صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

اعدام السيد المسيح بين الشك واليقين . الحلقة الأولى.
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لا نريد نقاش مسالة اعدام السيد المسيح هل صح او خطأ هل تم صلبه او لا. بل سوف نقوم بدراسة الاشياء التي سبقت اعدامه والتي جاءت على ذكرها الاناجيل الحالية ، ومن خلال هذه الدراسة سوف تتضح الحقيقة انشاء الله. 
 
من البديهي أن مسألة إعدام السيد المسيح (وصلبه) عند النصارى تكاد تكون من أهم العقائد التي يؤمنون بها إطلاقا ولربما أهم من مسألة التثليث لأنها تمثل جوهر النصرانية بالنسبة إلى عقيدة الفداء والتضحية ، ولولاها لما كان لمسألة إعدام السيد المسيح أي معنى سوى أن اليهود تآمروا عليه وقتلوه بهذه الطريقة البشعة على حد زعمهم ـ:
 
فما يعتقده النصارى حول أسباب صلب السيد المسيح هو أن الله تعالى رأى أن يقدم أبنه الوحيد ذبيحة فداءا عن الخطية أو جريمة عصيان آدم أوامر الرب والتي بسببها دخل الموت إلى الجنس البشري كل ذلك جراء فعلته الشنعاء في الجنة هو وزجته التي تواطأت مع ابليس وخدعته ، فجاءت ذبيحة السيد المسيح قربانا عن الجنس البشري لرفع خطية الموت عن كاهل البشر ، ومنحهم الحياة الأبدية في الفردوس الأرضي أو السماوي وبالتالي فإن هذه التضحية هي التي أعادت البشر إلى الجنة مهما فعلوا في حياتهم الأرضية من جرائم وموبقات ومحرمات ، فقد تحمل عنهم ذلك السيد المسيح ، وما دام النصارى يأكلون لحم السيد المسيح ويشربون دمه (1) في كل قداس فهم معفيون من ضرائب الجرائم التي اقترفوها في حياتهم الأرضية . 
 
على أي حال ، عقيدة بهذه الأهمية يجب أن لا يدور حول فصولها الشك وخصوصا حول أهم فصل من فصولها ( الحاكم الذي حكم على السيد المسيح بالإعدام من هو) ؟؟ ما اسمه ما شكله في أي زمن كان ، وكل هذا الاختلاف إنما جاء عبر فصول الإنجيل الذي وحسب رأي أتباعه : ازالة السماوات والأرض اهون من ازالة نقطة من الانجيل!!
 
فماذا يقدم لنا الإنجيل حول شخصية بيلاطس ؟ 
 
(بنطيوس بيلاطس) شخصية يعتقد أنها تاريخية لها وجود دارت حولها الكثير من التساؤلات . فبعض المفكرين المسيحيين اعتبروه قديسا وضعت تماثيله مع تماثيل القديسين في أروقة الكنائس وبالتالي يجب أن يشمله دعاء القداس كبقية القديسين ! وأن زمنه يعود إلى فترة متأخرة عن فترة السيد المسيح بسنوات طويلة. حيث لازلنا نرى تمثاله في أورقة الفاتيكان تشمله عناية البابا بالدعاء في كل صلاة . 
 
وبعض فلاسفة المسيحية يعتبرون بيلاطس غير موجود وإنما هو رمزا إلى الضعف البشري أو مثالا للسياسي الذي يكون على استعداد للتضحية برجل واحد من أجل المحافظة على امتيازاته السياسية . وبالتالي فإن شخصية بيلاطس خيالية حالها حال الأمثال الخيالية الكثيرة التي توجد في الإنجيل. 
 
