الآخرين من القيام بنفس العمل المشين  ، ورد الاعتبار للضحية يكون من خلال التعويض وردع المعتدي وإنزال العقاب الصارم به ، هذا العقاب الذي يستحقه ، والذي يضع حدا لاعتداءاته وتجاوزاته على الآخرين ] ! . ( 9 )        


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مير ئاكره يي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/04/04



كتابة تعليق لموضوع : العدالة الاجتماعية والمساواة القانونية - 4 بحث موجز في علم الاجتماع
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net