وفي قاموس الكتاب المقدس يعتبر الكثير من مؤرخي المسيحية أن (بنطيوس بيلاطس) لربما تكون شخصية حقيقية أو وهمية ولكن المهم أن اليهود في زمنه الصقوا به تلك التهمة التي لم يرتكبها على الإطلاق وذلك لأن روايات الرسل الأربعة متى ومرقس ويوحنا عن السيد المسيح إنما جاءت بزمن متأخر بعد وفاة السيد المسيح ، ولكن اليهود نسوا حقيقة أن الذي الصقوا به تهمة قتل السيد المسيح الوارد ذكره في الإنجيل إنما هو وال أسباني حيث يشير اسمه إلى انتمائه إلى قبيلة بونتي وهم نبلاء سمنيون من تلك المنطقة ، أما الوالي الروماني الذي حكم في فترة وجود السيد المسيح فهو من الأعيان الرومان عيّنه الإمبراطور الروماني طيباريوس سنة 26 بعد الميلاد. 
وكما يُعرف فإن حكّام الولايات الرومانية عادة رجالا من طبقة الفرسان . نبلاء أدنى مرتبة من الأرستقراطيين الذين يحق لهم العضوية في مجلس الشيوخ . وأما بيلاطس المتهم بقتل السيد المسيح ، فهو آمر كتيبة في الجيش متدني الرتبة كان مأمورا بجمع الضرائب غير المباشرة وضريبة الرأس التي كانت تؤخذ على اليهود في تلك المنطقة . وكما هو معروف فإن القضايا التي تستلزم عقوبة الإعدام كانت تحال إلى حاكم الولاية الذي يمثل سلطة الإمبراطور القضائية العليا . 
 
الأمر الآخر ـ إذا سلمنا جدلا بأن بيلاطس هو حاكم المنطقة التي أعدم فيها السيد المسيح ـ فإن مسألة إعدامه تبقى لغزا محيرا وذلك لأن كل القضايا التي تستحق فيها عقوبة الإعدام فإنها تحال إلى المفوض الإمبراطوري في سورية، وخذ مثالا على ذلك مسألة إعدام باراباس الذي بقي في السجن أشهرا عديدة حتى جاء أمر إعدامه من والي الإمبراطور في سوريا ، بينما يسرد لنا الإنجيل وقائع محاكمة وإعدام السيد المسيح بأنها جرت في ساعات قليلة من إعدامه في ولاية تابعة لمنطقة المفوض الإمبراطوري ؟! وهذا ما لا يحدث إطلاقا تحت ظل القوانين الرومانية الصارمة التي يرعاها مجلس الشيوخ . 
 
ومما يؤكد ذلك وأن السيد المسيح لم يتم اعدامه أو حتى لم يرد أمر بإعدامه ، ورود نص في الطبعة الأمريكانية من الإنجيل يقول بأن بيلاطس أرسل السيد المسيح إلى هيرودس ليحكم عليه لأن بيلاطس كان تابعا لهُ : (( وبعد أن تحقق أرسلهُ إلى هيرودس الذي كان هو أيضا في أورشليم في تلك الأيام فازدراه هيرودس مع جنوده الحرس وأرجعهُ إلى بيلاطس)) . هذا النص برمته اختفى من بقية الأناجيل ولم يرد له ذكر إلا في إنجيل لوقا وحده فتدبر !وهو يُشير وبكل وضوح إلى ان هيرودس لم يأمر باعدامه ولم يحاكمه بل ارجعه لانه رأى ان لا جرم للمسيح. 
فما هي الحقيقة إذن ؟؟ 
تعال معي للحلقة الثانية من البحث. 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوضيحات. 
1- في اشارة إلى ليلة العشاء الأخير التي امرهم فيها يسوع ان يشربوا من الكأس على انها دمه ، ويأكلوا من خبز الفطير على انه جسده وهي في إنجيل لوقا 22: 19، وكذلكرسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 11: 25 (واخذ خبز وكسر واعطاهم قائلا : هذا هو جسدي ... كذلك الكأس بعدما تعشوا قائلا: هذهِ الكأس هي العهد الجديد بدمي ).

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/05/23



كتابة تعليق لموضوع : اعدام السيد المسيح بين الشك واليقين . الحلقة الأولى.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net